يبدو أن جماعة الإخوان الإرهابية تواجه أزمة متصاعدة، فوسط حالة التصدع والانشقاقات التى تشهدها الجماعة بين جناحى محمود عزت ومحمد كمال، وخروج قطاعات من الشباب على سيطرة القيادات التقليدية، واستمرار النهج العنيف الذى تنتهجه الجماعة ضد مصر، وخطابها الإعلامى التهييجى، المنطلق من تركيا وقطر، برعاية مباشرة من الدولتين، يحاول كثيرون من قيادات الجماعة وأعضائها طرح أفكار ورؤى لإنهاء حالة الصراع الداخلى بين فصائل الجماعة، ويبدو أن المحاولات الجديدة ربما لا تكون أفضل حظا من سابقاتها، التى باءت كلها بالفشل.
مؤخرا دخلت الأزمة الداخلية لجماعة الإخوان الإرهابية منحنى جديدا، بعدما بدأت قيادات إخوانية هاربة فى استدعاء قيادات السجون، وعلى رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع، للتدخل لحل الأزمة الداخلية للتنظيم، فى الوقت الذى نشرت فيه الجبهة الشبابية للجماعة ورقة تقييمات ثالثة، طالبت فيها بضرورة تقييم أخطاء التنظيم، فيما اعتبر خبراء ومهتمون بشؤون الجماعة، الاتجاه الجديد خطوة فاشلة على طريق السعى لإنهاء الأزمة الطاحنة التى تعانى منها الجماعة خلال السنوات الماضية.
جمال حشمت يطالب مرشد الجماعة الإرهابية بحل الأزمة من داخل السجن
فى البداية، طرح جمال حشمت، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان فى الخارج، والهارب فى إسطنبول، على قيادات الجماعة ضرورة تدخل محمد بديع، مرشد الجماعة، من داخل سجنه، لحل الأزمة الداخلية الحالية.
وقال "حشمت"، فى تصريحات له نشرها أحد مواقع الإخوان: "وجب على القيادة التى لا يختلف عليها اثنان، أن تقوم بدورها، رغم كل الظروف التى تحوطها، فى مناشدة الجميع داخل الإخوان، وإلزام الجميع بموقف واحد، بعد تضييع كل هذه الأوقات دون حتى تخفيف الاحتقان بين أفراد التنظيم".
ودعا القيادى الإخوانى، قادة الجماعة الإرهابية لمطالبة المرشد العام محمد بديع، وقيادات الجماعة الآخرين داخل السجن، بتسمية اسم أو عدّة أسماء، وتكليفهم بإجراء ما وصفه بـ"المصالحة الواجبة بين الإخوان"، فى مدة محددة زمنيا دون تأخير، ووفق إجراءات بعينها، مطالبا المرشد العام للجماعة بسرعة التدخل لإنهاء خلافات الجماعة الداخلية.
واعترف جمال حشمت، بعدم وجود خطة واضحة، أو بلورة الجماعة لأهدافها، موضحا أن استمرار الأزمة الداخلية سيساهم فى استمرار سقوط التنظيم، متابعا: "التاريخ يقول إن غياب البلورة التى يتجمع حولها الإخوان لن تؤدى إلى تقوية الجماعة، ويجب أن تكون قرارات الشخص المُكلف من المرشد العام بإنهاء الأزمة الداخلية نافذة على الجميع؛ لتجاوز فشل المسؤولين بالإخوان، والاختلاف الذى كبّل الفريقين، وبالتالى لن يستطيع أحدهما أن يتخذ قرارا أو موقفا".
مكتب الإرشاد المحسوب على جبهة الشباب يطالب بمحاسبة القيادات وضبط خطاب الجماعة
فى إطار متصل، أعلن المكتب العام لجماعة الإخوان الإرهابية - مكتب الإرشاد المؤقت، المحسوب على جبهة الشباب - إصدار ورقة التوصيات الختامية للتقييمات الخاصة بأداء الجماعة خلال السنوات الستة الأخيرة، باعتبار مسألة التقييم الدائم للمسارات والأعمال والمواقف المتلعقة بالإخوان، ومحاسبة القيادات، مسألة وجود ومبدأ لا غنى عنه.
كما أوصت اللجنة، بضبط الخطاب الإعلامى للجماعة ودراسة أساليبه، والتعامل الجدّى مع أى مبادرات تعمل على إزالة الخلاف بين عناصر الإخوان ومفرداتهم، ودعت التوصيات لإعادة طرح مسودة اللائحة الجديدة للإخوان ومؤسساتهم للنقاش والضبط، وإعادة تقييم التراث الإخوانى من جديد.
كمال حبيب: اقتراح جمال حشمت يؤكد أن صراع الجماعة الداخلى لا حل له
على جانب آخر وفى إطار تحليل ما تشهده الجماعة من تحركات، قال الدكتور كمال حبيب، الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية، إن مطالبة جمال حشمت للمرشد بالتدخل لحل الأزمة الداخلية فى الجماعة، تؤكد أن أزمة الصراع بين الفريقين المتواجهين فى الإخوان لا حل لها، وأن الجهات التى تدخلت لحلها من قبل فشلت فى ذلك، ويبدو أن المجموعة القديمة التى يقودها الجيل العجوز هى التى تسيطر على مقاليد الأمور، وأن الشباب ومجموعة القيادات الجديدة للجماعة غير قادرين على إنجاز شىء فى الواقع.
وأضاف "حبيب" فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن جمال حشمت يسعى لمحاولة مساعدة مجموعة شباب الإخوان لدمجها فى الجماعة من جديد، بيد أن تدخل المرشد متوقف على تفهمه لحقيقة ما يجرى، والاستماع لكل طرف، والخروج بتقرير حول الأزمة من جهة محايدة، وتوصيات يمكن للمرشد الاستناد إليها، وكل ذلك لم يحدث ولا نعرف إذا كان قد تم أم لا.
وتابع الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية تصريحه قائلا، إنه يبدو صعبا على المرشد التدخل فى قضية لا يعرف أبعادها، وليس لديه تصور لحلها، ولا توصيات من مساعدين أو خبراء لاتخاذ قرار بشأنها، كما أن وجود المرشد فى السجن وملاحقته قضائيا تحول دون وجود قنوات تواصل تحقق الهدف الذى ينشده "حشمت"، ما يجعل المسألة صعبة، بل فى حكم المستحيل.
باحث: جمال حشمت من المكروهين بالجماعة وقيادات العواجيز لن يستجيبوا لطلبه
فى السياق ذاته، قال خالد الزعفرانى، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، إن قيادات العواجيز داخل الإخوان لن يستجيبوا لطلب جمال حشمت، ولن يُدخلوا محمد بديع طرفا فى الأزمة الحالية للجماعة، خاصة أن "حشمت" من الشخصيات المكروهة داخل الإخوان.
وأضاف الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، أن الخلافات الداخلية للإخوان لن تُحل من خلال تدخل محمد بديع، نظرا لأن الخلاف الحالى على من يقود الجماعة، ومن ثم فإن دعوات جمال حشمت ستفشل، وكذلك المراجعات التى يخرج بها شباب الإخوان لن تلقى من يسمع لها داخل الجماعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة