بعد أن كشفت مصادر إرسال إيران وحدة صغيرة من الحرس الثورى الإيرانى لحماية أمير قطر تميم بن حمد آل ثانى، من انقلاب أو ثورة ضده إثر سخط شعبى وغضب مكتوم بدأ يزداد بين الأسرة الحاكمة، نتيجة للضربات الدبلوماسية الموجعة التى وجهتها مصر والسعودية والإمارات والبحرين وعدة دول أخرى بمقاطعة قطر، تبادر إلى الأذهان التصريح الشهير للنائب الإيرانى على رضا زاكانى، والذى قال فيه أن "ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية".
شذوذ إمارة الإرهاب فى الدوحة عن الصف العربى وسيرها عكس اتجاه منظومة البيت الخليجى، ودعمها لحركات التطرف والتنظيمات المسلحة فى المنطقة، جعلها مطمع الدولة الشيعية، ولقمة سائغة فى فم الدولة العميقة فى إيران، وأشارت تقارير إلى أن طهران تستهدف السيطرة على قرارات الدويلة الصغيرة، خاصة أن البلدين يتمتعان بعلاقات ممتدة، توجتها لقاءات على مدى السنوات الماضية بين المرشد الإيرانى على خامنئى ووالد تميم حمد بن خليفة آل ثانى، وبلغ التعاون بين البلدين ذروته فى 2015، حيث قامت الدوحة لأول مرة بتوقيع أول اتفاقية أمنية وعسكرية مع الحرس الثورى الإيرانى، منحت فيها طهران حق تدريب الجيش القطرى فى جزيرة قشم جنوب إيران.
قطر عاصمة الحرس الثورى الخامسة
إلى جانب الدول العربية والخليجية التى كانت ومازالت عصية على التمدد الإيرانى، لم تبذل الدولة الشيعية جهدا كبيرا فى مد نفوذها إلى الدوحة التى أظهرت انحيازا واضحا منذ عهد والد تميم حمد بن خليفة آل ثانى إلى سياسات طهران وبناء علاقات سياسية معها، باركت تلك العلاقات علاقات خفية مع هرم السلطة فى إيران والحرس الثورى، فى وقت كان يشعر فيه العالم العربى والمنطقة بتوجس تجاه سياسة إيران وقلق من أنشطتها النووية ويرصد تحركاتها المريبة فى الإقليم.
وعقب القطيعة العربية بسبب سياسات تميم فى دعم الإرهاب، حاولت طهران التقرب من الدوحة، ولم يجد تميم سوى اللجوء إلى أصدقائه حكام إيران لمساعدته فى الخروج من المأزق، وقالت مصادر أن الحرس الثورى أرسل وحدة صغيرة لحماية تميم من أى انقلاب أو ثورة ضده، على أن تكون مهمتهم الأساسية حماية الأمير، وتهريبه "سالماً " هو وأفراد أسرته إلى إيران حال اندلاع ثورة شعبية ضده، وكشفت مصادر من داخل العاصمة القطرية، الدوحة، أن عناصر من الحرس الثورى الإيرانى شوهدوا داخل القصر الأميرى لحماية الأمير وحماية القصر، تحت ذريعة وجودهم لتدريب بعض القوات.
وقالت المصادر أن العناصر الإيرانية المتواجدة داخل القصر الأميرى الذى يتواجد به أمير قطر تميم بن حمد، ظهروا وهم يرتدون الزى العسكرى القطرى، لإخفاء هويتهم عن المترددين على الديوان، لافتة إلى أن هذا التواجد من جانب قوات الحرس الثورى الإيرانى يأتى كامتداد طبيعى للعلاقات بين البلدين، خاصة عقب فتح الأجواء الإيرانية للطيران القطرى عقب قرار دول الخليج غلق الأجواء أمام الطيران القطرى.
عاصمة الحوثيين فى اليمن
من قطر إلى اليمن، لم تكن المسافة طويلة على أذرع إيران الممتدة فى المنطقة، فقد برز الدور الإيرانى جلياً فى اليمن الأيام الأخيرة من خلال دعمها للحوثيين ماليا ولوجستيا، بعد أن سقطت صنعاء، عام 2014، فى قبضة مسلحى جماعة الحوثى، وبسطت سيطرتها على مفاصل الدولة ومعظم المؤسسات الحيوية، ورفعت جماعة أنصار الله صور الإمام الخمينى فى صنعاء، مما لا يدع مجالا للشك فى الدعم الكبير الذى تلقاه الحوثيون من إيران.
شيعة البحرين
ونحو البحرين امتدت أيادى الحرس الثورى للعب بالأمن القومى العربى، واستخدم شيعة البحرين الذين يشكلون نحو نصف السكان، إحداث القلاقل فى المنامة، ودعمت طهران شيعة البحرين فى التظاهرات التى خرجت تطالب بإسقاط النظام على غرار دول الربيع العربى، كما ظهر الدعم واضحا فى تصريح المسئولين وتناول الإعلام الإيرانى بشكل عام أزمة البحرين.
بشار الأسد فى سوريا وتساقط قيادات الحرس الثورى
وإلى العمق السورى امتدت أيادى الحرس الثورى الإيرانى للحيلولة دون سقوط حليف طهران بشار الأسد، فساهم فى أن يفرغ الانتفاضة الشعبية التى قامت ضد الأسد فى سوريا من مضمونها وفى إجهاض الحراك المطالب بالديمقراطية، وجمعت سوريا وإيران تعاون استراتيجى كبير، وتمثل دمشق بالنسبة لطهران حلقة وصل أساسية لها مع حزب الله، فقد استعانت بالنظام السورى وأصبحت معظم الأسلحة التى ترسلها طهران إلى الحزب تشحن عن طريق سوريا. وكذلك استمرت سوريا فى دعم حزب الله عسكريا بعد خروجه من لبنان عبر الحدود، لكن دخول الربيع العربى إلى سوريا والتهديد بإسقاط النظام وبالتالى القضاء على الطريق السورية للأسلحة المتوجهة إلى حزب الله شكل أكبر تهديد للمصالح الإيرانية فى المنطقة، ووقف حزب الله إلى جانب الأسد وقرر المشاركة فى القتال إلى جانب النظام فى سوريا.
ومع اشتداد الحرب الدائرة فى سوريا، حارب الحرس الثورى على جبهة النظام السورى، وتساقطت العديد من القيادات الإيرانية بين عامى 2013 و2016 فى مناطق النزاع فى سوريا، منهم الجنرال عبد الله إسكندرى وهو أحد قادة القوات البرية التابعة للحرس الثورى الذى قتل داخل الأراضى السورية، ومحمد جمالى زادة أحد قيادات فيلق الحرس الثورى الإيرانى فى محافظة كرمان جنوب شرق إيران، سقط فى سوريا وأعلن الحرس الثورى آنذاك أنه كان متطوعا للدفاع عن ضريح السيدة زينب فى الضواحى الجنوبية للعاصمة دمشق التى شهدت قتالا عنيفا بين قوات الرئيس السورى بشار الأسد والجماعات المسلحة.
العراق.. مملكة قائد الحرس الثورى قاسم سليمانى
ونحو العراق الجار القريب من إيران، ازداد التغلغل الإيرانى بقوة بعد تولى المالكى رئيس الوزراء العراقى السابق مقاليد الحكم، ولم تشارك إيران التحالف الدولى ضد داعش، لكنها بعثت أياديها الخبيثة داخل العراق، وأرسلت جنرالها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى قاسم سليمانى لتطهير محافظات فى العراق من تنظيم داعش الإرهابى فى العراق، لحماية المراقد الشيعية، حيث ظهر فى صور تعمدت نشرها بجوار مليشيات عصائب أهل الحق الموالية لها ومليشيات الحشد الشعبى، وكشفت طهران مؤخرا عن الذى يلعب دورا كبيرا داخل العراق، وتفاخر المسئولون الإيرانيون بنفوذه فى العراق واصفين مساعدته للجيش العراقى بالفتوحات، وصنعت منه بطلا مغوارا، وظهور سليمانى بجوار الجيش العراقى اعتبر محاولة للتغطية على الفشل المتكرر للمخابرات الإيرانية فى المنطقة ككل وليس فقط مع تمكن تنظيم داعش من السيطرة على أجزاء شاسعة من العراق وسوريا.
الوجه الآخر للحرس الثورى .. لبنان وحزب الله
نفوذ الحرس الثورى فى لبنان أصبح بالغ القوة وتمثل فى المقاومة اللبنانية (حزب الله) المدعوم من طهران، ويعتبر القيادات فى إيران حزب الله فى لبنان رأس الحربة فى صراعها مع إسرائيل والمحافظة عليه تعتبر جزءا أساسيا من المحافظة على نفسها نظرا للفكر المذهبى الواحد، وتم الإنفاق على حزب الله وتدريبه وتجهيزه عسكريا ليكون ذراعا عسكرية لها على الأراضى اللبنانية، وأدركت إيران أهمية مشاركة حزبها فى المجتمع السياسى والمدنى اللبنانى، وألا يبقى مجرد تنظيم عسكرى، واختار الحزب المشاركة فى القتال إلى جانب النظام فى سوريا لضمان بقائه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة