آلاف الدولارات وربما الملايين يجنيها تنظيم داعش وجماعة الإخوان الإرهابية وغيرهما من التنظيمات المسلحة وينفقونها فى تنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية بفضل محرك البحث الأشهر "جوجل" ومواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر عبر سلسلة من الاعلانات التى يتم الحصول عليها دون جهد، فقط من خلال المشاهدة، فى اختراق وخلل واضح فى تلك المواقع التى رفضت الكشف عن قيمة ما تحصل عليه تلك التنظيمات عبر صفحاتها الإلكترونية.
وفى صدارة المنتفعين من إعلانات "جوجل"، جاء القيادى الإخوانى الهارب وجدى غنيم، الذى كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية فى تقرير لها أنه جنى 78 ألف دولار من محرك البحث مقابل إعلانات تم وضعها إلى جانب مقاطع الفيديو الخاصة به والتى "تحتوى على بروبجاندا معادية للغرب" على حد وصف الصحيفة.
وأضافت الصحيفة البريطانية، فى تقرير لها أن "متطرفين ودعاة يبثون الكراهية"، ومنهم قساوسة ومؤيدين لتفوق العرق الأبيض، تكسبوا 318 ألف دولار على الأقل من إعلانات حكومية بريطانية وأجهزة منزلية وضعها جوجل بجانب مقاطع الفيديو الخاصة لهؤلاء على يوتيوب.
ويقدر خبراء أن جوجل، والذى يمتلك يوتيوب، جنى 149 ألف دولار من المعلنين لأجل وضع الإعلانات بجانب المحتوى غير المناسب، إذ لم تكن الشركات المعلن عنها ترغب فى ظهور علامتها التجارية بالقرب من فيديوهات تحوى خطاب كراهية، بحسب الصحيفة.
وكانت إعلانات للبى بى سى والقناة الرابعة البريطانية وسلسلة صيدليات "بوتس" البريطانية من ضمن الإعلانات التى وضعها جوجل إلى جانب فيديوهات غنيم.
وفى تحقيق لصحيفة التايمز البريطانية حول نظام الإعلانات فى يوتيوب، وجدت الصحيفة أن قناة وجدى غنيم على يوتيوب "Wagdy0000" هى الأكثر شعبية بين القنوات المتطرفة على الإنترنت وأكثرهم تكسبا من نظام جوجل الإعلانى الإلكترونى والذى يستعمل الخوارزميات، فلدى غنيم 207 ألف مشترك ومجموع مشاهدات فيديوهاته هو31 مليون مرة.
وحظرت بريطانيا وجدى غنيم من دخول البلاد منذ 2009 لأنه يسعى "لتحريض الآخرين لارتكاب أعمال إرهابية أو تبرير أو تمجيد العنف الإرهابى"، طبقا للجارديان التى سحبت إعلاناتها من جوجل ويوتيوب إثر اللغط.
ويجنى أصحاب قنوات يوتيوب أمثال غنيم حوالى 4.18 دولار لكل ألف مرة يتم فيها مشاهدة المحتوى. وأوضحت الجارديان إن من المستحيل أن يعلم طرف ثالث دخل غنيم وغيره من المتطرفين بالضبط لقاء الإعلانات التى تبرز إلى جانب فيديوهاتهم أو أثناء مشاهدتها، ولكن جوجل يرسل بتقرير تفصيلى للدخل لأصحاب القنوات.
وكذلك القس الأمريكى "ستيفن أندرسون"، الذى مُنع من دخول بريطانيا العام الماضى لأنه قال إن الهجوم على ملهى ليلى للمثليين فى أورلاندو الأمريكية "خبر جيد"، وإن "المتحرشين بالأطفال فى العالم نقصوا 50 فردا"، وتشير التقديرات إلى أنه تكسب 68 ألف دولار من 33.5 مليون مشاهدة فى قناته.
كما أشارت الصحيفة إلى "ديفيد ديوك"، وهو أمريكى من دعاة القومية البيضاء ومعاد للسامية، على حد وصفها، ويقدر مكسبه من يوتيوب بـ34 ألف دولار، بالإضافة إلى قناة "بريطانيا أولا" المتطرفة التى يقدر مكسبها بـ66 ألف دولار.
ورفضت متحدثة باسم جوجل أن تقدم تقارير الدخل لأى من المتطرفين المذكورة أسمائهم، ونفت التقديرات قائلة: "نحن نتحدث عن عشرات الجنيهات"، لكن دون تقديم ثمة دليل، على حد قول الصحيفة البريطانية.
كما رفضت المتحدثة التعليق على دور جوجل فى توفير المال لأشخاص تم حظرهم من دخول بريطانيا لأسباب تتعلق بالإرهاب.
وقال "رونان هاريس"، مدير جوجل فى بريطانيا: "نحن نؤمن بقوة بحرية الرأى والتعبير على شبكة الإنترنت، حتى عندما لا نوافق على الآراء المطروحة".
وقال إن سياسة جوجل تمنع ظهور الإعلانات على صفحات أو فيديوهات بها خطاب كراهية أو دموية أو مسيئة، ولكنه اعترف "نحن ندرك أننا لا نضع كل شىء فى نصابه دائما"، حسبما نقلت عنه الصحيفة.
وتابع: "فى نسبة صغيرة جدا من الحالات، تظهر الإعلانات على محتوى ينتهك سياسات تحقيق الدخل لدينا، ونحن نزيل الإعلانات فى هذه الحالات على الفوز، ولكننا نعلم أننا نستطيع ويجب علينا أن نفعل أكثر من ذلك".
وسحبت الحكومة البريطانية والبى بى سى وشركة الإعلانات الفرنسية "أفا Havas"، والتى تنفق 175 مليون إسترلينى سنويا على الإعلان على الإنترنت لصالح عملاء فى بريطانيا، ومنهم شركة الاتصالات O2 وEDF Energy للكهرباء والبريد الملكى البريطانى، جميع إعلاناتهم من جوجل ويوتيوب بعد تحقيق مماثل نشرته صحيفة "تايمز".
وكشف التحقيق المطول الذى أجرته صحيفة "تايمز" أن شركات كبرى تلعب دوراً بارزاً فى تمويل التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها "داعش" بملايين الدولارات بالطريقة نفسها عبر اعلانات صفحات مواقع التواصل الاجتماعى.
وقالت الصحيفة إن إعلانات العشرات من الشركات العالمية الكبرى، ومنها "مرسيدس بنز" و"جاجوار" و"هوندا" عمالقة صناعة السيارات، ومتاجر "ويتروز" البريطانية وغيرها، تظهر على مواقع خاصة بالتنظيمات المتطرفة، أو على صفحاتها على موقع "يوتيوب"، حيث تجنى تلك التنظيمات عوائد الإعلانات.
ومن المرجح أن تدر هذه الإعلانات عشرات الآلاف من الدولارات شهريا للجماعات المتطرفة، مثل "داعش" و"القاعدة"، أو "كومبات 18"، وهى من جماعات النازية الجديدة التى تدعو للعنف.
وعلى سبيل المثال، فإن ظهور إعلان لشركة ما على فيديو ترويجى لـ"داعش"، يربح من وراءه التنظيم الإرهابى 7.6 دولار لكل ألف مشاهدة، علما أن بعض المقاطع المصورة شاهدها أكثر من مليون شخص.
وتتهم بعض وكالات الإعلانات، التى تتولى قيادة الحملات نيابة عن الشركات المعلنة، بأنها تدفع بالماركات نحو الإعلانات على الإنترنت من أجل تحقيق أرباح، بصرف النظر عن الجهة التى سيظهر لديها الإعلان.
ورغم جهود شركات الإنترنت لمنع ظهور إعلانات يمكن أن تمول الجماعات المتطرفة، فإن "تايمز" رصدت إعلانات لـ"مرسيدس بنز" و"جاجوار" مع مقاطع فيديو لأغنية ترويجية لـ"داعش".
كما ظهرت إعلانات لشركة "ساندلز ريزورتس" العملاقة التى تشغل رحلات سياحية، مع فيديو ترويجى لجماعة "الشباب" الصومالية المرتبطة بالقاعدة.
وقال متحدث باسم "مرسيدس بنز" تحدثت إليه الصحيفة، إن الشركة طلبت من وكالات الإعلانات التى تتعامل معها أن "تراجع أو تحدث إن تطلب الأمر" القوائم السوداء للمواقع، التى لا تريد الشركة أن تظهر إعلاناتها لديها.
كما قالت متحدثة باسم "ساندل ريزورتس" إن الشركة "تبذل قصارى جهدها لمنع ظهور إعلاناتها إلى جانب محتوى غير مناسب، مشيرة إلى أن "يوتيوب" لا تصنف مقاطع الفيديو التى تدعو إلى التطرف كمقاطع ضارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة