نظل نجري في دروب الحياة بحثا عن الراحة بحثا عن الحب هربا من غربة النفس، عن توأم الروح عن من نرتوي منه ومعه قليلون هم من يكونوا توأم أرواح ويصل إلي روح الكون ويعرف العشق من يجد توأم روحه ويتحدى كل الصعاب ويجابه من أجل الحفاظ عليه، ويخسر روحه ويصبح هالك لا محالة من يتخلى عن توأم روحه بدعوى أن الظروف أقوى منه أو أنه يصعب عليه التغيير، هالك لا محالة من ينخدع في الحياة ويخدع توأم روحه، هالك لا محالة من يستسلم لناموس البشر وقوانينهم خاسر روحه لا محالة من يبيع توأم روحه للثبات المجتمعي، والمتعارف عليه لكسر الروح سيعيش حتما ولكنه سيكون كالأموات يعيش ميتا من فقد روحه، من ترك توأم روحه أيا كان عشق الحبيب والذي يأخذنا للعشق الإلهي الأكبر من يتماهى في روح حبيبه وتوأم روحه يعرف بالتأكيد طريق الله.. تبا لأولئك الذين يتحاشون الحب".
في روايتها "قواعد العشق الأربعون" أو لنكن أكثر دقة قواعد الحرية وتحرر الروح، حرية الروح هو الأساس في كل قاعدة من القواعد التى رصدتها المؤلفة.. كيف تتغلب على عبودية الأشياء والأشخاص كيف تقاوم الرغبات وتتماهى فقط مع من يكمل روحك ويشعرك بالتواجد اعتاد البشر أن يحبوا بشروط وهم بهذا لم يتحرروا يوما، يستعبد بعضهم البعض باسم الحب.
قواعد الحب والحرية
قواعد العشق الأربعون للمؤلفة التركية "اليف شافاق" هي سفر في الزمان والمكان، قصة حب من الماضي تتوازى معها قصة حب معاصرة، "قواعد العشق الاربعون" تردد بين العقل والقلب، بين الفكر والحب، قصة اتحاد بين مولانا جلال الدين الرومي والدرويش شمس الحق التبريزي، بين ايلا المرأة التقليدية وعزيز المصور البدوي الذي يرمز للروح عزيز كان توأم روح ايلا تركت أسرتها وولديها لأجله تركت الحياة الرتيبة والمملة لأجل أن تتحقق وتتوحد مع توأم روحها.
"عندما كنت طفلاً، رأيت الله، رأيت الملائكة، رأيت أسرار العالمين العلوي والسفلي، ظننت أن جميع الرجال رأوا ما رأيته. لكني سرعان ما أدركت أنهم لم يروا"
هكذا يتحدث التبريزى، وتلك الجمل كانت مفتاح العلاقة مع الرومي.
اتحاد بين الأستاذ والتلميذ، الشيخ ومريده، الكاتب والقارئ، فيصبحان روحا واحدة متدفقة تهدر بكل معانى الحب والعشق هكذا سطعت نور شمس الحق على حياة الرومي وغيرته بالحب، فانتقل من علوم الشريعة إلى علوم الحقيقة، ومن عالم سمعته تملأ الآفاق وخطيب يلمس أرواح الآخرين إلى عاشق حر استطاع أن يتجرد حتى من سمعته ليلمس روحه هو ويبلغ أرقى درجات العشق.. هكذا أيضا غير الحب من "ايلا" تلك الزوجة التي تعيش أياما متشابهة منذ عشرين سنة، قبل ان تقع في حب عزيز مؤلف رواية تعمل على نقدها لصالح احدى الوكالات الأدبية.
قواعد العشق الأربعون قصة بحث عن مرآة تعكس روحك، عن بعضك في الكل وعن كلك في البعض، عن طريقة تلمس فيها الفراغ الكائن بين القدر والاستسلام عن الماء والنار حين تختلط حدودهما بالعشق، عن الله في داخلك، في محبوبك، في كل شيء وعنك أنت في داخل الله.. عن إدراك أن كل شىء يسير للعدم فلماذا إذا لا تعيش حياتك كما تشعرها وتحسها أنت وليس كما يمليه الآخرون.
تلك الرواية التى حققت صدى واسعا على مستوى العالم وتمت ترجمتها إلى لغات عدة، كانت المحرك للمخرج المسرحي الموهوب عادل حسان ليستوحى منها نصا مسرحيا بنفس العنوان" قواعد العشق الأربعون" تعرض حاليا على مسرح السلام وتحقق نجاحا تصاعديا منذ أن رفع الستار عن العرض.
حسان .. والتصوف
ويأتى هذا العرض بعد أن قدم عادل حسان «اقترب ورأى» والذي جال خلالهما في عالم التصوف المدهش، وفى تجربة «الجبل»، قادته الأجواء إلى موسيقى المولوية، وفى «شيكانارا» دارت الأحداث بقرب ضريح أحد ألأولياء وكانت الصوفية وأجوائها هي إطار العمل، وعادل قريب من عالم التصوف يبحث عن نفسه فيه يتساءل عن السلام الداخلي للروح والذي ينعكس بالضرورة علي السلام في العالم، من يرى العالم ويدرك روح العالم ويعرف معنى العدم يصل للكثير من السلام النفسي لذلك وجد في رواية "اليف" ضالته وبدأ العمل عليها مع فريق عمله.
الرواية.. والمسرحية
شاهدت العرض المسرحي في ليلة افتتاحه.. وبالطبع كان في خيالي النص الروائي الذي قرأته واستمتعت به، ومع بداية العرض تساءلت هل أوقع حسان نفسه في فخ الرواية؟ هل سيتمكن من النجاة من الفخ؟ خصوصا مع اختلاف الفضائين أو العالمين العالم الروائي بمفرداته والمسرحي بعناصره .. وتعمدت أن أكتب عنه بعد مرور وقت طويل لأتابع أخباره ونجاحاته وليتأكد حسي الأول أنه عمل يحتفي بالحب وصادق رغم بعض الهنات وتحديدا ما يتعلق باختيار ممثلين بعينهم.
وفي ظني نجح عادل إلى حد كبير حيث قرر أن يستغنى عن الزمن الحاضر في الرواية وتحديدا قصة "عزيز وأيلا "، ليقدم عملا مسرحيا يحتفي بالصوفية والتصوف عملا يعلي من فكرة قبول الآخر.. ويعلي من أشعار المتصوفة الكبار "ابن الفارض ومحي الدين العربي والسهروردي والإمام سعيد بن أحمد بن سعيد وبالطبع جلال الدين الرومي، ووظف عادل ومعه فريق عمله الديكور للمبدع مصطفى حامد والإضاءة لإبراهيم الفرن والموسيقى والألحان للدكتور محمد حسنى بما يخدم طبيعة النص، تقسيم الديكور مابين منزل جلال الدين الرومي .. والشيخ الأعظم .. والتعليق الموسيقى ..هذا الديكور ساعد على أن تكون هناك سلاسة في حركة الممثلين على المسرح .
10
و"إن السعي وراء الحب يغيرنا.. فما من أحد يسعى وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته، وما أن تبدأ رحلة البحث عن الحب، حتى تبدأ تتغير من الداخل والخارج" وفي ظنى أن هذا هو المقطع الأساسي الذي كان المحرك وراء خروج هذا العرض المسرحي الذي يحتفي بالحب ويعلي من شأنه الملىء بالحب.
11
العمل يقوم ببطولته عدد كبير من الفنانين منهم بهاء ثروت في دور شمس التبريزى، فوزية وعزت زين في دور جلال الدين الرومي ، أميرة أبوزيد ودينا أحمد ، إيهاب بكير، وسمير عزمى صاحب الصوت المعجون بالنفحات الصوفية..والذي يتجلى على المسرح مع كل أغنية ويحصد مزيدا من التصفيق، والأزياء لمها عبدالرحمن، والموسيقار السكندرى محمد حسنى، وفرقة المولوية العربية للتراث الصوفى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة