فى أسلوب جمع بين الصحافة والأدب، قدمت الكاتبة الروسية الشهيرة لاريسافا سيلفيا رؤية جديدة لتاريخ الاتحاد السوفيتى، ورصدت هذه الحقبة من خلال دراسة صحفية وفنية ونفسية لزوجات الزعماء الروس فى كتابها المترجم حديثا "نساء الكرملين"، والذى نشرته دار "كيان" للطباعة والنشر .
يرصد كتاب "نساء الكرملين" قصة اثنى عشر امرأة من زوجات وصديقات زعماء الكرملين، فيبدأ الكتاب المقسم إلى إثنا عشر فصلا بالمرأة الجديدة التى حلت فى الكرملين صيف ١٩١٨ وهى ناديجيدا كروبسكايا، رفيقة درب الرجل الذى قاد الثورة، زوجة لينين، والتى كانت تبلغ من العمر حينها ٤٩ عاما .
وتفرد الكاتبة الروسية سيلفيا فقرة تصف فيها شكل "كروبسكايا" صاحبة الوجه الكبير المنتفخ والأنف الكبيرة، لتؤكد أنها كانت قد فقدت جمالها عندما ظهرت وأصبحت شخصية عامة باعتبارها زوجة لقائد الثورة لينين .
ورصدت المؤلفة حياة عائلة كروبسكايا، مرورا بمولدها ودارستها ولقاءها الأول بـ "لينين" وزواجهما، ثم كيف بدأت هذه المرأة رقيقة الطباع عملية حظر الكتب، حتى وصل الحد بالكاتب الروسى ميكسم جوركى أن يكتب لصديقه فى الخارج، فى نوفمبر ١٩٢٣، يقول من الأنباء التى تصيب العقل بالذهول أن كروبسكايا منعت فى روسيا قراءة أفلاطون وكانط وشوبنهاور والفيلسوف فلاديمير سولوفيوف وجون ريسكين ونيتشه وتوليستوى و نيكولاى ليسكوف.
وفى ٢٦ فبراير ١٩٣٩ كانت كروبسكايا تحتفل بعيد ميلادها السبعين فى شقتها ووسط أصدقائها، يأكلون جميعا من " تورتة " أرسلها ستالين، لكن صباح اليوم التالى كانت كروبسكايا وحدها من لقى حتفه فى المستشفى نتيجة تسمم حاد.. وفيما بعد حمل ستالين شخصيا الوعاء الذى ضم رمادها.
ثم يتناول الكتاب، حياة إينيس أرماند..صديقة لينين، صاحبة الجمال الخارق، وكيف تعاملت كروبسكايا بعد معرفتها بوقوع زوجها فى غرام إينيس متسامية على كبريائها النسائى كامرأة.
وفى الفصل الثالث، والذى حمل عنوان "ستالين بين ذكرى يكاترينا والموت الغامض لناديجيدا"، تحكى المؤلفة عن علاقة ستالين بزوجته يكارترينا شفانيدذة _ الجورجية_ التى توفت عام ١٩٠٩ وتركت ستالين أرملا، يبحث عن شريكة تقف بجانبه، حيث تشبه الكاتبة الروسية ستالين فى هذا الفترة بأنه "كان وحيدا مثل البومة العمياء" .
ثم بعد ذلك تزوج من الفتاة "ناديجيدا" ابنة صديقه سيرجى اليلوف التى وجدت نفسها وسط دفتى الصراع المتمثلة فى أهم رجلين فى الثورة لينين وستالين سكرتيرة الأول، وزوجة الثانى.
وعن انتحارها، فقد انطلقت الشائعات بأن ستالين هو من قتلها رميا بالرصاص، فيما تقول مؤلفة كتاب "نساء الكرملين" أن هناك قصة غربية روتها لها امرأة بلشيفية طاعنة أواسط الخمسينات حينما كانت الكاتبة شابة وهى أن "ناديجيدا" ملعونة منذ ولادتها وحتى آخر حياتها لأنها زوجة ستالين وابنته فى الوقت نفسه، وبأن ستالين هو من قال لها ذلك فى لحظة شجار عنيفة بينهما.
ويتوالى فى باقى فصول الكتاب الممتع والشيق، الذى ينظر إلى التاريخ السوفيتى من وجهة نظر جديدة ومغايرة، رصد حياة زوجات وصديقات زعماء الكرملين جميعا، واللاتى بينهن من أمضت عمرا فى المعتقلات الستالنية وبينهن من انتحرت فى ظروف غامضة، وكيف تعايشن مع سفاحى هذه الحقبة أمثال بيريا وزير داخلية ستالين، حتى ينتهى الكتاب بقصة السيدة الأولى والأخيرة أيضا للإتحاد السوفيتى رائيسا جورباتسوفا، رائيسا تيتارنكو، المرأة النحيفة، زوجة جورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفيتى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة