تحت عنوان "ترامب يدعم داعش"، نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية فى عددها الأسبوعى الأخير تقريرا عن سياسة الرئيس الأمريكى إزاء التنظيم الإرهابى، ودورها فى دعمه.
وقالت المجلة إن الرؤساء الأمريكيين، ومنذ أحداث سبتمبر، عملوا بنصيحة خبراء مكافحة الإرهاب فى مجتمع الاستخبارات وفهموا أن مواجهة دعاية الإرهابيين من بين الأجزاء الأساسية لمحاربة داعش والقاعدة والمتطرفين القتلة الآخرين.
وتتابع المجلة قائلة: من خلال لغة منتقاة بعناية، والأكثر أهمية سياسة تم وضعها باقتدار، عملت الولايات المتحدة على كشف الأكاذيب وإقناع الشباب المسلم الذى تدفعه تلك الدعاية نحو الكراهية بأنه مرحبا به فى أمريكا ويحظى بالتقدير فيها. لكن يبدو أن هذا العصر قد انتهى، فالرئيس ترامب الذى لم يمض على توليه الحكم شهرين، تخلى عن الإستراتيجية التى استخدمها الديمقراطيين والجمهوريين على حد السواء، بدافع الجهل أو الغطرسة أو كليهما، وبعث برسالة جديدة من البيت الأبيض، تعزز دعاية المتطرفين وتزيد احتمالية موت المزيد من الأمريكيين فى هجمات".
ونقلت المجلة فى تقريرها عن إحسان الحريرى، وهو أستاذ فى معهد الدراسات الإستراتيجية بكلية الحرب: "لو أن هناك من يكتب سيناريو لداعش، لم يكن ليكتب واحدا أفضل من هذا الذى يصدره البيت الأبيض". وأضاف أنه منذ تولى ترامب مهام منصبه، كان يمضى فى طريقه بإدلاء بتصريحات وإصدار قرارات تضر بموقف أمريكا.
وتشير المجلة إلى أن محاربة الهجمات الإرهابية أمر معقد، ينطوى على مهارات عسكرية وثقافية ولغوية، والتعرف على الأنماط ووسائل الإعلام الاجتماعية والدعاية المضادة، ولا يمكن تعلمها فى أيام قليلة أو من خلال مشاهدة التلفزيون. وما يبدو منطقيا لرجال الدولة يثير فزع الخبراء الذين أمضوا سنوات، بل عقود فى محاولة معرفة دوافع الحركات الإرهابية، وأفضل السبل للحد من خطر وقوع هجمات. فمثلا، لم يكن القادة الأمريكيون ليجروا بلادهم أبدا إلى حرب ضد النازيين بدون تحليل شامل لهتلر وإيديولوجيته الفاشية ودورها فى القومية الألمانية. لكن ترامب، وفى غضون أسابيع أبدى استعدادا لأن يقوم بأفعال طائشة تبدو مثل الحس السليم، بينما يعرض أمريكا لخطر الهجمات أكثر مما واجهته قبل دخوله البيت الأبيض.
وتؤكد نيوزويك أن المشكلات نابعة من عدم قدرة أو استعداد البيت الأبيض على فهم مبدأين شكلا أساسا إستراتيجية أمريكا فى مواجهة ما تسميه التهديد الجهادى، الأول هو أن المسلمين الأمريكيين والحكومات فى الدول ذات الأغلبية المسلمة هم الحلفاء الأكثر أهمية فى معركة واشنطن ضد المتطرفين. والثانى هو أن أعداء أعداء أمريكا هم أصدقائها. وهذا يتطلب فهما بأن ليس كل المسلمين يمارسون عقيدتهم بنفس الطريق. فمثلما قتل الكاثوليك والبروتستنات بعضهم البعض على خلافات عقائدية قبل 500 عام، فإن الحروب العنيفة بين الشيعة والمسلمين تستمر إلى اليوم. والهجمات الكبرى فى الولايات المتحدة والحربين فى أفغانستان والعراق شملت طوائف سنية متطرفة، منها أبرز الجماعات العنيفة التى ينتمى أغلبها للوهابية.
وأوضحت نيوزويك أن استخدام ترامب مصطلح "الإسلام الراديكالى" فى خطاب تتويجه، كان سحقا لنصيحة استمرت على مدار 16 عاما من خبراء مكافحة الإرهاب بالسى أى إيه. ورغم احتفال اليمينين بما قاله، إلا أن الخبراء رأو هذا جهلا، وأن تحقيق ثوانى قليلة من البهجة القوية رفع مستوى الخطر.
وتقول نيوزويك إن الضرر الذى تسببت فيه سياسات إدارة ترامب أكثر اتساعا مما قد يبدو. فعلى سبيل المثال، إيران لديها دعايتها الخاصة بها، والتى عززها ترامب الآن بوضعه البلاد ضمن قائمة الدول الواردة فى قراره الثانى لحظر السفر، وهو ما يعنى أن الحكومة الأمريكية لا تفرق بين سنة وشيعة. وتعزز هذا الأمر بحقيقة أن العراق سوريا واليمن بديها نسبة كبيرة من السكان الشيعة أيضا.
وخلصت الصحيفة فى النهاية إلى القول بأن الوقت يمر، ومع نشر أعداء أمريكا كل يوم أرقام لا تحصى من الرسائل والفيديوهات والمقالات عبر الإنترنت، يحاول إقناع المسلمين العاديين بأن عائلاتهم وأصدقائهم وإخوانهم يواجهون هجوما. وبسبب فشل ترامب فى العمل بنصيحة الخبراء، فإن وهم ان الإسلام يواجها هجوما مثل بيرل هارير يمكن أن يدفع أعدادا متزايد من المسلمين للانضمام إلى معركة المتطرفين ضد الغرب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة