"فتوات الجبل" ينهشون ثروة مصر.. رحلة لـ"اليوم السابع" بالصور.. تفاصيل التنقيب العشوائى عن الذهب بالبحر الأحمر.. سودانى يبدأ البحث قبل 6 سنوات و"جيتا وتكنس" أول جهازين.. والقبائل تضع خريطة لمناطق النفوذ

الإثنين، 20 فبراير 2017 08:46 م
"فتوات الجبل" ينهشون ثروة مصر.. رحلة لـ"اليوم السابع" بالصور.. تفاصيل التنقيب العشوائى عن الذهب بالبحر الأحمر.. سودانى يبدأ البحث قبل 6 سنوات و"جيتا وتكنس" أول جهازين.. والقبائل تضع خريطة لمناطق النفوذ التنقيب العشوائى عن الذهب فى البحر الأحمر
البحر الأحمر - عماد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كيف يتم صهره وبيعه؟ ومتى دخلت المعدات الثقيلة فى عمليات التنقيب

محلب فى زيارته الأخيرة يحذر من التنقيب فى 15 موقعا تم تخصيصها للاستثمار

 

فى نهاية عام 2010، وقبل بداية عام الثورة 2011، بدأت المعالم الأولى لانتشار ظاهرة التنقيب العشوائى عن الذهب جنوب محافظة البحر الأحمر فى الظهور والشيوع، إلا أن تواتر الروايات والقصص بشأن الظاهرة لم يوضح كيف دخلت لمصر؟ ومن أول المنقبين؟ وما أول جهاز مستخدم فى التنقيب عن الذهب؟ وفى أى منطقة بدأت عملية التنقيب العشوائى؟.

"اليوم السابع" يخوض معكم رحلة الإجابة عن تلك التساؤلات وغيرها مما يخص الظاهرة، من خلال منقبين غير شرعيين من العاملين جنوب البحر الأحمر، الذين يتناولون تفاصيل الظاهرة وبدايتها وأول المنقبين، ويحكون قصصا وأسرارًا بشأن التنقيب عن الذهب، وما قاله المهندس إبراهيم محلب خلال زيارته الأخيرة لمناجم الذهب.


منقب غير شرعى: مواطن سودانى أحضر أول جهاز وعلمنا التنقيب

فى البداية، يقول "ح.  أ"، أحد المنقبين غير الشرعيين عن الذهب، الذى يعمل فى أودية مرسى علم، إن نهاية 2010 شهدت وصول أحد السودانيين لمنطقة البرمية، إحدى الأودية الشهيرة فى منطقة جبال مرسى علم، وبحوزته أول جهاز للتنقيب عن الذهب، اسمه "جيبا"، وبدأ فى تعريف الأهالى هناك بطريقة التنقيب عن الذهب باستخدام هذا الجهاز.

وأضاف "ح. أ"، أنه لم تمر إلا أيام قليلة واكتشف الأهالى أن داخل مغارة البرمية، التى يصل عمقها 60 مترًا وشيدها الإنجليز لاستخراج الذهب، ذهبًا يُرى بالعين المجردة على جدران المغارة، فبدأت بعد ذلك حالة من الفوضى بين القبائل والعائلات فى عمليات استخراج الذهب، إذ كان الأهالى يجمعون الاحجار التى تحتوى على الذهب ويعملون على تنقيته داخل منازلهم، موضحا أن هذه الفترة شهدت عدة معارك بين القبائل، وصلت لاستخدام الأسلحة النارية، وبعدها بأيام معدودة لقى شابان مصرعهما بسبب قلة الأكسجين أسفل المغارة، بعد وصولهم إلى عمق 6 أمتار.

التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر
التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر
 

جهازا التنقيب عن الذهب "جيتا" و"تكنس" يسجلان 50 ألف جنيه للواحد

يستكمل "ح. أ" حديثه عن رحلة أهالى البحر الأحمر مع ظاهرة التنقيب عن الذهب، مشيرًا إلى لقاء عقده كبار القبائل فى المنطقة خلال 2011، تضمن تقسيم أيام الأسبوع بواقع يومين لكل قبيلة، تعمل خلالهما على استخراج الذهب من المغارة، ولم يمر وقت طويل حتى نفد مخزون الذهب فى المغارة بشكل كامل، إذ تم استخراج أغلب ما فيها، عدا الكميات الموجودة بالقاع، الذى كان من الصعب الوصول له.

انتشرت بعد ذلك عملية التنقيب بالأجهزة، وبدأت عملية تجارة أجهزة التنقيب الآتية من السودان، حتى وصل سعر الجهاز إلى 50 ألف جنيه للأنواع عالية الجودة، كان أشهرها جهازا "جيتا"، و"تكنس"، وسرعان ما نشبت خلافات أخرى بين القبائل على مناطق التنقيب، فعُقدت جلسة عرفية كبيرة ضمت مشايخ قبائل العبابدة والبشارية والمعازة.

المجلس العرفى الذى عقده مشايخ القبائل الثلاثة، حدد الأودية الجبلية التى تخص كل قبيلة، ويُسمح لها بالتنقيب عن الذهب فيها، وكانت حدود قبيلة العبابدة طريق القصير قفط شمالا، حتى الشلاتين جنوبًا، ووادى المياه غربا، وكان نصيب قبائل المعازة المناطق المتمركزة بها، وهى جبال سفاجا قنا حتى طريق القصير قفط جنوبًا، والبشارية من الشلاتين حتى الحدود السودانية جنوبًا.


منقب: العبابدة أصحاب النصيب الأكبر فى التنقيب أسباب عدة

وعن أسرا التنقيب عن الذهب، يقول " ح. أ " إن عمليات التنقيب عن الذهب بدأت تتسع بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، إلا أنها لم تخرج عن إطار الأجهزة التقليدية التى بدأت بها قبل سنوات، وكان العبابدة أصحاب النصيب الأكبر فى استخدامها لأسباب عدة، أولا لأن مناطقهم كانت الأغنى بالذهب، وثانيا لأنهم أول من عمل بعملية التنقيب، متابعًا: "كانت الأجهزة فى البدايات تعطى إشارة بوجود ذهب فى منطقة ما، فيتم الحفر لاستخراجه، وغالبا يكون قطعة واحدة ولا يحتاج لاستخلاص.

قضت تلك العملية فى الاستخراج قرابة العامين، شهدت خلالها مناطق وأودية الصحراء الشرقية أحدث أجهزة التنقيب الخفيفة، كما تطورت عمليات التنقيب خلالها بعمل مشاركات بين المنقبين، إذ يُكلف كل منهم بشىء أو خطوة ما، لإتمام عملية التنقيب، ويتابع "ح. أ": "الأودية الجبلية بالصحراء الشرقية، خاصة فى مرسى علم، ومنذ بداية 2012 أصبحت دولة داخل الدولة، بدأ توفير الخدمات التى يحتاجها المنقبون فى مناطق مختلفة، منها البرمية، شاملة الأطعمة والمشروبات والسولار، إلى أن وصل الحال لفتح مقهى وسط الأودية الجبلية".

ويتابع المنقب "ح. أ" حديثه قائلاً: "لم يمر وقت طويل حتى بدأت مرحلة من التطور المفاجئ فى عمليات التنقيب نهاية 2012، وشهدت جبال مرسى علم وصول منقبين من كل محافظات مصر، ومعهم سودانيون، إلا أن هذا التوسع ظل محكومًا نوعا ما، ولا يتم إلا تحت إشراف أشخاص من القبيلة التى تتبع لها المنطقة، بنظام الإيجار من خلال نسبة، وبدأ دخول المعدات الثقيلة من قبل أصحاب المال والنفوذ".


دخول المعدات الثقيلة فى عمليات التنقيب عن الذهب

وعن بداية استخدام المعدات الثقيلة فى التنقيب، يقول "س. ر"، شاب فى بداية العقد الرابع من العمر ويعمل فى مجال التنقيب عن الذهب، إن نهاية عام 2012 شهدت بدء استخدام المعدات الثقيلة فى عملية استخراج الذهب، وبدأت مراحل التنقيب تتسع، من حيث المشاركات بين المنقبين، للآلة نصيب وللعمال نصيب ولصاحب الأجهزة نصيب، وهكذا، ومن الممكن أن يصل عدد المشتركين إلى 30 شخصًا وأكثر.

وأضاف "س. ر"، أن عمليات التنقيب بالمعدات الثقيلة تبدأ من خلال عدة مراحل، أولا باستخدام أجهزة الكشف عن مكان الذهب، ثم أخذ عينة من المنطقة، لا تقل عن طن من الصخور، وطحنها فى كسّارات مصنوعة خصيصًا لهذا الغرض، وإضافة الماء لها للمساعدة فى طحنها، ثم تُضاف بعد الطحن مواد كيماوية تعزل الذهب عن الصخور، ويتم وزنها لمعرفة كمية الذهب المتوفرة فى الطن الواحد من صخور المنطقة، مشيرًا إلى أن التنقيب بالمعدات الثقيلة يتم بناء على نسبة تركز الذهب، فإذا وصلت لأقل من 10 جرامات فى الطن يتم البحث عن منطقة أخرى، لأن تكلفة العمل ستكون أكثر من قيمة الإنتاج، أما إذا كانت أعلى من ذلك يتم العمل بها.

معدات التنقيب العشوائى عن الذهب
معدات التنقيب العشوائى عن الذهب
 

وأوضح المنقب "س. ر"، أن مراحل العمل تبدأ بالمعدة الثقيلة "حفار أو لودر"، من خلال تكسير صخور الأودية والجبال، وتحميلها على سيارات لنقلها لمكان الطحن، وغالبا ما يكون فى أسوان، خاصة مركز إدفو، إذ يُطحن طن الأحجار الممزوجة بالذهب بـ1500 جنيه، ويمكن طحن 10 أطنان خلال 12 ساعة، ولكن المشكلة أن تلك الكسارات والمطاحن قليلة العدد، وتشهد عملية الطحن طوابير مثل طوابير الخبز، تتدخل فيها الوسائط والمعارف للطحن أولا.

 

المنقب "س. ر": لا يوجد واد واحد فى مرسى علم لم يصله المنقبون

وعن خريطة التنقيب فى المنطقة، يقول "س. ر" إنه لا يوجد وادٍ واحد فى حدود مرسى علم لم يصله المنقبون، ووجود محاجر كثيرة هناك سهل عملية دخول المعدات الثقيلة، خاصة من أسوان وقنا عبر الأودية الجبلية، إذ أصبحت هناك أودية مشهورة للتنقيب، أهمها البرمية وعتود والفواخير شمالا، ووادى المياه غربا، وأم الطيور جنوبا وبعض أودية منطقة برنيس.

وكشف "س. ر"، عن وصول الحال إلى أخذ بعض القبائل المسيطرة على بعض الأودية لعينات من الجبال، ومعرفة نسب الذهب المتركزة فيها، وطرحها لمزايدات مع آخرين، والحصول على نسب من الإنتاج فى النهاية دون بذل أى مجهود، كما أن هناك مناطق قريبة من الأجهزة الأمنية غنية بالذهب، ويخشى المنقبون العاملون فيها من فضح أمرهم بسبب أصوات المعدات، فينقبون ويكسرون الصخور يدويًّا، بمشاركة عدد كبير من العمال، الذين يحصلون على أجورهم من نسبة المنقب النهائية من الإنتاج.

 

سيطرة القبائل على الأودية وأعمال التنقيب فيها

يقول "ع.  ف"، أحد المنقبين عن الذهب، إن هناك أودية تصعب عملية التنقيب فيها، أولاً لقرب مقرات الأجهزة الأمنية منها، وثانيًا لحرص القبائل على الحفاظ عليها، مثل مناطق جبال طريق سفاجا قنا، التى تسيطر عليها قبائل المعازة، فبينما أجهز المنقبون على كل مخزون الذهب تقريبا فى مناطق مرسى، ما زالت مناطق طريق سفاجا قنا مليئة بكميات كبيرة من الذهب، إضافة إلى ميزة هشاشة الصخور وعدم صلابتها، ما يساعد على عملية التنقيب ويسهلها، إلا أن قبائل المعازة لا تسمح لأحد بالتنقيب هناك، إلا فى وجود أحد أفرادها، ووفق شروط واضحة.

التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر 3
التنقيب العشوائى عن الذهب جنوب البحر الأحمر 
 

أودية حلايب وشلاتين.. ممنوع دخول المعدات الثقيلة

منع مشايخ قبائل حلايب وشلاتين فى جلسات عرفية متتابعة، التنقيب عن الذهب داخل أوديتهم باستخدام المعدات الثقيلة، حرصًا على سلامة التربة فى المنطقة واستمرار صلاحية الأرض وإنباتها للعشب بعد سقوط المطر فى كل شتاء، وذلك للحفاظ على المهنة الأساسية لأغلب أهالى المنطقة، وهى الرعى.

وفى هذا الإطار، قال أحد مشايخ قبائل البشارية بمثلث حلايب وشلاتين، إن المعدات الثقيلة المستخدمة فى التنقيب عن الذهب، تزيل طبقة من سطح الأرض عند العمل، ما يقلب الصخور، وعند نزول المطر يصعب إنبات العشب من جديد، لهذا نسمح فى عمليات التنقيب العشوائى بالأجهزة الخفيفة فقط.


تصاريح المنقبين.. وكيف يتم بيع الذهب؟

حرصت الدولة مؤخرا، ومنذ عام تقريبًا، على تقنين أوضاع المنقبين عن الذهب فى محافظة البحر الأحمر، من خلال شركة "الشلاتين للتعدين"، التى تعطى تصريحًا شهريًا للمنقب مقابل مبلغ لا يزيد على 200 جنيه، بحيث يسلم 80% من إنتاجه للشركة، إلا أن الممارسة العملية للأمر كشفت عن حقيقة أنه لا أحد من الحاصلين على تصاريح يُسلم إنتاجًا للشركة، ودائمًا ما يدعون أنهم لم يستخرجوا ذهبًا، وحتى فى حالة تسليم نسبة من الإنتاج فلا ضمانة لكونها تمثل 80% من إجمالى المستخرج، لأنه لا رقابة على الكمية المستخرجة.

وعلى صعيد بيع الذهب المستخرج من عمليات التنقيب، يقول "ع. ط"، تاجر ذهب، إن عملية بيع وشراء الذهب المستخرج من خلال عمليات التنقيب جنوب البحر الأحمر، تتم من خلال تعاقدات بين القبائل والتجار، فعند إنهاء عملية الاستخراج يتم الاتصال بالتاجر وبيع الكمية من خلال سعر الجرام عيار 21 فى السوق.

التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر 4
التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر
 

وأضاف "ع. ط"، أن هناك تجارًا ينشرون أفرادا تابعين لهم فى المناطق الجبلية، لمعرفة الكميات التى يتم استخراجها، ومن من المنقبين نجح فى استخراج كميات من الذهب، للاتصال به والوصول إليه فى أقرب وقت وشراء الكمية منه، كاشفًا لـ"اليوم السابع"، عن أن الصائغ يخلط كمية الذهب بأخرى مدموغة بعد صهرها، إذ لا يستطيع دمغ الذهب المستخرج من الجبال، فمثلا قد يكون لديه خاتم وزنه 3 جرامات، يخلطه بكمية مماثلة من ذهب الجبل، ليصبح الإجمالى 6 جرامات، وبذلك لا يحتاج للدمغة مرة أخرى.


ماذا طلب "محلب" من مشايخ القبائل فى زيارته الأخيرة للبحر الأحمر؟

أكد أحد مشايخ القبائل، أن المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية، حذر خلال جلسته مع مشايخ القبائل فى مرسى علم، من الاقتراب من 15 موقعًا وواديًا لاستخراج الذهب، على خلفية طرحها للمزايدات والمشروعات الاستثمارية، موضحين أن تلك المناطق هى الوحيدة التى تحتوى على الذهب.

وأضاف أحد المشايخ: "نحن مع الدولة ولسنا ضدها، إلا أن هناك أسرًا كاملة تعيش من هذا العمل، بل أصبح التنقيب مصدر عيشهم الأول، ونطالب بتعيين أبنائنا فى الشركات التى يتم إنشاؤها لاستخراج الذهب"، مشدّدًا على أنه لا توجد عمليات تنقيب عشوائى إطلاقا فى الجنوب، ولكن هناك الآن حوالى 10 آلاف شخص يعملون فى التنقيب العشوائى بالصحراء الشرقية.

 
التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر 5
التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر

 

التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر 6
التنقيب العشوائى جنوب البحر الأحمر









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة