* قسم التشريع يناشد المشرع بتنظيم الحق فى الإضراب بالنسبة للموظفين العموميين
* ضرورة إعادة النظر فى مواد العقوبات: لا يجوز تجريم أفعال لا تعد عدواناً على المتجمع
* القانون أسرف فى تجريم الكثير من الأفعال
* خلو القانون من الخدمات التى تؤديها صناديق "التدريب والتأهيل" و"تشغيل العمالة غير المنتظمة"
* مواد القانون تتعارض مع قانون الطفل
* خلو القانون من تنظيم حقوق والتزامات العمال الأجانب
* عدم وجود مبرر لحرمان صاحب العمل من التحقيق مع العمال وإثبات علاقة العمل
* ليس من العدل تحميل صاحب العمل بأجر لا يقابله إنتاج
* توقيع جزاء الفصل من الخدمة يجب أن يظل لصاحب العمل وليس للمحكمة العمالية
* خلو القانون من قواعد "المفاوضات الجماعية"
حصلت، «اليوم السابع»، على ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة على قانون العمل الجديد، الذى راجعه القسم فى ضوء أحكام المواد ذات الصلة من الدستور، وأحكام المحكمة الدستورية العليا، والاتفاقيات المتعلقة بالعمل، سواء على الصعيد الدولى أو العربى، والتى صادقت عليها مصر، والأحكام القضائية الصادرة فى هذا الشأن، وأعاده لمجلس الوزراء.
وراجع القسم مشروع القانون المقدم من وزارة القوى العاملة، بالتعاون مع وزارة العدل، ومواده الـ265، واستخرج ما يزيد عن 60 ملاحظة على مشروع القانون تهدد دستوريته، مشيرًا إلى أن الأحكام التى يتعين أن يتضمنها المشروع، يجب أن تكون غايتها إقامة علاقة متوازنة بين أطراف علاقات العمل، تنفيذًا للمادة 13 من الدستور، فتحفظ لكل طرف حقوقه، فلا يتم تقييد صاحب العمل فى ملكه إلا بما يكون لازمًا من القيود ولمصلحة الجماعة، ولا يثقله بالتزامات تضعف منتجاته فى مضمار المنافسة مع المنتجات الأخرى، فيعزف عن الاستثمار وينفر غيره بما يضر بالمصلحة العامة، ويتعارض مع التزام الدولة الدستورى بتشجيع الإنتاج، باعتباره أول السبل لزيادة الناتج القومى ورفعة الاقتصاد، ومن جهة أخرى يجب أن تحفظ الأحكام للعامل حقوقه لدى صاحب العمل، باعتباره الطرف الأضعف فى العلاقة، فتتضمن ما يكفل تقاضيه أجرًا عادلًا يكافئ ما ساهم به فى العملية الإنتاجية، فلا يحرم منه سخرة ولا ينتقض بعضه عسفًا فيثرى صاحب العمل على حسابه ظلمًا، ولا يتقاضاه إلا مقابل ما يؤديه فعلًا من عمل، ومن جهة ثالثة يجب أن تكون الأحكام كافلة للدولة حقها فى استمرار الإنتاج الذى يعد جزءًا من الناتج القومى وموردًا أساسيًا من موارد الدولة، متمثلًا فيما يؤديه صاحب العمل من ضرائب، ومن جهة أخيرة تكفل حقوق المواطنين فى استمرار تدفق المنتجات الملبية لاحتياجاتهم.
ووضع القسم ملاحظات عامة، أبرزها أن القانون لم يعرض على كل من مجلس القضاء الأعلى لأخذ رأيه فى النصوص المتعلقة بالمحاكم العمالية، والتحكيم والعقوبات، ولم يؤخذ رأى كل من المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والمجلس القومى لرعاية ذوى الإعاقة، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وطالب بأخذ رأى هذه الجهات لتعلق القانون بعملها، إعمالًا لأحكام الدستور والقانون.
كما أشار إلى أن مشروع القانون أسرف فى إنشاء المجالس العليا رغم كون معظمها برئاسة وزير العمل، حيث بلغت 5 مجالس بخلاف الصناديق والمجالس التنفيذية واللجان المركزية، وهى التى اعترضت عليها وزارة المالية، واقترح القسم دمج بعضها بقدر الإمكان ترشيدًا للإنفاق، كما طالب القسم بتنظيم العمل العرضى بالمشروع، حيث خلا القانون من تنظيمه.
ورأى القسم وجوب إعادة عرض المشروع على الجهة القائمة على إعداده لاتخاذ ما يلزم من تعديلات لتصويب المواد التى تعتريها شبهة عدم الدستورية.
وطالب بإعادة تدقيق المذكرة الإيضاحية المرفقة مع القانون، لما بها من أخطاء لغوية وورود بعض الأحكام المغايرة لنصوص مواد القانون ذاته، ومع ما يلزم إعادة النظر فيها لكونها ستكون أحد مراجع تفسير القانون حال صدوره.
وجاءت أبرز ملاحظات القسم على المواد المتعلقة بتنظيم «الإضراب السلمى» للعمال، والتى جاءت فى المواد من «200 وحتى 204» من مشروع القانون، ونظرًا للأهمية البالغة للإضراب فى الدستور والاتفاقيات الدولية فقد أجرى قسم التشريع دراسة مستفيضة لهذه الجزئية من المشروع، وذكر أن تعريف الإضراب السلمى كما جاء بأنه اتفاق جميع العمل أو فريق منهم على التوقف عن أداء أعمالهم بمقر العمل، للمطالبة بما يرونه محققًا لمصالحهم المهنية، بعد تعذر التسوية الودية، فى حدود الضوابط والإجراءات المقررة قانونًا»، ورأى قسم التشريع أن التعريف هذا «غير جامع ولا مانع» حيث إنه يفتقر لخاصتى «الجمع» و«المنع» فأما من ناحية كون التعريف «غير جامع» لأنه لا يعتبر إضرابًا التوقف عن العمل «خارج» مقر العمل، وأما من ناحية كونه «غير مانع» لأنه لم يضع حدًا محكمًا لسلمية الإضراب، كما أنه لم يبين كيفية التوقف عن العمل.
كما لاحظ القسم أن تعريف الإضراب فى مشروع القانون، جعل الإضراب السلمى يتم داخل «مقر العمل» دون بيان ضابط ذلك، خاصة أنه قد يتداخل مع أحد أشكال الإضرابات والتى تعرف بـ«الإضراب مع احتلال الأماكن» أو «الاعتصام داخل مقر العمل»، وهو ما انقسم حوله الفقه القضائى حول مدى مشروعيته بين مؤيد ومعارض، حيث يرى المؤيد أن ذلك شكل من أشكال ممارسة الإضراب، أما الاتجاه المعارض فيرى أن ذلك يمس بحق الملكية لصاحب العمل، ويحول دون انتفاعه به على الوجه الأمثل، كما يمس بحق العمال الآخرين غير المضربين والراغبين فى أداء أعمالهم، ويتعارض أيضًا مع حق الدولة فى الضرائب على الإنتاج والتى يعطل الإضراب فى مقر العمل دفعها.
وبشأن الإضراب أيضًا لاحظ القسم أن المادة 203 من مشروع القانون نصت على أن يحظر الإضراب أو الدعوة إليه أو إعلانه بالمنشآت الاستراتيجية أو الحيوية، التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء، ويرى القسم أنه يتعين تحديد مفهوم تلك المنشآت أو بيان معايير تحديدها بموجب القانون دون الاكتفاء بمجرد تحديدها بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، نظرًا لمساس هذا الحكم بأصل الحق.
وأشار القسم بضرورة تدخل المشرع بتنظيم الحق فى الإضراب بالنسبة للموظفين العموميين، فى ظل خلو قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 من أى أحكام تتعلق بتنظيمه، وعدم خضوع الموظفين لأحكام هذا القانون، حتى لا تكون الدولة أمام حالة فراغ تشريعى.
ووضع القسم ملاحظاته على المواد من «250 وحتى 264» من القانون وهى المتعلقة بالعقوبات، حيث رأى القسم أن المشروع أسرف فى تجريم كثير من الأفعال التى هى بطبيعتها ناتجة عن التزامات فى علاقات عقدية مدنية، لم يتوافر فيها المبرر المشروع للتجريم والعقاب، لا يجوز أن يؤثم المشرع أفعالًا فى غير ضرورة اجتماعية، ولا أن يقرر عقوباتها بما يجاوز قدر هذه الضرورة.
واقترح القسم إعادة النظر فى كل مواد العقوبات وإلغاء ما ليس من ضرورة لتجريمه من أفعال لا تعد عدوانًا على المجتمع، أو على سلطة الدولة فى الرقابة على التشغيل والتفتيش، وعلى الأخص يجب إلغاء التجريم على المخالفات المتعلقة بإخلال صاحب العمل بالتزاماته العقدية تجاه العامل، لكونها ليس فيها اعتداء على المجتمع يبرر تجريمها، ويمكن الاستعاضة عنها بالنص على حق العامل فى استصدار أمر وقتى من القاضى بإلزام صاحب العمل بما يدعيه من حق.
ووضع القسم عدة ملاحظات حول تعاريف كل من «هروب العامل الأجنبى، واتفاقية العمل الجماعية»، وأكد على أنه وفقًا للأحكام الدستورية السابقة فلا يجوز تحصيل أية رسوم من العمال وصاحب العمل دون تقديم خدمة، وهو ما يهدد المواد 18 و19 و22 و32 من مشروع القانون، حيث نصت المادتان 18 و19 على إنشاء تمويل التدريب والتأهيل والذى من بين مصادر تمويله نسبة %1 من إجمالى الأجور الأساسية الشهرية، وهو حكم مشوب بعدم الدستورية، حيث لم يحدد القانون الخدمات التى يؤديها الصندوق للمنشآت مقابل الرسم المشار إليه، وهو الأمر كذلك بخصوص صندوق «تشغيل العمالة غير المنتظمة» المنصوص عليه فى المادة 32، حيث خلا القانون من بيان الخدمة التى يؤديها الصندوق لصاحب العمل «الملتزم بسداد رسوم لا تقل عن %1 ولا تزيد عن %3 مما تمثله الأجور»، كما خلت المادة من بيان اختصاصات الصندوق وأوجه الحماية ونوع الخدمات التى يؤديها للعمالة غير المنتظمة.
كما رأى القسم أن المادة 43 من القانون والتى حددت حالات إلغاء ترخيص وكالة التشغيل الخاصة، ومن بينها حالة مخالفة حكم من الأحكام «الجوهرية»، حيث أشار إلى أن كلمة «الجوهرية» فضفاضة غير منضبطة واقترح وجوب تحديد هذه المخالفات تحديدًا دقيقًا، حتى يخلو النص من شبهة المخالفة الدستورية».
وأشار قسم التشريع فى ملاحظاته، إلى أن ما تضمنته المادة 44 من الحظر على صاحب العمل بتشغيل عمال عن طريق متعهد أو مقاول توريد عمال تشوبه شبهة عدم دستورية للمساس بكل من الحرية الشخصية وحق الملكية لصاحب العمل، كما أن المادة حوت تناقضًا مع ما جاء بالمادة 39 من ذات القانون حول الجهات المسموح لها بإنشاء مكاتب لتشغيل المتعطلين».
وطالب بتحديد «الجهات المعنية» المنصوص عليها فى المادة 48 والتى أجازت للمنظمات الدولية، أن تزاول عمليات إلحاق العمال المصريين بالخارج بعد موافقة الجهات المعنية، حيث رأى القسم ضرورة تحديد هذه الجهات.
وفيما يتعلق بإجازة الوضع اكتشف قسم التشريع وجود تعارض بين مشروع القانون المقدم وقانون الطفل، كما رأى أن طلب مجلس الوزراء بألا تكون إجازة الوضع أكثر من مرتين مخالفًا للمادة 70 من قانون الطفل التى جعلتها 3 مرات، كما يتعارض أيضًا مع مواد قانون الطفل فيما يتعلق بتحديد شروط وأوضاع إلحاق أطفال العاملات بدور الحضانة».
ولاحظ القسم خول المواد من «63 وحتى 67» «فصل تنظيم عمل الأجانب» من تنظيم حقوق والتزامات العمال الأجانب، وهو قصور يرى القسم أنه يعيب المشروع، كما أن المادة 71 ألزمت صاحب العمل بتحرير عقد العمل، وأعطت للعامل وحده الحق فى إثبات علاقة العمل، وهو ما يشوب المادة بشبهة عدم الدستورية إذ حرم صاحب العمل من إثبات هذه العلاقة رغم كونه طرفها الأول وهو ما يعد إخلالًا بمبدأ المساواة الذى كفله الدستور، ويتنافى مع التزام الدولة ببناء علاقات عمل متوازنة بين الطرفين، ويخالف الاتفاقية العربية لمستويات العمل، كما حرمت المادة 115 صاحب العمل من التحقيق مع العامل بنفسه دون وجود مبرر لذلك، وهو حرمان فيه إخلال بحق صاحب العمل فى محاسبة عماله.
وبناءً على طلب من مجلس الوزراء أجرى القسم دراسة مستفيضة لتحديد صاحب الحق فى فصل العامل «صاحب العمل أم المحكمة العمالية»، حيث نصت المادة 121 من مشروع القانون على أن تختص المحكمة العمالية بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة، وانتهى القسم إلى أن الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة يجب أن يظل لصاحب العمل وليس للمحكمة العمالية، وذلك لأن المادة 29 من الاتفاقية العربية لمستويات العمل، أعطت للعامل الذى يتم فصله بدون مبرر الطعن فى قرار فصله أمام هيئة محايدة كمحكمة أو لجنة أو غيرها، بما مفاداه أن سلطة الفصل لصاحب العمل، وللمحكمة تحديد مدى مشروعتيه، وهو أمر قبله المنطق الفعلى فى علاقة العمل الخاصة.
أوضح القسم أن المادة 118 أعطت لصحاب العمل أن يوقف العامل عن عمله مؤقتًا مع صرف أجره فى ثلاث حالات، منها حالة الوقف عن العمل إذا اتهم العامل بارتكاب جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة أو أى جنحة أخرى داخل العمل، ويرى القسم أن حكم صرف الأجر فى هذه الحالة يتعارض مع الغاية التى قام عليها المشروع وهى ربط الأجر بالإنتاج إذ أن الموقوف لا ينتج، وليس من العدل تحميل صاحب العمل بأجر لا يقابله إنتاج ولا سيما فى حالة اتهامه فى جناية أو جنحة.
كما كشف أن المادة 150 أطلقت الاختصاص للمحكمة العمالية بنظر الدعاوى والمتعلقة بالمنظمات النقابية العمالية، والتى قد تكون فى بعض الحالات من المنازعات الإدارية التى يختص بها مجلس الدولة، وفقًا للمادة 190 من الدستور، لذلك أضاف القسم عبارة «دون الإخلال باختصاصات محاكم مجلس الدولة» إلى نهاية المادة.
وتبين للقسم أن المواد من «163 وحتى 167» الخاصة بالمفاوضة الجماعية، خلت من القواعد الإجرائية التى تنظم كيفية الدعوة للمفاوضة ومكان انعقادها ودور الجهة الإدارية المختصة، وغر ذلك من الضوابط، وهو من شأنه إيجاد نوع من الفراغ التشريعى حال التطبيق العملية، وهو الأمر كذلك بخصوص المواد من «168 وحتى 181» الخاصين باتفاقية العمل الجماعية.
وأيد القسم رفض وزارة المالية على إنشاء «مركز الوساطة والتحكيم» المنصوص عليه فى المواد من 187 وحتى 199، لما يرتبه على الموازنة العامة من أعباء مالية.
كما أيد قرار مجلس الوزراء بأيلولة حصيلة الغرامات الناشئة عن مخالفة أحكام القانون إلى الخزانة العامة للدولة، وليس للوزارة المختصة بشؤون العمل، كما نصت المادة الثانية من المشروع، حيث رأى أن الأول يتفق مع المادة 124 من الدستورى التى نصت على أن «تشمل الموازنة العامة للدولة كل إيراداتها ومصروفاتها دون استثناء..».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة