تمر اليوم الذكرى الـ 53 لرحيل عملاق الأدب العربى، عباس محمود العقاد، المعروف بمعاركه الأدبية والسياسية الكثيرة حتى أنه قضى 9سنوات فى السجن بتهمة العيب فى الذات الملكية بعدما هاجم الملك فؤاد من تحت قبة البرلمان إثر محاولة الملك تغيير الدستور لصالحه، ثم جاءت ثورة يوليو 1952 وبدأت مرحلة جديدة.
فى سنة 1959 حصل العقاد على جائزة الدولة التقديرية، وصار لزاما عليه إلقاء كلمة أمام الرئيس جمال عبد الناصر، ورغم عدم بعد المسافة الزمنية، إلا أننا نجد موقف العقاد فى هذه الفترة غير واضح تماما.
الشائع أن الكاتب الكبير رفض أن يتسلم الجائزة معترضا على سياسات ناصر، وهذا الأمر يكاد يكون هو المتصدر، والذى يتناقله البعض كأنه الحقيقة.
لكن هناك حكايات أخرى تؤكد أن العقاد تسلم الجائزة ولم يرفضها، ويومها قال العقاد كلمة تنفى أنه كان جافا مع عبدالناصر، إذ ذكر فى بداية الكلمة: «فى هذه الهالة من حضرة الرئاسة السامية»،
أما من بين الكلمات التى اختتم بها العقاد كلمته يومها: «تلك هى جمهورية الفكر خير قرين لجمهورية الحكم».
وفى مقال للكاتب الكبير أنيس منصور فى جريدة الشرق الأوسط جاء فيها "بعث الأستاذ العقاد بالكلمة التى سوف يلقيها فى الاحتفال أمام الرئيس جمال عبد الناصر، وكانت كلمة جميلة، وطلب منى أن يكتبها أحد على الآلة الكاتبة، وبخط كبير، ولاحظت أن الأستاذ العقاد لم يبدأ كلمته بتحية السيد رئيس الجمهورية والوزراء وضيوف مصر فى هذه المناسبة الأدبية الكبرى، ووجدت أنها مصيبة! ولم أشأ أن أنبه الأستاذ إلى أنه قد نسى أو أنه تجاهل وجود الرئيس، ولكن أبلغت مَنْ فى يدهم الأمر. ولم يحاول أى أحد أن يقول للأستاذ شيئا..وجاء يوم الحفل. ولا أعرف كيف سيكون الموقف. وهو موقف صعب، ولكن الأستاذ العقاد لا يهمه. ولا بد أن لديه أسبابا قوية لهذا التجاهل المتعمد..ولكن لاحظنا أن الميكروفون الذى كان يتكلم فيه الأستاذ قصير جدا، أى أن الأستاذ لا بد أن ينحنى تماما لكى يبلغ مستوى الميكروفون. والنتيجة أن صوت الأستاذ لم يكن واضحا، بل إننا لم نعرف بالضبط ما الذى قاله، لا نحن، ولا جمال عبد الناصر. فالأستاذ يتكلم من أعماق حنجرته وبسرعة. وحمدنا الله على أن هذه المصيبة قد مرت بسلام، أو خيل إلينا ذلك!
وفى صالون العقاد يوم الجمعة قيل له ذلك. وتضايق الأستاذ. وتشاء الصدفة أن يجيء صاحب برنامج (مع الخالدين). وحاول أن يقنع الأستاذ بالحديث، ولكنه رفض. وحاولنا نحن أيضا. وكان عندنا أمل، أو لنا خاطر عنده. وأخيراً وافق. وظهرت البهجة على وجهه. ولم نعرف لماذا، ولا ماذا عساه أن يقول.
وجاءت الفرصة سريعة وسعيدة، فإذا بصاحب البرنامج يسأله: يا أستاذنا العظيم.. أنت قد فزت بجائزة الدولة التقديرية، وأريد أن أعرف شعورك؟
وهنا أحس الأستاذ أن الكرة فى ملعبه، وليس له إلا أن يشوط. فقال: «إنه شعور بالامتنان. فهذه الجائزة أخذتها من الشعب على يد الحكومة!».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة