أثارت الميزانية الإيرانية الجديدة التى تقدم بها الرئيس حسن روحانى إلى البرلمان مؤخرًا، والتى تقر زيادة الإنفاق على تسليح الحرس الثورى، عددًا من علامات الاستفهام حول توجه النظام الإيرانى فى ظل حالة الغليان التى يشهدها الإقليم، خاصة أن الزيادة المالية تم تخصيص جانب كبير منها لتسليح فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس.
2 تريليون تومان للحرس
إحدى علامات الاستفهام طفت على سطح الأحداث بعد أن أعلن رئيس مركز البحوث فى مجلس الشورى الإسلامى (البرلمان) كاظم جلالى، أن بلاده وضعت خطة للرد على ما وصفه بـ"السلوك الخطير لأمريكا فى المنطقة وسياساتها العدائية ضد إيران"، تتضمن رصد ميزانية بقيمة تريليون تومان لتوسيع الأنشطة الصاروخية، وأخرى بالقيمة نفسها لدعم فيلق القدس فى مواجهته لـ"لإرهاب"، أى ما مجموعه 2 تريليون تومان.
وبالنظر إلى أن الدولار الواحد يعادل نحو 3200 تومان، فإن مبلغ تريليون تومان يضاهى 620 مليون دولار تقريبا، وبالإضافة إلى الرقم المماثل لدعم التسلح الصاروخى يكون مجموع الميزانية مليار و240 مليون دولار، وبالتالى تكون أضخم ميزانية فى تاريخ الجمهورية الإيرانية الإسلامية لهذين الغرضين على سبيل التحديد.
وقبل أيام تحدث جلالى، لوكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية "تسنيم"، إحدى الذراعين الإعلاميتين لمؤسسة الحرس الثورى، مؤكدًا على إن خطة مجلس الشورى الإسلامى تتألف من 17 بندا، وقد ضعت لمواجهة الإجراءات الأمريكية، فى إطار دعم القوات المسلحة، ولذلك تم تخصيص ميزانية بقيمة تريليون تومان لتوسيع الأنشطة الصاروخية لإيران، وميزانية أخرى بالقيمة ذاتها لدعم فيلق القدس فى مواجهته للإرهاب.
تفاصيل الخطة
من المفترض أن تعد وزارة الدفاع الإيرانية خطة عمل لرفع القدرات الدفاعية والردع فى المجال الصاروخى فى البلاد وتسلمها إلى المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى الذى يقوده الدكتور سعيد جليلى فى تاريخ أقصاه الثلاثين من يوليو الحالى.
وقال مسؤولون إيرانيون، إن الخطة العسكرية التى تمت بموجبها زيادة ميزانية التسليح لفيلق القدس والبرنامج الصاروخى مؤلفة من 17 بندا وتشمل 10 أجزاء، ويوضح الجزء الأول منها أسباب وضع الخطة وذلك نظرا للسلوك الخطير لأمريكا فى المنطقة وسياساتها العدائية ضد إيران"، وفقا لما نقلته وكالة فارس الإيرانية للأنباء.
كما حدد الجزء الثالث من الخطة إلزام الحكومة بتحديد استراتيجية شاملة كل 6 أشهر لمواجهة "التهديدات الأمريكية".
زيادة مزدوجة
تحليل البيانات الإيرانية فى الموازنات المختلفة خاصة تلك الخاصة بالعام الحالى 2017 يعطى نتيجة مفادها أن هذه الزيادة بمثابة زيادة مزدوجة لأن إيران أعلنت فى يناير من العام الحالى زيادة ميزانيتها العسكرية 1.3 مليار دولار لتصل إلى حوالى 11.6 مليار دولار خلال العام الإيرانى الحالى (21 مارس 2017 ـ 20 مارس 2018).
ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم لجنة التخطيط والميزانية والحسابات فى مجلس الشورى الإيرانى (البرلمان) محمد مهدى مفتح، قوله إن اللجنة صادقت على تخصيص مليار و300 مليون دولار من مصادر صندوق التنمية الوطنية لتعزيز القدرات الدفاعية فى البلاد، ومنحها للأركان العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع والإسناد الايرانية.
وبالتالى يعنى هذا أن مؤسسة الحرس الثورى تزيد ميزانيتها ليس مرة واحدة فى العام لكن عدة مرات كل عام، فى الوقت الذى تعانى فيها قطاعات كبيرة من المجتمع من الحاجة الماسة إلى التنمية وزيادة الرواتب والمعاشات والإنفاق الحكومة على الخدمات.
روحانى والحرس
بالرغم من الانتقادات الحادة المتبادلة بين الرئيس الإيرانى حسن روحانى وقادة مؤسسة الحرس الثورى بمن فيهم قائد الحرس الجنرال محمد على جعفرى والجنرال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس؛ إلا أن روحانى هو الذى أقر الميزانية وهو الذى قدمها للبرلمان للتصديق عليها.
وتماشيا مع ذلك أعلن روحانى أن بلاده لن توقف التجارب الصاروخية وستقوم بذلك متى ما احتاجت إلى إجراء اختبارات فنية، وذلك ردا على تصريحات وزير الخارجية الأميركى ركس تيلرسون، الذى دعا فى تصريحاته خلال قمة الرياض، العربية ـ الأمريكية ـ الإسلامية، روحانى إلى وقف تجارب طهران الباليستية وتفكيك شبكة الإرهاب الإيرانية فى المنطقة.
هذا التناقض الحاد فى سلوك الرئيس الإيرانى كشفه أنه انتقد فى خلال المناظرات الرئاسية الإيرانية الإنفاق الكبير على تسليح الحرس الثورى واستمرار العمل فى منظومات التجارب الصاروخية الباليستية، وهو الأمر الذى يثير تخوف جيران إيران من استخدام هذه الأغراض للهجوم وليس للدفاع.
وعليه فإن الظاهر أن السياسة الإيرانية فيما يتعلق بمسألتى تسليح فيلق القدس والإنفاق على التجارب الصاروخية متجاوزة فى باطنها صلاحيات الرئيس الدستورية وإن كان ظاهرها يشى بأنه صاحب القرار الأخير فى المسألة برمتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة