جاءت كارثة عقار "الأزاريطة" التابع لحى وسط الإسكندرية، بمثابة صورة صادمة للمجتمع المصرى والمسؤلين أيضًا، طرحت بقوة ملف العقارات المخالفة ليس فى الإسكندرية وحدها بل فى محافظات مصر، وفتحت ملف العقارات المخالفة والمائلة والآيلة للسقوط، حتى لا تتكرر كارثة ميل أو انهيار عقار بهذا الشكل، حيث جسدت صورة العقار المائل الوضع الحالى من تفاقم أزمة مخالفات البناء وفساد المحليات والتقاعس عن مواجهة الظاهرة بشكل رادع.
وقد انتشرت ظاهرة العقارات المائلة بالإسكندرية، نتيجة غياب الرقابة من الأحياء والبناء بدون ترخيص، خاصة فى فترة الانفلات الأمنى التى أعقبت ثورة 25 يناير، ونتيجة فساد الأحياء بالإسكندرية وعدم قيام الإدارارت الهندسية بتلك الأحياء بالدور المنوط بها.
ووفق آخر إحصائية لعدد العقارات المائلة، والتى تمثل خطورة على أرواح قاطنيها، وصدرت عن ديوان محافظة الإسكندرية وصل عددها إلى 15 ألف عقار آيل للسقوط، من إجمالى 27 ألف عقار مخالف أو بدون ترخيص وصادر له 150 ألف قرار إزالة.
وفى الآونة الأخيرة جاءت منطقة الفلكى التابعة لحى المنتزة أول، من أكثر المناطق التى انتشر بها ظاهرة العقارات المائلة، نتيجة البناء على أرض زراعية بالاساس، واستخدام طرق يدوية فى وضع أساس العقار، مما يؤدى إلى تحرك التربة وميل العقار بعد فترة وجيزة من بناؤه، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اشتكى أهالى شارع 16 ملك بمنطقة عزبة زقزوق بالفلكى التابعة لحى المنتزة أول، من وجود عقار مائل بدرجة كبيرة، مما قد يعرض حياتهم للخطر فى حالة انهيار هذا العقار.
وقال أحد سكان المنطقة لـ"اليوم السابع" ، إن العقار مائل بدرجة كبيرة والشوارع ضيقة للغاية، مما قد يعرض العقارات المجاورة للخطر والتأثر من جراء سقوط وانهيار العقار المائل، وطالب أهالى المنطقة بتدخل الحى والمحافظة لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاه العقار المائل.
فيما اشتكى سكان عقار آخر كائن بشارع 16 مع شارع 25 الفلكى المكون من 14 دورًا، من ميل كبير وصل إلى متر ونصف أعلى العقار منذ عام تقريبا، وتم إبلاغ الحى الذى قام بإصدار قرار رقم 40 لسنة 2016 ، بإزالة نصف عدد أدوار العقار تقريبا لتخفيف الاحمال، وقد رصد "اليوم السابع" فى تقرير منفرد معاناة السكان فى هذا العقار ، حيث اشتكى السكان من إزدياد مساحة الميل، مطالبين بتقرير لجنة العقارات الآيلة للسقوط بهدم المنزل حتى سطح الأرض ليتمكنوا من إعادة بنائه مرة أخرى، ومازال قرار اللجنة لم يصدر حتى الآن.
فيما جاء العقار رقم 27 بجوار 26 شارع الملك بمنطقة الفلكى أيضا، بموقف أكثر تعقيدا من سابقية، حيث رفض سكان العقار بالكامل، تنفيذ الإخلاء الجبرى لهم، وفقا لقرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط، والتى أصدرت قرار رقم 17 لسنة 2017 بهدم 8 أدوار من العقار وإخلاء السكان جميعا لتخفيف الأحمال بعد حدوث ميلًا كبيرًا فى العقار، ومازال العقار متوقف حتى الآن ولم يتم تنفيذ قرار هدم الأدوار بسبب رفض السكان الإخلاء، بالرغم من تأكيد حى المنتزة أول والمحافظة بتوفير مسكن بديل لهم فى منطقة العامرية.
ولم يقتصر الأمر على منطقة الفلكى أو السيوف أو حى المنتزة فقط، بل انتشرت الظاهرة فى عدد من الأحياء، وعلى السبيل وليس الحصر أيضا، تلقت غرفة عملية محافظة الإسكندرية مؤخرًا، شكوى من عدم تنفيذ قرار إزالة لعقار مائل يشكل خطورة على السكان والمنطقة بمنطقة التقسيم "براديس" التابع لحى المنتزة ثان، حيث تعرض المنزل إلى ميل وشروخ طولية بسبب وجود مياة البحر فى الأساس مما تسبب فى أضرار بالغة بالعقار، وطالب الحى من قسم المنتزه ثان بتوفير قوات أمن لتنفيذ حملة إزالة نظرا لخطورة العقار على السكان والمنطقة المحيطة.
كل ما سبق مجرد أمثلة لحالات عقارات مائلة، يعانى سكانها من تهديد أرواحهم وخسارة ممتلكاتهم و"شقى العمر" الذى وضع فى شقة آيلة للسقوط، قد تختفى بين ليلة وضحاها، ومازالت مشكلة مخالفات البناء قائمة خاصة فى ظل صراع مافيا العقارات لمسابقة الزمن هربًا من حملات الإزالة وبناء العقار فى شهر واحد لارتفاعات تصل إلى 18 و20 طابقًا، فى شوارع لا تتعدى عرضها 4 أمتار وسط غياب تام للأجهزة التنفيذية والرقابية، ومعالجة الأمر بشكل سطحى، من خلال تعليق لافتات بعدد من الأحياء تحذر من شراء وحدات سكنية بالعقارات المخالفة دون طرح البديل أو منافسة حقيقة للدولة لزيادة العرض من الوحدات السكنية وبالتالى تخفيض الأسعار.
ومازال هناك عجز من المحافظة والجهات المسؤلة للتصدى لتلك الظاهرة ووضع حلول رادعة وصارمة لمواجهتها، وجاءت محاولات المحافظين المتعاقبين على منصب محافظ الإسكندرية، أقل من حجم انتشار الظاهرة، وأضعف من القضاء عليها، وإلقاء المسئوليات على أجهزة الأمن لتنفيذ حملات الإزالة للمخالف منها، دون التصدى لفساد المحليات، وعلى التشريعات الحالية التى تبيح ثغرات قانونية لتملص مافيا العقارات من العقاب القانونى، مما تسبب فى انتشار ظاهرة "الكاحول" الذى يقوم بتحمل عبء العقاب القانونى، وفى أغلب الأحيان هو إما شخصية وهمية أو لم يستدل على عنوانه.
ويبقى المواطن البسيط فقط من يدفع الثمن، حيث تنتشر ظاهرة العقارات المائلة والآيلة للسقوط فى المناطق الشعبية، وتتميز بانخفاض سعرها مقارنة بالعقارات الأخرى، مما يجعل المواطن البسيط يلجأ لشرائها وسط توحش مافيا العقارات والارتفاع الفاحش فى الأسعار، ليظل المواطن البسيط هو الضحية لجشع التجار وفساد المحليات.
من جانبة قال الدكتور محمد سلطان، محافظ الإسكندرية ، إن المحافظة انتهت من دراسة متكاملة تم إعدادها، لوضع استراتيجية لمواجهه البناء المخالف، والذى أصبح ظاهرة لا يمكن السكوت عليها، خاصة، وأن الاليات الحالية لم تعد كافية أو تمثل رادع قوى لمواجهتها.
وأشار محافظ الإسكندرية، لـ"اليوم السابع" ، إلى أن الدراسة تشمل كافة الجهات المعنية لمواجهة مخالفات البناء من البرلمان والأحياء ووزارة الإسكان ومحافظة الإسكندرية وحتى المواطن نفسه الذى سيتم تحذيره من عدم شراء وحدات سكنية مخالفة.
وأوضح سلطان، أنه تم عرض الدراسة على المتخصصين فى الشئون القانونية والإسكان والهندسة لوضع استراتيجية تتضمن تعديلات تشريعية وتغليظ العقوبة، بالإضافة إلى آليات جديدة لمواجهة العقارات المخالفة بالمحافظة.
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
العقارات المائلة بالإسكندرية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة