"سأضع حدا لنفوذ قطر داخل البلاد، وسيكون لى موقف مختلف مع قطر لتورط مسئوليها فى دعم الإرهاب".. بهذه العبارات تعهد الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون بتبنى بلاده موقفا مختلفا من الدوحة وتوسعة جبهة مواجهة الإرهاب داخل الشرق الأوسط والذى طالت نيرانه عواصم أوروبية عدة بينها باريس.
وبعد تأكد إصابة اثنين من مواطنيه فى هجوم لندن الأخير الذى وقع أمس، يتوقع مراقبون إقدام الرئيس الفرنسى على تنفيذ الوعد الذى قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية، والتصدى للنفوذ المالى الذى تسلل إلى دوائر الاقتصاد الفرنسى خلال ولايتى الرئيسين فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزى.
وفور توليه منصبه، بدأ ماكرون، الكشف عن تفاصيل خطته لمواجهة الإرهاب والتى تعهد فى بدايتها بشن حربا لا هوادة فيها على التنظيمات الإرهابية وقطع الطرق أمام الدول الراعية للمليشيات المسلحة سواء بالمال أو السلاح.
وعقد ماكرون، مع مجلس الدفاع الوطنى فى قصر الإليزيه، بحث خلاله تداعيات حادث لندن الإرهابى الذى خلف وراءه 60 قتيلا ومصابا بينهم فرنسيان وأكد اعتزامه تشكيل قوة تدخل ضد تنظيم داعش بتنسيق بين أجهزة الاستخبارات لرصد تحركات التنظيم والدول الداعمة له.
وفى الوقت الذى تواصل فيه الدوحة بث سمومها عبر فضائية الجزيرة ومن خلال إيواء التنظيمات الإرهابية وفى مقدمتها جماعة الإخوان، يتوقع مراقبون مواجهة محتملة بين باريس والدوحة تشمل مراجعة شاملة ودقيقة لعلاقات البلدين، خاصة أن الرئيس الفرنسى أشار صراحة إلى الدور القطرى المشبوه فى منطقة الشرق الأوسط ومختلف الدول خلال حملته الانتخابية.
وتسود العلاقة بين فرنسا وإمارة قطر حالة من التوتر منذ الأشهر الأخيرة لولاية الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا هولاند، وكان ملف الدوحة ودعمها للإرهاب حاضرا بقوة خلال الحملات الانتخابية المختلفة لمرشحى الرئاسة الذين أكدوا ضرورة التصدى لدور الحكومة القطرية المشبوه فى هذا الشأن.
ومن بين من أكدوا ضرورة التصدى لمؤامرات قطر، الرئيس الفرنسى نفسه الذى تعهد خلال حملته بإنهاء النفوذ القطرى فى فرنسا، وقال فى مؤتمرا انتخابيا وسط أنصاره: "قطر ممولة للإرهاب، وفيها أشخاص كثيرون يعملون على تدعيم التطرف والأعمال الإرهابية التى تلحق بفرنسا فى نهاية المطاف". وتابع: "اتعهد باتخاذ كل ما يسمح لبلادى بالتنفس بهواء الحرية والأمن والأمان.. وإنهاء الاتفاقات التى تخدم مصلحة قطر فى فرنسا"، مشيرا إلى أنه سيكون لديه مطالب كثيرة إزاء الدوحة.
موقف ماكرون من قطر لم يقتصر على الخطب الانتخابية، حيث قال فى حوار سابق لقناة "بى إف إم تى فى" الفرنسية: "سأنهى الاتفاقات التى تخدم مصلحة قطر فى فرنسا، وأعتقد أنه كان هناك كثير من التساهل وخصوصا خلال ولاية الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزى، قد حدث معها، مذكرا بأن رئيس الوزراء السابق ومرشح اليمين إلى الانتخابات الفرنسية "فرنسوا فيون هوجم حول هذه النقطة".
وأضاف الرئيس فى حواره الذى جرى قبل أيام من فوزه: "ستكون لدى مطالب كثيرة إزاء قطر فى مجال السياسة الدولية ومن أجل أن تكون هناك شفافية جديدة فى ما يتعلق بالدور الذى تؤديانه فى التمويل، أو فى الأعمال التى يمكنهما القيام بها تجاه المجموعات الإرهابية التى هى عدوتنا، متابعا فى بعض الأحيان ما يقف عائقا هو أنها تمويلات خاصة وليست من النظام، لكننى سأطلب من الأنظمة القائمة أن تضمن لنا وقف هذه التمويلات".
وجاءت تصريحات ماكرون لتعكس واقعا عاشته فرنسا خلال السنوات القليلة الماضية بالفعل، حيث توغل نفوذ قطر بشكل لافت خلال فترة الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزى، وذلك وفقا لكتاب أصدره صحفيان فرنسيان بعنوان "فرنسا تحت النفوذ"، كشفا خلاله كيف اشترت قطر الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزى، وكيف كانت فرنسا الأرض المفضلة للدوحة، لا سيما فيما يخص مونديال 2018 و2022، حيث استغلت قطر وجود ساركوزى فى منصبه للفوز باستضافة المونديال.
ومن أبرز الاتهامات التى وجهت لرئيس فرنسا الأسبق، نيكولا ساركوزى بشأن علاقته بقطر، إن الإمارة الخليجية كانت تملى عليه قراراته السياسية، واتفقت بعض الصحف العالمية على أن فرنسا تعد مستعمرة من قبل قطر، ليس فقط استراتيجيا بل اقتصاديا أيضا.
وأوضح تقرير سابق للوكالة الفرنسية القومية لدعم وتنمية الاقتصاد الفرنسى على الصعيد الدولى "بيزنس فرانس" الذى جاء بعنوان "التقرير السنوى للاستثمارات الأجنبية فى فرنسا لعام 2016"، والذى نشرته وكالة الأنباء القطرية الرسمية أواخر مارس الماضى، والذى يلقى الضوء على حجم الاستثمارات الأجنبية الجديدة فى فرنسا للعام الماضى وقدر مساهماتها فى تنشيط الاقتصاد الفرنسى، أن عدد الاستثمارات الجديدة من الشرق الأوسط وصل إلى إحدى عشر مشروعا، هذه المشاريع وفرت حوالى 100 فرصة عمل جديدة، بينما تنشط فى فرنسا 380 شركة من الشرق الأوسط توفر أكثر من 24 ألف فرصة عمل.
وكان أمير قطر، تميم بن حمد قد خرج فى تصريحات مسيئة مؤخرا هاجم فيها الدول الخليجية الكبرى ومن بينها الإمارات والمملكة العربية السعودية، بخلاف هجومه وتطاوله على مصر، متهما إياهم بالوقيعة بين الدوحة وواشنطن، كما دافع عن جماعة الإخوان، وأكد فى تصريحاته أن إيران دولة محورية فى المنطقة وأن الدول العربية عليها مراجعة مواقفه من طهران وحركة حماس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة