يستعد الرئيس الفرنسى المنتخب إيمانويل ماكرون لتسلم مهامه رسمياً خلفاً للرئيس المنتهية ولايته فرانسوا هولاند، الأحد المقبل، فى الوقت الذى بدأت فيه الأحزاب الاستعداد مبكراً للانتخابات التشريعية المرتقبة ومن بينها حزب الجبهة الوطنية الذى تعرض لانقسامات حادة على مدار الساعات الماضية بعد الهزيمة المدوية لزعيمته اليمينية المتطرفة مارين لوبان أمام ماكرون فى جولة الإعادة بالانتخابات.
وبعدما كشفت مؤشرات التصويت فى الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة الفرنسية التى جرت الشهر الماضى تراجع شعبية الأحزاب القديمة مقابل الحركات المستقلة ومن بينها حركة "إلى الأمام" التى تزعمها الرئيس المنتخب ، تسعى الأحزاب الاشتراكية واليسارية إلى إعادة ترتيب أوراقها على آمل استعادة قدر من ثقة الناخبين والفوز بمقاعد البرلمان.
وقبل انطلاق الانتخابات التشريعية المقررة فى 11 يونيو المقبل، أعلن رئيس الوزراء الاشتراكى السابق مانويل فالس انضمامه إلى الأغلبية التى يمثلها ماكرون، فيما انسحبت مؤقتا من العمل السياسى ماريون ماريشال لوبان الوجه الصاعد فى الجبهة الوطنية بعد هزيمة خالتها مارين لوبان.
ومن المتوقع أن تكون الانتخابات التشريعية حاسمة بالنسبة لماكرون البالغ من العمر 39 عاما، والذى يسعى من خلال حركة "إلى الأمام" إلى السيطرة على مفاصل البرلمان القادم حتى يتمكن من البدء فى ولاية رئاسية سهلة لا تعرقلها سلطات البرلمان.
وفى الوقت الحالي، أعلنت غالبية من 52% من الفرنسيين فقط تأييدهم حصول ماكرون على أغلبية نيابية فى الجمعية الوطنية فى الانتخابات المقبلة، وفق استطلاع للرأى نشر مساء الأربعاء. فيما يحلم كل من اليمين واليسار بتعويض هزائم الانتخابات الرئاسية عبر حصد أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان القادم.
وفى معسكر الاشتراكيين واليسار الفرنسى ، آثار إعلان مانويل فالس رئيس الوزراء السابق بالإنضمام إلى حركة ماكرون ردود فعلاً غاضبة، فى الوقت الذى أعلنت فيه حركة الرئيس "إلى الأمام" عن ترحابها بالوافد الجديد لكن بفتور لافت.
وأمام خروج "فالس" ، أعلن الحزب الاشتراكى ومرشحه الخاسر فى انتخابات الرئاسة الأخيرة بانو هامون إنشاء حركة "واسعة وجامعة لمختلف التوجهات الحزبية ذات الميول اليسارية" للاستعداد بقوة لانتخابات البرلمان.
وبحسب "هامون"، الذى حصل على 6.4% فقط من أصوات الناخبين فى الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، فإن الحركة الجديدة ستضم العديد من الشخصيات اليسارية والاشتراكية من بينها رئيس بلدية باريس آن ايدالجو، ووزيرة العدل السابقة كريستين توبيرا.
وبعد سلسلة الهزائم المدوية التى تكبدها اليمين، فى سباق الانتخابات الرئاسية ، وخروج فرانسوا فيون رئيس الوزراء السابق من الجولة الأولى متأثراً بفضيحة فساد زوجته بينيلوب فيون المهددة بالسجن، يحاول معسكر اليمين البحث عن بدائل.
وأمام اضطراب المشهد قبل انتخابات البرلمان، خرج السياسى المخضرم المحسوب على تيار اليمين، رئيس الوزراء الأسبق آلان جوبية داعياً لإعادة ترتيب الأوراق داخل معسكر الأحزاب اليمينية ، والتنازل لاختيار قيادة موحدة.
وأمام مشهد اليسار واليمين المضطرب ، وفى الوقت الذى يستعد ماكرون فيه للدفع بكوادر حركته لجولة ثانية من الانتخابات يضمن من خلالها أغلبية المجلس النيابى، ضربت الانقسامات حزب الجبهة الوطنية بقوة متأثراً بتوابع زلزال الخسارة المدوية لزعيمته مارين لوبان.
وبعد أيام من إعلان ماكرون رئيساً للبلاد، أقدمت ماريون ماريشال ، ابنة شقيقة مارين لوبان المرشحة الخاسرة ، على تقديم استقالتها من الحزب واعتزال الحياة السياسية بشكل نهائى. وقالت البرلمانية الشابة (27 عاما) والتى تتمتع بشعبية واسعة جنوب شرق فرنسا إنها اتخذت قرارها "لأسباب شخصية وسياسية".
وأضافت ماريون التى تعد أصغر نواب الجمعية الوطنية: "يكون المرء قائدا سياسيا جيدا يعنى أن يخوض تجارب أخرى غير النجاح الانتخابى"، الأمر الذى اعتبره مراقبون بمثابة قرار سيتبعه عودتها للحياة السياسية من خلال حركة أو حزب جديد.