على الرغم من أن التسريبات الجديدة لموقع ويكيليكس، والتى كشفت عن استخدام وكالة الاستخبارات الأمريكية "سى أى إيه" لأجهزة الهواتف الذكية والتلفزيونات المنزلية للتجسس على أصحابها، ربما تكون غير مفاجئة، إلا أنها تضع وكالة التجسس الأولى فى الولايات المتحدة والعالم فى موقف محرج لعدم قدرتها على الحفاظ على أسرارها، فى الوقت الذى تعد فيه سرقة أسرار الآخرين مهمتها الأولى.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن هذه المعلومات الجديدة توضح كيف يمكن أن تتحول الأجهزة التى نستخدمها بشكل يومى إلى أدوات للتجسس على أصحابها. فوفقا لوثائق ويكيليكس التى تم الكشف عنها مساء الثلاثاء، فإن أجهزة التلفزيون والهواتف الذكية وحتى برامج السوفت وير المضادة للفيروسات جميعها عرضة لاختراق السى أى إيه. ومن القدرات التى تحدثت عنها الوثائق تسجيل الأصوات والصور والرسائل النصية الخاصة للمستخدمين، حتى عندما يلجأون إلى التطبيقات المشفرة للتواصل.
وتذهب الصحيفة إلى القول بإنه فى حين أن الهجمات التكنولوجية تمت مناقشتها فى وقت سابق فى المؤتمرات الخاصة بالأمن الإلكترونى، إلا أن الخبراء فوجئوا بوجود أدلة على أن السى أى إيه حول الكثير من نقاط الضعف لأدوات هجومية فاعلة.
وفيما يتعلق بأداة تسمى "الملاك الباكى" لمهاجمة تلفزيونات سامسونج الذكية، كتب ويكيليكس يقول إنه بعد المهاجمة تبدأ الأداه فى وضع التلفزيون المستهدف فى وضع إغلاق وهمى، بحيث يعتقد صاحب التلفزيون بشكل خاطئ أن التلفزيون مغلق عندما يكون قيد التشغيل. وفى هذا الوضع تتحول التلفزيونات إلى تسجيل المحادثات فى الغرفة وإرسالها عبر الغنترمت لخادم سرى تابع للسى أى إيه.
وأشارت تقارير إلى أن السى أى إيه درس أيضا التأثير على أنظمة تحكم السيارات والشاحنات، وزعم ويكليكس أن هذا يمكن أن يستخدم لإجراء عمليات اغتيال لا يمكن الكشف عنها تقريبا. وهناك وحدة متخصصة فى السى أى إيه تسمى " فرع الأجهزة النقالة" والذى ينتج برمجيات خبيثة للسيطرة على المعلومات وسرقتها فى أى فون، والتى كانت، وفقا لويكيليكس محل تركيز خاص بسبب شعبية الهاتف بين النخب السياسية والاجتماعية والدبلوماسية والتجارية. واستهدفت الوكالة أيضا الأجهزة الشعبية التى تستخدم نظام أندرويد، الأبرز فى العالم.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن FBI قد بدأ فى الإعداد لمطاردة كبرى لتحديد كيف استطاع ويكيليكس، الحصول على ترسانة مزعومة من أدوات القرصنة التى استخدمها "السى أى إيه" للتجسس، وفقا لما قاله عدد من المطلعين على الأمر.
وذهبت الصحيفة إلى القول بإن ما حدث كان سيناريو مألوفا لحكومة شهدت مرارا تسريب معلومات حساسة فى السنوات الأخيرة. فبعد التسريبات التى كان مصدرها الجندى تشلسى ماننج والمتعاقد السابق بوكالة الأمن القومى إدوارد سنودن، سعى المسئولون إلى تشديد الإجراءات الأمنية، وأصبح العملاء الفيدراليون يواجهون ضغوطا أكبر لمنع خروج الأسرار من الحكومة.
لكن ظل هناك تصدع فى النظام. ففى العام الماضى، ألقى FBI على هارولد مارتن، المتعاقد بوكالة الأمن القومى الذى أخذ إلى منزله وثائق تحمل تفاصيل عن بعض الأسلحة الهجومية الإلكترونية الأكثر حساسية والتى تستخدمها الوكالة. وظهرت بعض هذه الوثائق فيما بعد على الإنترنت، على الرغم من أن المحققين لا يزالوا حتى الآن يحاولون تحديد دور مارتن فى هذا الجزء من القضية.
من جانبها، رأت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" أن هذا الكشف يمثل مشكلة هائلة لـ "سى أى إيه" الذى يواجه خلافا بالفعل مع الرئيس دونالد ترامب بشأن مزاعم الأخير أن وكالات الاستخبارات تسرب أسرارا ضده.
وأشارت بى بى سى إلى أن التسريبات ستكون مشكلة مثلما كان حال بالنسبة لتسريبات إدوارد سنودن لوثائق الأمن القومى الأمريكى، وإن كانت التسريبات الجديدة أقل إثارة للدهشة بشأن القدرات التى أصبحت معروفة بعد وثائق سنودن. لكن هناك عامل الإحراج، فالوكالة التى مهمتها سرقة أسرار الآخرين لا تستطيع الحفاظ على أسرارها.
إذ أكدت الوثائق على أن وكالة المخابرات المركزية قادرة على تجاوز التشفير الخاص بعدد من تطبيقات المراسلة الشعبية وعلى رأسهم WhatsApp الذى يستخدمه 1.2 مليار شخص حول العالم، ولديها البرمجيات الخبيثة أدوات الاختراق المتطورة التى تمكنها من التغلب على التشفير الذى أطلقه واتس آب مؤخرا وقراءة الرسائل الخاصة بأى شخص حول العالم، ليس فقط مستخدمى واتس آب، بل لديها تقنيات لاختراق تطبيقات عالية التشفير مثل سجنال، وتليجرام، وموقع Wiebo الصينى، وجمع المعلومات النصية والصوتية التى تريدها قبل أن تعمل ميزة التشفير.
من جانبه، قال الخبير الأمنى "جايك ويليامز" لموقع SKYNEWS، إن التسريبات حقيقية إلى حد كبير، وهذا لأن الإشارات الواسعة إلى أمن العمليات فى تلك الملفات الضخمة تعنى أنها بكل تأكيد مدعومة من الحكومة، وإذا ثبت صحتها فهذا سيعد اختراقا كارثيا وضربة قاضية للمخابرات الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة