الدكتور مجدى بدران يكتب عن حساسية الفسيخ وسم "البوتيولاينام"

الإثنين، 17 أبريل 2017 06:00 م
الدكتور مجدى بدران يكتب عن حساسية الفسيخ وسم "البوتيولاينام" فشيخ ورنجة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الاحتفال بشم النسيم حق أصيل للمصريين، يحتفل به المصريون بالتنزه وتناول البيض الملون وتناول الأسماك، لكن طريقة صنع الفسيخ والأسماك المملحة تؤدى إلى زيادة تركيز مادة الهيستامين فيها.

 

الهيستامين عبارة عن مركب أميني ينتج من فعل إنزيمات بكتيريا روث الإنسان والحيوان على المواد البروتينية، وتكثر البكتيريا المكونة للهيستامين فى الخياشيم وأمعاء الأسماك الحية وليس لها ضرر على الأسماك، ولكن بعد موت الأسماك وبالتالى توقف جهازها المناعى عن العمل تنشط هذه البكتيريا، وتتكاثر بسرعة وتنتج الهيستامين، وإزالة الخياشيم والأمعاء تقلل من كمية الهيستامين لكن لا نمنع وجوده.

 

تنتج هذه البكتيريا أثناء نموها إنزيم هيستيدين ديكاربوكسيليز، وهو يتفاعل مع  الحمض الأميني الحر الهيستيدين، وهو مادة كيميائية طبيعية موجودة في كميات أكبر في بعض الأسماك من غيرها والنتيجة هو تكوين الهيستامين. هذا الإنزيم يظل نشطاً بعد تكوينه حتى فى حالة توقف البكتيريا عن إنتاجه أو موتها، لذا فهناك ثلاثى رهيب فى الفسيخ  يسبب الحساسية, أولا البكتيريا المكونة للهيستامين  والغليان يجعلها غير نشطة، ثانياً إنزيم هيستيدين ديكاربوكسيليز , يقل تأثيره بالتجميد و يعود لنشاطه بالتسخين، وثالثاً الهيستامين وهذا لا يتأثر بالتجميد أو التسخين . 

 

من الغريب أن بعض أنواع البكتيريا لا تتأثر بالملح و تظل نشطة وبعضها يعشق الملح وينشط فى وجوده، وبعضها لا يتأثر بغياب الأوكسجين . يفرز الهيستامين أيضاً بكثرة في الجسم خلال تفاعلات بعض الخلايا التحسسية الموجودة فى الأغشية المخاطية التى تستقبل مسببات الحساسية عن طريق فتحات الجسم كالأنف أو الفم أو الشرج أو العين. يسبب الهيستامين توسع الأوعية الدموية، وانخفاض ضغط الدم، وانتفاخ  جدران الأوعية الدموية مما ينتج عنه  ظهور أعراض الحساسية مثل سيلان الأنف، وسيلان الدموع ، وانقباض العضلات الملساء الموجودة فى الممرات الهوائية مسببا ضيق الشعب الهوائية وضيق النفس، وإحمرار الجلد، و حرقان بالفم، وصداع، و ميل للقىء مع التركيزات العالية .

 

بالرغم من المعاناة التى يسببها ظهور هذه الأعراض، فإنها تعتبر وسائل إنذار مبكر طبيعية تنبه الإنسان لتعرضه لأخطار فتدفعه دفعاً ليحمى نفسه فيتحرك إما بعيداً عن مصدر التلوث فيمتنع عن تناول طعام ما، أو يتجنب التعرض للأتربة، أو يذهب للطبيب فيداويه . اذا زاد تركيز الهيستامين في الدم فانة قد يؤدي الى التسمم . يسبب ترك الاسماك في درجةحرارة عالية لمدة طويلة التحلل والتعطن والتعفن وبالتالى الى زيادة تركيز الهيستامين . الملوحة الزائدة  من أضرار الأسماك المملحه,  و هى  تسبب حساسيات  و قىء  و إسهال . ملح الطعام  هو كلوريد الصوديوم , و  الصوديوم الزائد يحتجز الماء داخل  الجسم فيزيد الوزن و يضر القلب , يرفع ضغط الدم و  يضر الكلى , والكبد , و يزيد  احتمالات السكتة الدماغية والجلطات , و هشاشة العظام , و يضاعف الأزمات الربوية. يتواجد الصوديوم فى الجبن و الشيكولاتة و الأغذية المحفوظة , و الطرشى , و  الأغذية السريعةو المشروبات الغازيه , و العصائر الجاهزة , و المقبلات , و المقرمشات , و  اللانشون , و البسطرمة  و الخبز.

 

يفضل ألا نضع الملح على مائدة الطعام بل فى المطبخ فقط , و نستخدم البهارات كالقرفة والكمون والفلفل الأسود والليمون لتعوض الطعم المالح بلا أضرار الملح . ربما تكون الأسماك  منتهيه الصلاحيه أو غير معدة بطريقة صحيحة, أو عدم تركها وقتاً كافياً لمدة تقل عن ٣٠ يوماً  , أو أن أسماك غير طازجة , أو تركها مكشوفه فتتلوث بالأتربه والرصاص و الحشرات , و عموما عملية تصنيع الأسماك المملحة تساعد علي نمو البكتيريا اللاهوائية. أي فساد أو تلوث بها لا يستطيع المستهلك إكتشافه  بالعين المجردة  أو حاسة الشم  لأن طبيعة رائحتها النفاذة تغطي علي أي روائح فاسدة , و لا يستطيع المستهلك التعرف على التالف منها .  نحذر من تناول الأطفال  الفسيخ والرنجة لارتفاع نسبة الأملاح فيها واحتمال اصابة الأطفال بالنزلات المعوية أو التسمم.

 

الرنجة أقل خطورة من الأسماك المملحة الأخري لأنها تتعرض للحرارة قبل تناولها,يبطل مفعول السموم الموجودة في الفسيخ بتعرض الفسيخ لدرجة حرارة 100 درجة مئوية لمدة عشر دقائق كالقلي في الزيت.

 

يفيد تناول السلاطه  الطازجة , و شرب عصير الليمون .الفئات المعرضة لمخاطر الفسيخ  هى الأطفال  و الحوامل و ناقصى المناعة و مرضي القلب فالاسراف في تناول الأسماك المملحة كثيرا ما يسبب أزمات القلب الحادة التى تحتاج غرف العناية المركزة و نزيف المخ . 

 

التسمم  الغذائى  بالبوتيولاينام  خطير و قاتل,و ينتج من تناول السم المتراكم الناتج عن نوع من الباكتيريا تسمى  بكتيريا الكلوستريديام بوتيولينام  وهى بكتيريا لاهوائية خطرة جداً إكتشفها إميل  فان  , وهو عالم بلجيكى  مختص فى علم الميكروبات  سنة 1896 , خلال إنتشار حالات تسسم من السجق وعزلها من طعام سمم ثلاثة مرضى  , تم سنة 1949 إكتشف أن السم  الناتج عنها يشل الوصلات التى بين الأعصاب والعضلات الهيكلية .

 

هذا السم يتواجد ليس فى الفسيخ فقط بل كل الأغذية المحفوظة ,  خاصة داخل العبوات المحكمة الغلق التى يتم تناولها دون تسخين. يقتل هذا السم الأسماك والطيور فى البرك والمستنقعات نتيجة تسلل البكتيريا من أنسجة الحيوانات النافقة , و يكفى مايعادل 1 ميكروجرام ( جزء من مليون  جزء من الجرام ) لقتل الإنسان , و هناك سبعة أنواع من هذا السم  تعمل بنفس الألية سواء بالبلع أو الإستنشاق أو عن طريق الجروح.

 

يصيب هذا السم النهايات العصبية المتصلة بالعضلات بالشلل , مما يسبب ارتخاء  الجسم  و فشل الجهاز التنفسى , و شلل الحجاب الحاجز العضلة الرئيسية المسئولة عن التنفس . تبدأ أعراض التسمم بعد عدة ساعات إلى 36 ساعة من تناول الفسيخ الفاسد , و يبدأ الشلل فى عضلات الرأس والعنق ثم يهبط إلى عضلات الجسم تدريجيا حتى يصل إلى القدمين , و يسبب إزدواج و  صعوبة فى الرؤية  نتيجة إصابة العضلات المحركة للعين , و صعوبة البلع نتيجة إصابة عضلات البلعوم  و جفاف الفم , و صعوبة الكلام , و إنخفاض ضغط الدم . يهبط الشلل بسرعة ليشمل  عضلات الكتفين , ثم الذراعين , ثم الجزع , ثم الفخذين ,  ثم الساقين,  ثم القدمين  .

 

الوفاة تحدث من شلل عضلات التنفس . السم غير معدى, و يصيب كل من يتناوله فى كافة الأعمار بنفس الأعراض . النجاة من هذ السم تلزم التشخيص المبكر وتناول المصل مضاد للسم وهو غالى الثمن.  تناولوا الأسماك فى شم النسيم و لكن ابعدوا عن الأسماك المملحة .  

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة