كان الرئيس العراقى صدام حسين يقوم بتقليد بعض قادة وضباط الجيش العراقى بالأوسمة والنياشين يوم 2 إبريل 1990، وإذا به يلقى قنبلته: «سنرد على إسرائيل إذا استعملت ضدنا أسلحة نووية» ثم توعد: «إذا تعرض العراق لهجوم نووى، سنستعمل أسلحة متطورة تحرق بالنار نصف إسرائيل».
جاء كلام صدام تاليا لتربص غربى، وتهديدات إسرائيلية يرصدها الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «حرب الخليج.. أوهام القوة والنصر» «مركز الأهرام للترجمة والنشر- القاهرة»، ففى يوم 28 مارس، أعلنت السلطات البريطانية أنها عثرت على شحنات من أجهزة «الكريترون» التى تستخدم فى التفجيرات النووية، ثم أعلنت هذه السلطات أن هذه الشحنات كانت متجهة للعراق، وأنها قامت بمصادرتها، وفى نفس اليوم وقف صدام حسين فى اجتماع علنى وقد وضع أمامه على المنضدة مجموعة من أجهزة «الكرتيرون» قائلا: «إنها أجهزة بريئة تستعمل فى بعض الصناعات البتروكيماوية، والعراق ينتجها فعلا، ولا يحتاج أن يستوردها من الخارج، والقصة كلها ملفقة بتنسيق بين مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى، وإدارة المخابرات البريطانية، والهدف هو التشهير بالعراق».
وفى يوم 30 مارس 1990 أعلن الجنرال «أوهاد باراك» رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلى: «إن إسرائيل لابد أن تكون جاهزة لضربة وقائية ضد العراق فى أى وقت تشعر فيه أن قواته خطر عليها»، ثم تبعها إسحق شامير، رئيس وزراء إسرائيل، بقوله: «إسرائيل ستهاجم العراق إذا أحست أنه اقترب من إنتاج أسلحة نووية».
فرضت هذه التهديدات نفسها على الدوائر السياسية العربية الرسمية والشعبية والإعلامية منذ اليوم التالى لإطلاقها، ولم تتركها إسرائيل تمر هكذا، وحسب هيكل: «أطلقت إسرائيل فى يوم 3 إبريل «مثل هذا اليوم» 1990 قمرا صناعيا للتجسس العسكرى باسم «أوفوك» وهى كلمة عبرية تعنى «أفق»، أما على صعيد الدوائر الرسمية العربية»، اتصل العاهل السعودى الملك فهد بالرئيس صدام مبديا خشيته من تصاعد حدة الحملات، والحملات المضادة على هذا النحو، وأثناء الحديث بينهما اقترح «فهد» على «صدام» أن يبعث برسائل تطمين إلى كل من الرئيس جورج بوش «الأب» والسيدة مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا، ووافق صدام واقترح على الملك أن يرسل إليه السفير بندر بن سلطان سفير السعودية بأمريكا ليكون رسوله إلى «بوش» و«تاتشر»، وبالفعل وصل بندر يوم 5 إبريل إلى مدينة «سرستك» فى الموصل حيث كان صدام هناك، واجتمع به ودار بينهما حديث طويل.
كانت جهود الملك فهد تسير بالتوازى مع جهود أخرى يبذلها الرئيس المصرى «مبارك»، «لتهدئة الأمور والإمساك بزمامها قبل أن تفلت» بتعبير هيكل، كاشفا: «قام الرئيس مبارك باتصال مع الرئيس بوش لطمأنته أن الرئيس صدام رجل سلام، كذلك بعث الرئيس مبارك بنفس الرسالة إلى إسرائيل طالبا عدم تصعيد الموقف، لأن الأمور على هذا النحو ستؤدى إلى عواقب خطيرة، ثم وجد الرئيس مبارك أن الأمر يقتضى علاجا أوسع، وفى 8 إبريل أعاد تأكيد اقتراح مصرى منذ سنوات بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية». أشادت معظم الصحف العربية الصادرة يوم 3 إبريل بتهديدات صدام لإسرائيل، ففى الأردن قالت صحيفة الدستور فى افتتاحيتها: «الرئيس صدام حسين أيقظ يوم أمس أعمق ما فى قلوب أبناء هذه الأمة الكبيرة من توق شديد إلى وقفة عزة عربية ممهورة بطابع القوة والاقتدار والكبرياء القومى»، وأضافت: «وضع الرئيس صدام بكلمته الصريحة والمباشرة حدا لسياسة الاستخذاء العربى الطويل أمام الضربات الإسرائيلية»، وقالت صحيفة الرأى: «صوت صدام حسين كان أمس صوت أمتنا كلها من «الماء إلى الماء»، وصوت إرادتها وعزتها وعنفوانها»، وفى البحرين قالت صحيفة أخبار الخليج: «تصريحات الرئيس صدام جاءت فى توقيت مناسب، وبالغ الأهمية بعد الحملة الإسرائيلية الغربية غير المبررة التى ثارت مؤخرا ضد امتلاك العرب للسلاح النووى»، وفى قطر قالت صحيفة الشرق: «الرئيس صدام استطاع أن يتحدث مع دول الغرب بنفس اللغة التى تعترف بها وهى لغة القوة»، ومن الكويت قالت صحيفة القبس: «إن هذه الكلمة من الرئيس صدام حسين هى تحديد واضح لمسار العراق نحو التحرر من التبعية بكافة صورها الاقتصادية، والعلمية والتكنولوجية والتسليحية، وتأكيد على أن العراق لا يساوم على مبادئه ولا على أمنه أو أمن الدول العربية».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة