كانت الصورة صادمة لكنها كاشفة عن طريقة تحويل الإنسان الطبيعى إلى داعشى يقتل نفسه وغيره وأطفاله، من دون أى شعور بالذنب، وربما مع مشاعر الفخر والحلم بدخول الجنة على جثث البشر.
كانت صورة لسيدة يفترض أنها إحدى النازحات من الموصل تحمل طفلا رضيعًا على ذراعها، يتضح أنها انتحارية من «داعش».. باقى القصة أن السيدة الانتحارية كانت ترتدى حزامًا ناسفًا وتحمل رضيعًا يرجح أنه ابنها، وبعد سماح القوات الأمنية لها بالمرور دون تفتيشها رأفة بها، فجرت نفسها مستهدفة الجنود العراقيين.
الصورة التقطت للمرأة من كاميرا لقناة فضائية عراقية ظهرت فيها وهى تمسك بيدها اليمنى صاعق التفجير، فيما تحمل باليسرى الطفل والحقيبة.
كان المشهد صادمًا، أن تفجر المرأة نفسها وطفلها فى بشر لاتعرفهم، وهناك من أقنعها بأن هؤلاء كفار، وبالطبع منهم المسلم والمسيحى السنى والشيعى، لا فرق لديها، ويبدو أحيانًا أن إقناع الدواعش بقتل وذبج بشر يتم من خلال مخدرات أو غسيل مخ بالمعنى الحرفى والطبى، باستخدام عقاقير تغيب عقولهم وتحولهم إلى آلات للقتل.
لقد سبق ونشر داعش على مواقعه فيديوهات لأطفال يقومون بتنفيذ الذبح فى أسرى، وأطفال غادروا الرضاعة يطلقون الرصاص على رجال ونساء، داعش ينشر هذا كنوع من الفخر، بأنهم يحولون الأطفال إلى قتلة ومفجرين وانتحاريين.
هو جزء من ألغاز الإرهاب وكيفية تحويل الشاب أو الصبى المسلم إلى قاتل انتحارى يرى الآخرين، أيًا كانوا، كفاراً يستحقون القتل، بينما هو وحده وجماعته يستحقون الجنة، وقد رأينا خلال السنوات الأخيرة عشرات الصبيان، الذين غادروا طفولتهم وقد تحولوا إلى أدوات قتل وتفجير ونسف، وخلال الأسبوع الأخير سقطت خلايا إرهابية كان من بين أعضائها شباب فى الثامنة عشرة والتاسعة عشرة، ومن فجر الكنائس فى الإسكندرية وطنطا، وغيرها ومن يهاجمون أبناءنا فى سيناء لايخرجون عن هذه الفئات.
تحويل الشاب إلى إرهابى يقتل بلا تساؤل، أمر يستحق التوقف عنده، بالطبع كان الإرهابيون دائمًا يتم تجنيدهم من فئات معينة، وكانت هناك افتراضات بأن الإرهابى هو الفقير، بينما من بين الدواعش من هم ليسوا فقراء، بل إن زعماء الإرهاب الكبار من بن لادن إلى الظواهرى وأعضاء تنظيم الجهاد، كانوا ينتمون للطبقة الوسطى وبعضهم كانوا من أسر ميسورة وبن لادن كان ممولا للإرهاب ومثله عشرات من الأثرياء فى الخليج يمولون الإرهاب.
ثم إنه ليس كل فقير يمكن أن يفجر نفسه بمقابل، والأمر يحتاج إلى زرع عقيدة حتى لو كانت فاسدة، وفرض السمع والطاعة، والاستسلام، وتغييب العقل، وهى أنواع من المخدرات العقلية، التى ينشرها تجار العقيدة فى كل مكان، وصولا إلى استعمال المخدرات الفعلية، ونظرة واحدة على من أسهموا فى شحن الشباب ودفعهم للحرب فى سوريا والعراق، نكتشف أنهم يحرصون على الحياة السهلة، بعيدا عن أى خطر.. ومثل هؤلاء فى كل مكان يصنعون الإرهابيين والانتحاريين، بينما هم بعيدون عن كل هذا.. إنها فنون صناعة الإرهاب بالأفكار والمال والمخدرات. تنتهى لتعليم الشباب والسيدات كيف يقتلون بضمير مرتاح؟