كانت الأمنيات تسبق الكثير من التقديرات.. علق العرب الكثير من الآمال على وعود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قبل دخوله البيت الأبيض منذ عام. أغرتهم تلك الوعود بحرب لا هوادة فيها ضد "داعش" ومن يقاتلون تحت لواء جماعة الإخوان الإرهابية وأفكارها، ولم يلتفتوا لرسائل الغزل الصريحة التى أطلقها مراراً وتكراراً للوبى الصهيونى تارة وإلى تل أبيب تارة آخرى، والتى تعهد خلالها بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لينفذ قبل أن يطوى عامه الأول داخل البيت الأبيض تلك الوعود مع إعلان أحادى الجانب للقدس عاصمة دولة الاحتلال.
ترامب يؤدى اليمين رئيساً للولايات المتحدة قبل أقل من عام
اعتاد العرب مراراً الرسوب فى اختبارات الرهان على واشنطن فى كسر حالة الـ"لا حرب" والـ"لا سلم"، وتحريك ملف السلام. إلا أن السقوط فى ظل إدارة ترامب سيكون مختلفاً لا محالة، فالساكن الحالى للبيت الأبيض ، القادم من أروقة عالم البزنس يعرف جيداً كيف يعقد الصفقات، ويرفض كثيراً التراجع عن وعوده حتى وإن أرجأها ما لم يدرك بحسابات المصالح أن الخسائر ستفوق كافة الاحتمالات.
ترامب منح نتنياهو انتصاراً بلا معركة بإعلان القدس عاصمة إسرائيل
بمراوغات مفتوحة، وتسريبات متتالية من وسائل الإعلام الأمريكية، استطاع الرئيس الأمريكى على مدار الأيام الماضية وضع العرب أمام خيارات درامية.. مهد الطريق جيداً لقراره إعلان القدس عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للمدينة المحتلة، وفتح بعد قراره الجائر أبواب الابتزاز على مصراعيها، ليطالب قيادات المملكة العربية السعودية السماح بدخول الغذاء والوقود والمياه والأدوية للشعب اليمنى بشكل فورى، كما لو كانت المملكة تقف حائلاً دون ذلك، متغافلاً جرائم الحوثيون ، ودماء الرئيس اليمنى السابق المقتول على عبد الله صالح ، الذى لم يوارى بعد جثمانه الثرى.
ترامب مع الملك سلمان فى زيارة الوعود الزائفة بالحرب على الإرهاب
وفيما يصل الشارع العربى إلى نقطة الغليان، وفى وقت تطرق فيه الانتفاضة أبواب البلدة القديمة وكل شوارع وأزقة الضفة وقطاع غزة فى ثورة وشيكة ستجمع الفصائل أكثر مما ستفرقهم، بات مؤكداً أن الرهان على واشنطن فى احراز السلام خاسراً ، وأن الامل فى إدارة أمريكية منصفه بعيد المنال. وبات مؤكداً أيضاً أن الطريق إلى القدس العربية يمر من عواصم العرب أولاً، وأن البلاد التى سقطت فى دوامات الربيع العربى وما تلاها من نزاعات أهلية وعرقية، وتلك التى تقتل حكامها وتعجز عن حماية حدودها من أعداء الداخل قبل الخارج، لن تدفع ترامب إلى مراجعة قراراته ولو كانت كارثية، فلا مكان اليوم لسوريا التى كانت تقيم لها إسرائيل اعتبارات ، ولا موضع اليوم لعراق كان يملك من العتاد والسلاح ما يدفع واشنطن وتل أبيب إلى المراجعات ودراسات تقدير المواقف، ولا أثر اليوم على خرائط العرب لبلاد اليمن السعيد التى كانت قبل عقود صمام أمان دول الخليج، والحارس الأمين على خطوط التجارة عبر مياه البحر الأحمر، وحائط الصد ضد شرور الفرس ومؤامرات الإيرانيين.
صلاة فجر ربما لم تعد ممكن داخل المسجد الأقصى بعد وعد ترامب
ورغم القرارات الأمريكية ولو حملت من الظلم الكثير، إلا أن القدس ستظل ببطولات أطفال الحجارة وبرصاص بارودة المقاومة التى لا تغيير بوصلتها رشاوى رعاة الإرهاب فى قطر، ولا تضللها وشايات دعاة الفتن فى أنقرة، عربية رغم أنف ترامب، ورغم حقد نتنياهو ومؤامراته.. ستظل القدس عربية رغم الحصار متى كانت هناك دولة مصرية توحد الصفوف داخل البيت الفلسطينيى، ومتى كانت المملكة العربية السعودية معافاة من مؤامرات إيران ومناوشات الحوثيين.. ستظل القدس عربية رغم أنف ترامب متى استطاع العرب ـ كل العرب ـ توحيد صفوف الداخل والتخلص من خطر الإرهاب والتصدى لما تحاول أطراف الخارج صناعته من سيناريوهات الفوضى ومخططات التفتيت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة