منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، هى منظمة تتبع الأمم المتحدة، تأسست منذ عام 1945.. هدف هذه المنظمة تنمية التعاون بين الدول فى التعليم والثقافة، وأيضًا تبنى مشاريع رعاية التراث، المشاريع الثقافية والعالمية.
واليونسكو منظمه تضم 195 دولة، ولها العديد من المكاتب فى جميع أنحاء العالم، ومقرها الرئيسى فى الحى الخامس عشر فى باريس، والفوز بمنصب رئيس اليونسكو شرف كبير لأى دولة، فهو منصب رفيع، وتتنافس عليه دول عديدة، حيث تجرى الانتخابات كل أربع سنوات.
وقد كانت مصر قد خاضت التجربة عام 2009 أمام الرئيسة الحالية لليونسكو، وكان المرشح المصرى والعربى هو الدكتور فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، وللأسف لم يوفق المرشح المصرى، واستطاعت البلغارية إيرينا بوكوفا حسم المنصب لصالح بلادها.
والحقيقة أن هذا المنصب يحتاج للوصول إليه للوبى كبير، يمكن الدولة التى ترشح شخصًا لهذا المنصب من الفوز به، كذلك دائمًا ما يفضل أن يكون الشخص المرشح للمنصب مسؤولًا حكوميًا كبيرًا «وزير مثلًا»، حاليًا أو سابقًا، كما يقوم الجميع بدراسة تاريخه الثقافى والعلمى، ويطرح ذلك فى العديد من اللقاءات والندوات، محاولًا إقناع الجميع بأنه يرقى لهذا المنصب.
وقد كان هناك اتفاق غير مكتوب على أن تكون هناك فرصة كبيرة للمرشح الأفريقى فى الانتخابات التى ستجرى فى أكتوبر المقبل، لذلك كان من المفترض أن تتفق الدول الأفريقية على مرشح واحد، وبالمنطق والمفترض أن تتفق أيضًا الدول العربية أيضًا على مرشح، وهو لم يحدث وللأسف.
وضمت قائمة المرشحين على هذا المنصب تسعة مرشحين، بينهم أربعة عرب، هم: المصرية مشيرة خطاب، والقطرى حمد بن عبدالعزيز الكوارى، والعراقى صالح الحسناوى، واللبنانية فيرا خورى لاكويه.
والأمور زادت للجميع تعقيدًا، حيث رشحت فرنسا وزيرة الثقافة الحالية أودرى أزولاى، وهى من أصل مغربى، وهو الأمر الذى قد تضمن به فرنسا 16 صوتًا، الممثلة للدول الأوروبية وبعض الدول الآسيوية فى المجلس التنفيذى لليونسكو، الذى يبلغ عدد أعضائه 58 دولة، كما أنها ستضمن عددًا كبيرًا من الدول الأفريقية الفرانكوفونية، التى تتلقى دعمًا كبيرًا من باريس، فضلًا عن دعم المغرب لها، بما أن المرشحة من أصول مغربية، كذلك هناك المرشح القطرى حمد بن عبدالعزيز الكوارى، وهناك اتفاق خليجى صريح بأن كل الدعم سيكون للمرشح الخليجى، ما يجعل المنافسة شديدة وقاسية للغاية، وتحتاج لكثير من الجهود والتحركات التى تعمل على تأمين المرشحة المصرية السفيرة مشيرة خطاب.
ما قامت به مصر على الصعيد الخارجى، بداية من تولى الرئيس السيسى للحكم يستحق الإشادة بكل موضوعية، «ودون تحيز للإدارة المصرية الحالية»، فملف العلاقات الدولية تمت إدارته بشكل مكثف وناجح، وعلى عدة أصعدة، وفى توقيت قياسى، واحتلت مصر مكانها سريعًا بفضل قيادتها السياسية الجديدة، وكان لشهرة الرئيس السيسى الدولية فى مجال مكافحة الإرهاب ومحاربة التطرف الفكرى فى كل الأديان أثر كبير على نجاح سياستنا الخارجية، واحترام العالم لمواقفنا، فلا يعقل أن تأتى نتيجة اليونسكو مخيبة لكل ذلك، وأن نحصل على مركز متأخر فى التصويت، لاسيما أنه لا يوجد مصرى واحد يستطيع أن يتحمل أن يكون المرشح القطرى فى ترتيب سابق للمرشحة المصرية، لاسيما ولعبة المصالح والمنافع مطروحة وبشدة فى أى تصويت على المستوى الدولى، ويجب ألا نكون من السذاجة كى لا نفهم ذلك.
لن نتحدث عن شخص السفيرة مشيرة خطاب، وما إذا كانت الأفضل لهذا المنصب من عدمه، فالأمر كان سيتكرر مع الجميع بنفس القواعد، ولكن نحن نثق فى وطنيتها، ونثق بإيمانها بأن مصلحة مصر أهم من أى طموح.
وإن كان الأمر- ومع كامل احترامى- أكبر من قرارها هى بالاستمرار أو الانسحاب، فالأمر متعلق بسمعة مصر الدولية، وفى مجال هى رمز له، وهو الثقافة والعلوم.
ولا يمكن أيضًا أن نخرج من هذا السباق دون مكسب، فالخارجية وبعض الأجهزة الكبيرة فى الدولة تستطيع أن تحقق مكسبًا من خروجنا من هذا السباق، ويمكن التحضير لطريقة تليق بنا فى هذا الأمر.
وفى نظرة أخرى حزينة، علينا جميعًا كعرب أن نتدبر حالنا، فقد اتفقنا على ألا نتفق على مرشح واحد!، فهل تستطيع قطر أن تسحب مرشحها لصالح مصر أو العكس؟، وهل تستطيع العراق أو لبنان فعل ذلك؟، أو هل تستطيع مصر فعل ذلك للعراق أو لبنان؟
للأسف كل منا ذهب حيث مصلحته، والنتيجة ستكون مخيبة لكل الآمال العربية، وهذا هو واقع حالنا الذى لن تغيره قمة عربية أو مناقشات ثنائية، وإلا لو كان العكس لكنا اتفقنا وغلبنا المصلحة العربية، «وسلّم لى على الوحدة العربية».
أكتوبر المقبل هو موعد التصويت، وإجراءات ستتم نهاية هذا الشهر من كل مرشح أمام المجلس التنفيذى للمنظمة.. أعتقد أن لدينا الوقت لإعادة التفكير، وليس عيبًا إطلاقًا أن نتراجع، بل العيب كل العيب أن دولة عمرها أصغر من عمر مبان صغيرة فى مصر يحصل مرشحها على أصوات أعلى من المرشحة المصرية.
إننى أتطلع إلى أصوات الحكمة والعقل التى لا تغيب عنها سمعة مصر الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة