فى الوقت الذى يملأ فيه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان العالم ضجيجا، بزعم الدفاع عن القضية الفلسطينية ورفع الحصار عن الفلسطينيين، امتنع مندوب أنقرة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، أمس الثلاثاء، عن التصويت لصالح مشروع قرار تبنته المنظمة لسحب السيادة الإسرائيلية عن مدينة القدس الشرقية المحتلة منذ العام 1967.
امتناع تركيا عن التصويت لصالح القرار، ورغم أنه بحسب ما نشرته صحيفة زمان التركية المعارضة، لا ينسجم مع الشعارات التى يرفعها نظام أردوغان وتجارته بقضايا المنطقة فى إطار المزايدة على القوى الكبرى فيها، إلا أنه موقف متوقع، خاصة مع وضعه فى إطار واحد مع مواقف ديكتاتور تركيا، الذى أحكم قبضته على مقاليد السلطة خلال الشهر الماضى بتعديلات دستورية تسلطية، فبالنظر إلى جهود أنقرة ودورها المتواصل فى دعم تنظيم "داعش" الإرهابى، والميليشيات الإسلامية المسلحة فى سوريا، التى تعمل وفق مخطط كبير وممنهج لضرب واحدة من الدول الكبرى فى المنطقة، وموقف تركيا من قرار "اليونسكو" الذى دافعت عنه مصر وحشدت للتصويت لصالحه، يأتى أيضا فى إطار جهوده للمزايدة على القوى العربية الكبرى ومحاولة ضربها وتهديد أمنها وقضاياها القومية.
مشروع القرار الذى تم تمريره أمس، واعترضت عليه إسرائيل بأشد التصريحات، صوتت لصالحه 22 دولة، وتضم القائمة إلى جانب فلسطين والدول العربية وفى مقدمتها مصر والجزائر، كلا من: البرازيل، والصين، وجنوب أفريقيا، وبنجلادش، وفيتنام، وروسيا، وإيران، وماليزيا، وموريشيوس، والمكسيك، وموزمبيق، ونيكاراجوا، ونيجيريا، وباكستان، وجمهورية الدومينيكان، والسنغال، بينما انتقلت فرنسا تحت الضغوط الإسرائيلية من مؤيد للقرار فى المرة الأولى إلى ممتنع عن التصويت، وصوت ضد القرار إلى جانب إسرائيل، الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ولاتفيا وهولندا وإستونيا وألمانيا والتشيك وتوجو.
تركيا تمتنع عن التصويت لصالح فلسطين حرصا على علاقتها بإسرائيل
الموقف التركى الأخير ربما يحمل علامات استفهام عديدة، خاصة مع السعى الدائم للنظام التركى، والرئيس رجب طيب أردوغان، لادعاء الدفاع عن قضايا المنطقة وقواه المستضعفة، واتخاذ تركيا مواقف عديدة تحمل طابعا تجاريا بالقضية الفلسطينية، إضافة إلى احتضانها لعناصر جماعة الإخوان الإرهابية، التى تمثل الكيان الأم لحركة حماس، إحدى القوى الأساسية فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، والجهة التى كانت تتعاون فى وقت سابق بشكل قوى ووثيق مع دوائر وأجهزة تركية، وكانت أبرز صور هذا التعاون قافلة أسطول الحرية التى ضمت سفينة تركية وعشرات من النشطاء والشخصيات الرسمية التركية، وتعرضت لاعتداء مباشر من وحدات الجيش الإسرائيلى فى 2010، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة حول موقف تركيا الآن بامتناعها عن التصويت على قرار إخراج القدس من تحت السيادة الإسرائيلية.
ضمن قائمة الممتنعين عن التصويت، امتنعت تركيا عن دعم القرار المؤيد لفلسطين فى منظمة "يونسكو"، إلى جانب السويد وسلوفينيا، حفاظا على علاقاتهم مع إسرائيل، بعدما زار وفد من رجال الأعمال الإسرائيليين تركيا خلال الأسبوع الماضى، لإبرام صفقات تجارية فى مجال الطاقة، تستهدف تصدير الغاز الطبيعى من حقول الغاز فى البحر المتوسط لتركيا.
أردوغان يعين ملحقا عسكريا جديدا فى تل أبيب
امتناع تركيا عن التصويت على القرار المؤيد لفلسطين، يأتى فى إطار تطورات كبيرة على صعيد العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، وكشف موقع "ريشيت بيت" الإسرائيلى، النقاب عن أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، كلف وزارة الدفاع التركية بتعيين ملحق عسكرى فى تل أبيب، بعد عودة العلاقات بشكل رسمى مع إسرائيل.
وأضاف الموقع الإسرائيلى، أن وزارة الدفاع التركية تضع الترتيبات اللازمة لاستئناف التعاون العسكرى مع إسرائيل، بما فى ذلك تعيين ملحق عسكرى لها فى سفارة تركيا بتل أبيب، كما أن الحكومة الإسرائيلية تخطط فى المقابل لتعيين ملحق عسكرى لها فى أنقرة.
وفى شهر يونيو الماضى، أبرمت تركيا وإسرائيل اتفاق مصالحة لعودة العلاقات بينهما، بعد 6 سنوات من التوتر فى العلاقات، بسبب الهجوم الذى شنه الجيش الإسرائيلى على أسطول الحرية والسفينة التركية "مرمرة"، فى العام 2010، فى أثناء محاولتها الدخول لسواحل غزة لكسر الحصار عن القطاع.
قرار اليونسكو أمس بشأن مدينة القدس يدين إسرائيل
القرار الذى صوتت عليه منظمة اليونسكو أمس الثلاثاء، يدين التصرفات الإسرائيلية فى الحرم القدسى، بما فى ذلك تقييد دخول المصلين الفلسطينيين خلال موسم عيد الأضحى لأسباب أمنية.
كما يدين القرار أعمال القمع الأخيرة فى القدس الشرقية، وإخفاق إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، فى وقف الحفريات المستمرة فى القدس الشرقية، خاصة فى البلدة القديمة ومحيطها، كما دعا القرار للمسارعة فى إعادة إعمار المدارس والجامعات والمواقع التراثية الثقافية والمؤسسات الثقافية والمراكز الإعلامية وأماكن العبادة، التى دُمرت أو تضررت بسبب الحروب المتتالية فى قطاع غزة.
يشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، اتخذت قرارا مشابها فى أبريل الماضى، بتأييد من دول أوروبية عديدة، على رأسها فرنسا، وأدى ذلك إلى حدوث أزمة سياسية بين إسرائيل وفرنسا، وتوتر العلاقات بين الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة