خسائر عابرة للمحيطات، وسلسلة لا تنقطع من الإخفاقات الدبلوماسية والشعبية تعانيها قطر منذ بدايات شهر رمضان الماضى بعدما أقدمت الدول العربية الكبرى وفى مقدمتها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين على مقاطعة الدوحة ردا على تمسك أميرها تميم بن حمد بدعم وتمويل جماعة الإخوان وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
الريال يواصل النزيف
وبحسابات الأرقام، قدر مراقبون خسائر الحكومة القطرية منذ اندلاع الأزمة بما يزيد على 50 مليار دولار فى مجالات بمقدمتها قطاع الطيران والسياحة وسوق المال القطرية التى سجلت إخفاقات قياسية بلغت ذروتها بفقدان 2.5 مليار دولار فى كل ساعة تداول.
وفيما تؤكد تقارير إعلامية غربية وعربية على حد سواء معاناة قطر من أزمة سيولة طاحنة مع نقص حاد فى الدولار، كشفت مصادر من المعارضة القطرية أن قطاع قطر المصرفى يعتزم البدء فى سياسات مالية جديدة لترشيد بيع الدولار خلال الأيام المقبلة.
وفى خطوة تعكس مخاوف مسئولو قطاع النفط داخل قطر من فرار كوادر هذا القطاع، أصدرت الحكومة القطرية قرارا بمنع سفر موظفيها للخارج لأى أسباب مبررة ذلك بأنه خطوة لضمان استمرار إنتاج النفط والغاز، فى وقت يتوقع فيه مراقبون انتقال الأزمة المالية من الحكومة للمواطنين خلال شهر على أقصى تقدير، خاصة بعدما سجل سعر صرف الريال القطرى 3.79 ، فى تراجع لافت منذ بداية المقاطعة العربية للدوحة.
"هارودز".. خسائر مفتوحة ومقاطعة تبحث عن نهاية
ومن الدوحة إلى لندن، يواصل الاقتصاد القطرى النزيف، حيث بلغت خسائر سلسلة متاجر "هارودز" القطرية التى كانت مملوكة فى السابق لرجل الأعمال المصرى محمد الفايد ، قبل أن يتم بيعها لمستتمرين قطريين فى عام 2010، إلى ما يزيد على 35 مليون دولار خلال 11 يوما فقط من دعوات المقاطعة التى دشنها مواطنون خليجيون، وأبناء الجاليات العربية فى بريطانيا، عبر شبكات التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" من خلال هاشتاج "قاطعوا أموال الإرهاب.. هارودز القطرى" ، "قاطعوا استثمارات قطر فى هارودز الداعمة للإرهاب" الذى تصدر مؤشرات تلك المواقع لأيام متتالية.
باركليز .. فضيحة مالية بنهكة قطرية
ومن الخسائر إلى الفضائح توالت انهيارات نظام تميم بن حمد داخل وخارج الإمارة الراعية للإرهاب، ففى العاصمة البريطانية أيضا يعتزم قضاء لندن البت، الثلاثاء المقبل فى قضية الفساد التى شابت صفقة حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق و4 مسئولين سابقين فى بنك باركليز.
ويواجه المدراء التنفيذيين السابقين الأربع تهم من بينها الاحتيال والتأمر وتقديم مساعدات مالية غير مشروعة عبر تسهيلات قدمها بن جاسم لجمع رأس مال طارئ للبنك خلال الأزمة المالية العالمية الشهيرة وذلك بعد توجيه مكتب التحقيقات فى الفساد ببريطانيا اتهاما رسميا للبنك بالتآمر والفساد والتزوير فى صفقة رفع رأس مال البنك عام 2008 مع قطر، بمبلغ 4.5 مليار جنيه إسترلينى.
ومن بين التهم أيضا الموجهة لمسئولو البنك السابقين دفع مبلغ 322 مليون جنيه إسترلينى لمستثمرين قطريين للحصول على قرض بقيمة 3 مليار، وتسجيل ذلك "مصروفات استشارية".
وتجرى جهات التحقيق مع هيئة الرقابة المالية فى بريطانيا تحقيقا منذ خمس سنوات فى شبهة فساد فى صفقة التمويل القطرى، وفى قضية أخرى تضمنت حصول البنك على أكثر من 7 مليارات جنيه إسترلينى خلال الأزمة المالية العالمية فى 2008.
مونديال 2022.. حلم الساحرة المستديرة يغادر ملاعب تميم
وفى خسارة اقتصادية بطلتها الساحرة المستديرة ، تنتظر قطر من آن إلى آخر انتهاء حلم تنظيم مونديال 2022 بعد توالى الدعوات داخل الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" لسحب ملف التنظيم من الدوحة بعد فرض الدول العربية مقاطعة دبلوماسية مصحوبة بحظرا جويا.
ووسط مخاوف من تنظيم البطولة فى بلد بلا خطوط جوية متصلة مع غالبية دول العالم، فضلا عن تنامى المخاوف الأمنية من مشاركة منتخبات الكبار فى عالم الساحرة المستديرة وإقامتها فى إمارة تأوى التنظيمات الإرهابية وتقدم لها الدعم المادى والتسليح، قال الاتحاد الألمانى لكرة القدم فى وقت سابق هذا الشهر إن رينهارد جريندل رئيس الاتحاد سيناقش الوضع السياسى الجديد والمعقد الذى أصبحت فيه قطر مع الحكومة الاتحادية.
وقال رئيس الاتحاد الألمانى، إن الوضع معقد للغاية، ونحن نتابع آخر التطورات بقلق، مشيرا إلى أن بلاده والاتحاد سيكونا على اتصال دائم مع الاتحاد الأوروبى لكرة القدم أيضا.
ويخشى الاتحاد الدولى لكرة القدم من عزوف الشركات الكبرى والرعاة الإعلانيين الرسميين عن المشاركة فى البطولة المرتقبة نظرا لتنظيمها فى دولة منبوذة وتعانى عزلة إقليمية ودولية، بما يجعل النسخة 2022 الأسوأ تنظيماً والأقل من حيث العوائد المادية.
وتتزايد مخاوف الفيفا من تفاقم الأزمة الجديدة التى فرضتها قطر بنهجها المشبوه فى العديد من الملفات الإقليمية والدولية، خاصة بعدما تزايدت ردود الفعل الغاضبة ضد نظام تميم بن حمد، وإعلان المعلقين والمحللين الرياضيين السعوديين العاملين فى قنوات "Bein Sports والكأس" القطريتين استقالتهم اعتراضا على ممارسات الدوحة، فضلا عن إقدام الاتحاد السعودى لكرة القدم على منع جميع اللاعبين والجهاز الفنى من الحديث مع الشبكة القطرية التى من المقرر أن تبث البطولة المرتقبة.
وبخلاف الأزمات السياسية والأمنية، وفضلا عن مخاوف الفيفا من ظهور البطولة المقبلة بلا رعاة إعلانيين وبلا عوائد مادية تليق بقيمتها فى عالم كرة القدم، يظل الملف الحقوقى وإدانة العديد من منظمات حقوق الإنسان لانتهاك قطر حقوق العمالة الأجنبية المشاركة فى بناء الملاعب والمنشآت المقرر استضافتها مباريات البطولة أحد أبرز العوائق التى تحول دون تنظيم الدوحة لنسخة 2022 من المونديال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة