ثلاثة شهور تقريبا مرت على انتخاب دونالد ترامب، وثلاثة أسابيع وأيام قليلة مرت على تنصيبه، وخلال هذه المدة القصيرة واجه الرجل أزمات ومنعطفات تزيد على عدد الأيام التى قضاها متمتعا بمسمّى الرئيس، أو بصلاحياته الفعلية، ربما بوتيرة ومستوى لم يواجهه رئيس أمريكى طوال فترة حكمه.
منذ الساعات الأولى لعبور "ترامب" خط السباق متفوقا على غريمته هيلارى كلينتون، وتسجيل اسمه فى الخانة رقم 45 ضمن رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، والأزمات تلاحق الرجل، والتقارير الصحفية المتتبعة لتحركاته وترتيبات إدارته والوجوه الحاضرة فيها لا تنتهى، بشكل ربما يقترب من الترصد، حسبما ترى دوائر إعلامية ويرى "ترامب" نفسه، ولكن بعيدًا عن وجهات النظر والبواعث التى تقف وراء هذا التتبع اللحظى، يظل الأمر جديرًا بالاقتراب والمتابعة والتدقيق، وتتبع حلقات الاستهداف الموجه من الخصوم، أو خطوات السقوط التى يقطعها الحلفاء والداعمون أنفسهم.
لم يكد البيت الأبيض يتخطى بعد أزمة استقالة مستشار الأمن القومى الأمريكى الجديد، مايكل فلين، على خلفية اتصالاته مع الروس قبل تولى دونالد ترامب مقاليد الحكم، إلا ووجد الرئيس الجديد نفسه فى مواجهة عاصفة جديدة، تتعلق بروسيا أيضا، فقد كشفت وسائل الإعلام الأمريكية عن أن مساعدى "ترامب"، أجروا خلال حملة الانتخابات الرئاسية اتصالات متكررة مع كبار مسؤولى الاستخبارات الروسية، وذلك فى العام السابق على الانتخابات، وفقا لما ذكره أربعة من المسؤولين الأمريكيين والحاليين.
"نيويورك تايمز": مسؤولو الاستخبارات اعترضوا اتصالات حملة ترامب مع الروس
فى هذا الإطار، أوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن مسؤولى تنفيذ القانون ووكالات الاستخبارات الأمريكية، اعترضوا اتصالات بين حملة "ترامب" الرئاسية ومساعدين آخرين له، مع الروس، فى الوقت نفسه الذى اكتشفوا فيه وجود دليل على أن روسيا تحاول تعكير صفو الانتخابات الرئاسية، بالقرصنة على مقر اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطى، حسبما قال ثلاثة من هؤلاء المسؤولين.
وأضافت الصحيفة، أن وكالات الاستخبارات الأمريكية سعت فى مرحلة تالية لهذا، إلى معرفة ما إذا كانت حملة المرشح الجمهورى دونالد ترامب تتواطأ مع الروس حول القرصنة، أم أن هناك محاولات أخرى للتأثير على الانتخابات، وأشار المسؤولون الذين قابلتهم الصحيفة خلال الأسابيع الأخيرة، إلى أنهم حتى الآن لم يروا أى دليل على مثل هذا التعاون.
قلق فى دوائر السلطة الأمريكية بسبب حجم الاتصالات بين الروس وإدارة ترامب
تلك الاتصالات التى تم اعتراضها، أثارت قلق السلطات وأجهزة الاستخبارات الأمريكية، بسبب حجم الاتصال الذى كان يحدث، فى الوقت الذى كان فيه "ترامب" يتحدث بحماس عن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، حتى أنه قال فى إحدى الفعاليات الانتخابية، إنه يأمل فى أن تسرق الاستخبارات الروسية إيميلات هيلارى كلينتون وتعلن عنها.
وأكدت شبكة "سى إن إن" الإخبارية الأمريكية الأمر نفسه، وقالت إن دونالد ترامب، عقب انتخابه، كان يطلع هو والرئيس المنتهية ولايته "باراك أوباما"، على تفاصيل الاتصالات الممتدة بين العملاء الروس وأشخاص على صلة بحملة "ترامب" وأعماله، بحسب ما قال مسؤولون مطلعون على الأمر.
وأشارت الشبكة فى تقرير لها، إلى أن من بين مستشارى دونالد ترامب الذين كانوا يتواصلون على الروس بشكل مستمر، رئيس حملته الانتخابية "باول مانافورت"، ومستشاره للأمن القومى "المستقيل"، مايكل فلين.
"نيويورك تايمز": الاتصالات شملت مساعدين شخصيين للرئيس الأمريكى
تواصل "نيويورك تايمز" تقريرها المتتبع لتفاصيل الأزمة، مؤكدة أن الاتصالات لم تكن قاصرة على مسؤولى حملة "ترامب" الانتخابية، بل شملت مساعدين تنفيذيين وشخصيين آخرين له، وعلى الجانب الروسى فقد شملت الاتصالات أعضاء من الحكومة، من خارج أجهزة الاستخبارات.
وأكدت الصحيفة، أن سجلات المكالمات والاتصالات التى تم اعتراضها، تمثل جزءا من معلومات هائلة يدرسها خبراء المخابرات المركزية الأمريكية "سى آى إيه"، مع تحقيق موسع فى الصلات القائمة والممكنة بين مساعدى "ترامب" والحكومة الروسية، إلى جانب اختراق شبكات الكمبيوتر الخاصة باللجنة الوطنية للحزب الديمقراطى، وكجزء من التحقيق أيضًا، حصل "إف بى آى" على السجلات البنكية والخاصة بالسفر وأجرى العديد من المقابلات.
مسؤولون لـ"سى إن إن": نوعية الاتصالات ووتيرتها زادت قلق المحققين بشأنها
وقال مسؤولون على علاقة بالملف، لشبكة "سى إن إن"، إن الاتصالات بين مسؤولى الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكى، وممثلى الحكومات الأجنبية، ليس أمرًا غير معتاد، إلا أن هذه الاتصالات لفتت انتباه المحققين، بسبب وتيرتها ومستوى مستشارى "ترامب" المشاركين فيها.
وما زاد من قلق المحققين الأمريكيين، حجم الاتصالات التى تم اعتراضها بين المسؤولين الروس ومسؤولى الحملة، قبل الانتخابات وبعدها، وما تناولوه خلالها، إذ ناقشوا اعتقادهم بأنهم قادرون على الوصول بشكل خاص إلى "ترامب"، وذلك وفقا لما ذكره مسؤولو تنفيذ القانون الأمريكيون، الذين حذروا من أن الروس ربما يكونون قادرين على تضخيم وصولهم له.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة