العلاقات المصرية الأمريكية ذات طبيعة استراتيجية خاصة، بالرغم من وجود تباين فى الرؤى بين البلدين فى العديد من القضايا.
منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات شهدت هذه العلاقات تطورًا كبيرًا، تمثل فى الزيارات الرسمية المتبادلة، وتعزيز التعاون فى عدد من الملفات الإقليمية، لاسيما مستقبل عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى المنطقة، حيث تعد مصر بوابة السلام فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة أنها الدولة الوحيدة القادرة على التوسط فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
وتأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الولايات المتحدة فى توقيت مهم، تحتاج خلاله القاهرة لتحديد طبيعة العلاقة مع واشنطن، ومدى استفادة مصر من تلك العلاقة فى ظل الأوضاع الراهنة التى تشهدها المنطقة، وسط انتشار ظاهرة الإرهاب، وبعد فترة من الجفاء التى مرت بعلاقات البلدين فى عهد الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما.
وفى هذا الصدد، أكد رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية، السفير الدكتور منير زهران، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى واشنطن تأتى فى توقيت مهم بعد سنوات من الانقطاع، موضحًا أن اللقاء السابق للرئيس السيسى مع دونالد ترامب قبيل انعقاد الانتخابات الأمريكية، مهد أرضية مناسبة بين الزعيمين.
وأضاف السفير «زهران» فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن زيارة «السيسى» تأتى عقب زيارات تمت من قبل الملك عبدالله الثانى، وولى ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، موضحًا أن أهم الملفات المطروحة والأولويات التى تهم مصر فى الوقت الراهن، هى مكافحة الإرهاب، والتعاون الدولى مع الولايات المتحدة فى هذا المجال.
وشدد «زهران» على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولى، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، لمحاربة تلك الآفة التى تواجه السلم والأمن الدوليين، وأن تقف الدول المحبة للسلام وقفة واحدة لمحاربة الإرهاب بجميع صوره، لافتًا النظر لضرورة تجفيف منابع تمويل الإرهاب، والوقوف ضد جميع الدوائر التى تدعم الإرهاب فى الشرق الأوسط، لاسيما فى مصر.
وأشار رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية إلى دور الولايات المتحدة الأمريكية فى التعاون مع مصر فى مجال تمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، داعيًا لضرورة تشجيع الاستثمارات الأمريكية فى إطار خطة التنمية الاقتصادية التى تتبعها مصر، والاستفادة من دور بنك التصدير والاستيراد، الذى يقدم قروضًا بتسهيلات كبيرة، وأكثر تجاوبًا مع احتياجات الدول التى تتعاون مع الولايات المتحدة فى هذا المجال.
ويعتبر التعاون العسكرى بين مصر والولايات المتحدة ركنًا أساسيًا فى طبيعة العلاقات بين القاهرة وواشنطن، ويصنف تدريب «النجم الساطع» بين القاهرة وواشنطن بأنه «المناورات التدريبية الأضخم فى المنطقة».
ويؤكد رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية فى هذا الإطار، أن التعاون العسكرى بين مصر وأمريكا ضرورة للبلدين، وأن السلطات المختصة فى مصر تعى طبيعة الاحتياجات المصرية على الصعيد العسكرى، وأن توقيت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للولايات المتحدة هو الأفضل لطرح هذا الملف.
بدوره، قال الخبير العسكرى والاستراتيجى، اللواء أحمد عبدالحليم، إن الدولة المصرية منفتحة على المائدة الدولية، وعلى عدد من الجهات المتعددة فى مصادر التسليح، حتى لا تسمح لأى قوة سياسية معينة أو اتجاه أيديولوجى معين بالسيطرة على السلاح الذى تحتاجه مصر.
وأشار اللواء أحمد عبدالحليم، فى تصريحات لـ«اليوم السابع»، إلى أن مصر بحاجة لعدد من الأسلحة المتقدمة التى تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية، كما تحتاج لبدائل أخرى من السلاح.
وحول إمكانية استئناف المناورات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة، أشار الخبير العسكرى والاستراتيجى إلى أن مصر يمكنها القيام بأى مناورات، سواء على المستوى الدولى مع الولايات المتحدة، أو مع الدول الأوروبية، أو على المستوى العربى، طبقًا لما تحتاجه من التعاون مع الدول الأخرى فى إطار الدفاع عن مصالح الدولة المصرية.
وحول تصنيف جماعة الإخوان جماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، عاد الحديث لمنير زهران، الذى أشار إلى أن تحيز إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وتأييدها لجماعة الإخوان الإرهابية، سيكون من بين الموضوعات المطروحة بين الرئيس «السيسى» و«ترامب». وتابع: «لنرَ مدى ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة لإدانة تصرفات الإخوان، والجماعات التى تفرعت عنها بمختلف المسميات، بحيث توقف كل ما من شأنه إحداث قلاقل فى المنطقة، ومدى احترامها للأمن القومى المصرى وتعزيزه»، معربًا عن أمله فى أن تتجاوب الإدارة الأمريكية فى وقف أى تعاون مع أى جماعات إرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان.
وبالانتقال للحديث عما تحتاجه مصر من أمريكا بخصوص الملفات الساخنة فى الشرق الأوسط، أوضح رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية، السفير منير زهران، أن المنطقة تشهد عددًا من الأزمات والمشكلات، داعيًا الولايات المتحدة للقيام بدور يحفظ الأمن والسلم الدوليين فى عضويتها الدائمة بمجلس الأمن الدولى.
ونوه «زهران» بالحاجة لتضافر الجهود بين واشنطن والقاهرة فى الملفات ذات الاختصاص، خاصة التسوية العادلة للقضية الفلسطينية، ولجميع المشكلات التى تحيط بمنطقة الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والامتثال لقرار مجلس الأمن الأخير الذى أدان الاستيطان فى الأراضى العربية المحتلة، مطالبًا تل أبيب بوقفه، ووقف عمليات ابتلاع أراضى العرب لصالح توسيع مستوطنات جديدة، تمهيدًا للدخول فى محادثات سلام عادلة يمكن من خلالها التوصل للتسوية المنشودة، وانسحاب إسرائيل لخطوط 4 يونيو 1967، ما يمهد لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، امتثالًا لقرارات الشرعية الدولية، ولدور واشنطن فى المنطقة، باعتبارها الداعم الأكبر لإسرائيل. وبيَّن رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية أن الأوضاع فى سوريا وليبيا والعراق واليمن ستطرح على طاولة الزعيمين، موضحًا أن موقف مصر ثابت فى تلك القضايا، وهو المطالبة بتكرار أهمية التوصل لتسوية سلمية لجميع المشكلات، عبر تلاحم مكونات الشعب فى كل بلد، لوضع نهاية لحالة عدم الاستقرار والمنازعات التى تهدد استقرار دول المنطقة، وضرورة الحفاظ على السيادة الإقليمية لتلك الدول، وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية، وهو ما تمخضت عنه مخرجات القمة العربية فى الأردن.
العدد اليومى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة