نزلت مجموعتان من الضفادع البشرية المصرية إلى الماء من شاطئ العقبة فى الساعة العاشرة من مساء يوم 14 مايو عام 1970، تكونت المجموعة الأولى من الضابط ملازم أول عمر عز الدين، والرقيب على أبوريشة، والثانية من الضابط ملازم أول نبيل عبدالوهاب والرقيب فؤاد رمزى، ووفقًا لكتاب «البحرية المصرية من محمد على إلى السادات» تأليف عبده مباشر، «الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة»: «حملت كل مجموعة لغمًا كبيرًا يحتوى على 150 كيلو جراما من مادة «الهكسانيت» شديدة الانفجار، وذلك بعد تلقينهم نهائيا لمهمتهم، فماذا عن هذه المهمة؟
هى العملية الثالثة فى عمليات «البحرية المصرية» ضد ميناء إيلات الإسرائيلى، أثناء حرب الاستنزاف، التى كان الجيش المصرى يخوضها ضد إسرائيل بعد نكسة 5 يونيه 1967، ووفقًا لكتاب «حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل 1967 - 1970» تأليف: إنجى محمد جنيدى «دار الكتب والوثائق القومية - القاهرة»، فإن العملية الأولى تمت ليلة 15 و16 نوفمبر، وأدت إلى تدمير السفينتين الإسرائيليتين «هيدروميا» و«داليا»، وحدثت أضرار جسيمة بمنشآت الميناء، واستشهد الرقيب محمد فوزى البرقوقى، وسبح الملازم أول نبيل عبدالوهاب بجثته حتى وصل إلى الشاطئ الأردنى، وتمت العملية الثانية فى ليلة الخامس والسادس من فبراير 1970، وشهدت انفجارًا ضخمًا فى السفينتين «بيت شيفع» و«بات يام»، ومقتل وإصابة 60 فردًا من القوات الإسرائيلية، مما أدى إلى تغيير قائد السلاح البحرى الإسرائيلى، وتولى «إبراهام بوتسير» الذى اتبع أسلوب إخلاء «إيلات» قبل الغروب بحوالى ساعة، وحتى صباح اليوم التالى.
لم يؤد الأسلوب الجديد إلى وقف الهجمات المصرية، وتذكر «جنيدى» أن المخابرات المصرية لقيادة القوات البحرية وصلتها معلومات تفيد بأن ناقلة الإنزال الرئيسية «بيت شيفع» تم إصلاحها من الأضرار التى لحقت بها أثناء «العملية الثانية»، وفكرت قيادة القوات البحرية المصرية فى عملية جديدة ضدها، إلا أنها كانت كبقية السفن تغادر الميناء كل ليلة لتعود فى صباح اليوم التالى، فقررت القيادة المصرية التغلب على ذلك بزرع لغمين «الهكسانيت»، فى القاع أسفل الرصيف الحربى، الذى ترسو عليه «بيت شيفع»، وأن يتم تثبيت بثهما عند منتصف الليل، على أن يضبط جهاز تأخير التفجير على زمن اثنتى عشرة ساعة، أى أن انفجار اللغمين يحدث نحو الساعة الثانية عشرة ظهرا، مما يؤدى إلى غرقها.
تحدد يوم السبت - يوم السكون الإسرائيلى - موعدًا للتنفيذ، ووافق يوم 14 مايو، ويذكر «مباشر»، أنه تم حساب أول وآخر ضوء، وكذلك مواعيد شروق وغروب القمر، ونزلت المجموعتان الماء والتوجه إلى مكان زرع الألغام، وعندما وصلتا إلى مسافة 500 متر من الرصيف فى حوالى الساعة الثانية من صباح يوم 15 مايو «مثل هذا اليوم» 1970، تعرضتا لعبوات مضادة للضفادع كانت تلقى فى الماء بفاصل زمنى لا يكاد لا يتجاوز الدقيقتين، وانفجر البعض منها على مسافة أمتار قليلة، وحكى أحد الضباط، الذين اشتركوا فى العملية أنه رأى كرة تنفجر أمامه تحت سطح الماء، وبلغ من شدتها أنها جعلته يدور فى الماء دائرة كاملة 360 درجة، وأصيبت آذانهم من شدة الانفجار، وبالرغم من هذه الإجراءات وصلوا إلى غايتهم، ووضعوا الألغام على القاع، على مسافة حوالى ثلاثة أمتار من حائط الرصيف، حتى لا تكون عرضة للاكتشاف من فوق سح الماء.
عادت المجموعتان «أربعة رجال» إلى الشاطئ الأردنى فى الساعة الخامسة والنصف صباح يوم 15 مايو، ويؤكد «مباشر» أنهم سلموا أنفسهم إلى السلطات الأردنية، حيث أرسلوهم إلى المستشفى العسكرى الأردنى لعلاج آذانهم، وتذكر «جنيدى»، أن اللغم الأول انفجر فى الساعة السابعة وخمس وثلاثين دقيقة من صباح يوم 15 مايو على غير المتوقع، وخلافًا لما تم ضبطه على جهاز التفجير، وفى نفس الوقت تأخر وصول الناقلة «بيت شيفع» حتى الثانية عشرة إلا خمس دقائق ظهرًا أى تأخرت ست ساعات عن موعدها، أما اللغم الثانى فانفجر فى الساعة التاسعة والنصف من صباح نفس اليوم «15 مايو»، وعلى الرغم من أن العلمية لم تحقق هدفها إلا أنها أصابت القوات الإسرائيلية بإحباط كبير، وكبدتها خسائر كبيرة فى الأفراد، حيث شوهدت عمليات سريعة لانتشال عديد من جثث القتلى من المياه، وخاصة من أفراد ضفادعهم البشرية الذين كانوا يعملون وقت حدوث الانفجار فى تقطيع جسم السفينة «بات يام» التى سبق أن أغرقتها الضفادع البشرية المصرية فى إغارتها الثانية، كما شوهدت عربات الإسعاف وهى تنقل الجرحى والمصابين من على رصيف الميناء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة