كشفت محطة "سى.إن.إن" الأمريكية، إن محامو البيت الأبيض بدأوا بحث إجراءات العزل الخاصة بالرؤساء الأمريكيين، فى محاولة للإستعداد لاحتمالات تعرض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، للعزل، من قبل الكونجرس الأمريكى، ذلك بحسب شخصين مطلعين على المناقشات.
وبحسب المصادر التى تحدثت لـCNN، السبت، يعتقد مسئولو البيت الأبيض، إن الرئيس ترامب، يحظى بدعم الجمهوريين فى الكونجرس مما يحول دون هذا الإجراء، وتضيف أن حتى الديمقراطيين حاولوا تهدئة الحديث عن إجراءات عزل محتملة حتى لا يتم إستباق الأحداث.
ومع تصاعد الأحداث سريعا بالنسبة لترامب، منذ أن قام بشكل مفاجئ بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى جيمس كومى، الأسبوع الماضى، تزايدت التنبؤات باتجاه الكونجرس نحو اتخاذ إجراءات بعزل الرئيس الأمريكى من منصبه، استنادا على شبهات بعرقلة العدالة، لاسيما أن كومى كان مسئولا عن التحقيقات الجارية فى علاقة حملة ترامب بروسيا والتدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 عبر أنشطة قرصنة إلكترونية.
بدأت التوقعات بإجراءات العزل منذ أن غرد الرئيس الأمريكى على حسابه صباح الجمعة الماضية، "الأفضل لجيمس كومى، أن يأمل بعدم وجود تسجيلات لأحاديثنا قبل أن يباشر الإدلاء بتصريحات للصحافة"، التغريدة التى زادت الجدل اشتعالاً واعتبرت تهديدًا صريحا للمدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى وعرقلة للعدالة.
وأتجه خبراء قانونيون أمريكيون، للقول بأن تلويحات ترامب بشأن وجود تسجيلات لكومى حتى لا يتحدث للإعلام، تدفع بقضية محتملة لعرقلة سير العدالة، التهمة التى أسفرت عن إجراءات عزل أثنين من الرؤساء فى الـ43 عاما الماضية.
ويقضى قانون التسجيلات الرئاسى لعام 1978، الخاص بإصلاح نظام ما بعد فضحية ووترجيت، بأن يحافظ الرؤساء على التسجيلات التى يجرى تسجيلها فى البيت الأبيض وأن يتم حفظها فى أرشيف التسجيلات.
ويستند القانون على قرار المحكمة العليا الأمريكية عام 1974، الذى أدى إلى استقالة الرئيس الأمريكى السابق، نيكسون، فى فضيحة تسجيلات ووترجيت، وقرر القضاة بالإجماع أنه لا يمكن للرئيس أن يدعى "امتيازا تنفيذيا" ضد أمر استدعاء لتسجيل مسموع فى المكتب البيضاوى.
وقال البروفسور صمويل بول، مدعى عام فدرالى سابق، إن "العرقلة" جريمة ذات طابع جاد، وأضاف" إنها تتعلق بالغرض الذى تم الفعل من أجله من الناحية النظرية، فإن محاولة تخويف أو إسكات أو حتى التأثير على شخص يحقق معك يمكن أن يكون عرقلة للعدالة ".
من جانب أخر تزداد التحقيقات الخاصة بالملف الروسى، سخونة حيث كشفت صحيفة واشنطن بوست، اليوم السبت، عن أن التحقيقات الخاصة بوجود تنسيق محمتل بين روسيا وحملة دونالد ترامب الانتخابية، العام الماضى، شملت مسئول رفيع فى البيت الأبيض مقرب من ترامب، مما يظهر تمدد التحقيقات لأعلى المستويات، وفقا لأشخاص مطلعون.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، إن المستشار الرفيع الذى يقع تحت التدقيق من قبل المحققين الأمريكيين هو شخص مقرب جدا للرئيس ترامب، فيما رفض الأشخاص المطلعون على الأمر الكشف عن اسم المستشار.
وقالت المصادر إن المحققين يصبون تركيزهم على الأشخاص الذين كان لهم تأثيرا فى حملة ترامب ومن تمتعوا بنفوذ داخل الإدارة الأمريكية، لكنهم لم يعدوا جزءا منهم، بما فى ذلك مستشار الأمن القومى السابق مايكل فلين، الذى اضطر لمغادرة منصبه بعد الكشف عن كذبه بشأن علاقته بمسئولين روس، والرئيس السابق للحملة الانتخابية بول مانفورت.
وتقول الصحيفة إن من بين المسئولين الحاليين داخل الإدارة الأمريكية ممن أقروا باتصالات بينهم والمسئولين الروس، جارد كوشنر، صهر الرئيس ترامب ومستشاره الرفيع، وجيف سيشنز، المدعى العام الأمريكى، وريكس تيلرسون، وزير الخارجية.
يأتى هذا فى الوقت الذى تتجه فى التحقيقات إلى مرحلة أكثر كشفا مع انتقال المحققين من العمل الذى تم بعيدا عن أعين الرأى العام إلى مرحلة إجراء المقابلات واستخدام المحلفين وإصدار مذكرات الاستدعاء، وبحسب الأشخاص الذين تحدثوا لواشنطن بوست، شريطة عدم كشف هويتهم، فإنه من المتوقع تسريع التحقيقات فى الأسابيع المقبلة.
وفى عام 1998 سعى أعضاء الكونجرس إلى عزل الرئيس "بيل كلينتون"، إنذاك، بعد اتهامه بالكذب فيما يتعلق بعلاقته بمونيكا لوينسكى، وتم توجيه اتهام له بالكذب فى الحلف وعرقلة سير القانون، وصوّت مجلس النواب فى 19 ديسمبر 1998 بإقالته، غير أن مجلس الشيوخ أقر فى 12 فبراير 1999 براءته. ويحتاج العزل إلى تصويت الأغلبية فى كل من مجلسى الشيوخ والنواب لصالح القرار، وبالنظر إلى سيطرة الجمهوريون على المجلسين، فربما يكون التصويت لصالح العزل صعب تحقيقه حتى يستعيد الديمقراطيون الأغلبية فى الكونجرس فى انتخابات 2018.
غير أن الجمهوريون أنفسهم باتوا يشعرون بالإحراج والغضب من الرئيس الحالى، حتى أن السيناتور الجمهورى الرفيع، جون ماكين، قال، فى تصريحات أمس الثلاثاء، إن فضائح الرئيس ترامب، العديدة وصلت إلى حجم ومستوى "ووترجيت"، الفضيحة التى أطاحت بالرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون عام 1973.
غير أن الكاتب الأمريكى روس دوست، أشار فى مقاله بصحيفة نيويورك تايمز، الأربعاء الماضى، إلى إن المادة 25 من الدستور الأمريكى، هى الأنسب بحيث يتم عزل الرئيس وتنصيب نائبه رئيسًا للولايات المتحدة، وهذا الإجراء يتم إذا اتفقت نصف الحكومة والنائب أن الرئيس لا يصلح للإدارة وغير قادر على القيام بمهام منصبه، مع الحصول على موافقة أغلبية أعضاء الكونجرس، وهو الأمر الذى لن يواجه تحقيقه صعوبة أو تململ من قبل نواب الكونجرس الجمهوريين، نظرًا لأن نصف الحكومة الجمهورية ترى أن الرئيس غير صالح.
وما يمكن أن يدعم هذا السيناريو هو تورط ترامب مؤخرا فى كشف معلومات سرية للغاية، أمام مسئولين روس خلال لقاءه بهم فى البيت الأبيض الأسبوع الماضى، حتى أن الكاتب الأمريكى، ديفيد بروكس، وصفته بأنه طفل، مشيرا إلى أن تورطه فى كشف معلومات سرية للغاية تتعلق بتنظيم داعش، لمسئولين روس يكشف عن خطورة شخص غير ناضج.
وفى هذه الحالة ينص الدستور على أن تولى نائب الرئيس صلاحيات ومهام منصب الرئيس بالوكالة. وتقول مجلة "صالون" الأمريكية، إنه على الرغم صعوبة هذه الخطوة من قبل أعضاء الكونجرس الجمهوريين والإدارة الأمريكية، فإنه ليس من الصعب تصور أن الكثير منهم بالتأكيد يفضلون مايك بينس خاصة أنه يتمتع بالخبرة والحنكة السياسية التى لن تجعله يقدم على اتخاذ قرارات دون دراسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة