يصدر قريبًا كتاب "المخلص دومًا، فنسنت... الجواهر من رسائل فان جوخ" عن "الكتب خان للنشر والتوزيع" فى مجلدين مزودين بالرسوم والحواشى، ويضم 265 رسالة من أهم وأقوى خطاباته.
وهى المرة الأولى التى تقدم فيها الرسائل الأصلية الموثقة والمحققة فى اللغة العربية، وقد حررها وترجمها ياسر عبد اللطيف بالاشتراك مع محمد مجدى، فى عمل استغرق قرابة الثلاث سنوات.
وكما هو معروف فإن فنسنت فان جوخ (1853- 1890) هو أهم أعلام الفن التشكيلى الحديث، وخلال حياته الفنية التى شغلت العشر سنوات الأخيرة فقط من عمره القصير صنع فان جوخ عددًا هائلاً من الأعمال الفنية يفوق الـ 2000 قطعة بين لوحة زينية ورسم، وقد أنجز معظمها خلال عاميه الأخيرين اللذين قضاهما فى فرنسا حيث فارق الحياة فى صيف عام 1890، كما خلف تراثًا أدبيًا رفيعًا متمثلاً فى رسائله التى كان يكتبها بشكل شبه يومى كسجل حقيقى لمعاناته مع الفن والحياة، ومرآة للحياة الفنية والثقافية والاجتماعية فى ذلك الوقت من نهايات القرن التاسع عشر فى هولندا وبلجيكا وإنجلترا وفرنسا .
وتعتبر هذه المجموعة من الرسائل نتاج جهود امتدت لأكثر من خمسة وعشرين عامًا قام بها فريق من المحررين والمتخصصين فى أعمال فان جوخ من المتحف الذى يحمل اسمه ويضم أعماله فى أمستردام، بالتعاون مع معهد كونستانتين هيجنز للنصوص والتاريخ الفكرى التابع للأكاديمية الملكية الهولندية للآداب والعلوم. وقد صدر الأرشيف الكامل للرسائل باللغات الهولندية والفرنسية والإنجليزية عام 2009، وهو يضم كل ما تبقى من مراسلاته منذ كان فى التاسعة عشرة وحتى وفاته منتحرًا عام 1890 وهو فى السابعة والثلاثين (903 رسالة). أما "المخلص دوماً، فنسنت، "فهى مختارات تضم 265 رسالة من تلك الرسائل، صدرت لأول مرة عام 2012، بالهولندية والفرنسية والإنجليزية.
عاش فنسنت فان جوخ حياةً عاصفةً، وسيطرت عليه فى أوقات كثيرة أشكال من الهوس والاضطرابات النفسية، ولم ينجح خلال حياته فى بيع سوى عدد قليل جدًا من لوحاته، ما سبب له الإحباط الدائم وفاقم من مشاكله النفسية، ولولا مساندة شقيقه ثيو المتواصلة ودعمه الدائم له، على الرغم من مقاطعة باقى أفراد العائلة له لفترات طويلة، لما وصل لنا هذا التراث الفنى الرائع. وقد ساهمت رسائله فى ترسيخ صورته كشخص استثنائى عانى عذابات قديس حقيقى ليوصل رسالته الفنية. ويذهب بعض النقاد الهولنديون أن قيمة فنسنت كأديب، كما تتجلى من خلال هذه الرسائل، قد تفوق قيمته كمصور ورسام.
و تقدم تلك الرسائل رؤيةً مفصلةً عن حياة الفنان الأسطورى الذى غيّر وجه التصوير الحديث، وتسرد حكايات عن نشأة أعماله وتطوّر أفكاره عن الحياة و الفن والأدب أيضًا. وهى ترسم خط سيرته الذاتية خلال الثمانية عشرة عاما التى كُتبت خلالها، وتحمل أيضًا ملامح حياته قبل ذلك، والغالب الأعم من هذه الرسائل موجه لشقيقه ثيو، صديقه المخلص وراعيه الأمين، وإن ضمّت المجموعة رسائل أخرى لوالديه أو إحدى شقيقتيه أو بعض أصدقائه وزملائه من الفنانين كأنطون فان رابارد أو بول جوجان الذى ربطتته به علاقة مضطربة.
ناشرة الطبعة العربية ومحررها يهديان هذا السفر إلى ذكرى كاتبنا الكبير علاء الديب الذى كان يترقب صدوره بشغف، لكن الأجل لم يمهله حتى يراه مطبوعًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة