عماد عبد الحى الأطير يكتب: الحب العذرى والحقيقة الغائبة

السبت، 15 يوليو 2017 06:00 م
عماد عبد الحى الأطير يكتب: الحب العذرى والحقيقة الغائبة عاشقان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الكثير منا قد عاش أو قرأ عن الحب، والذى يأخذ أشكالا عديدة، منها الحب العذرى والحب الواقعى والعاطفى والجسدى، ولكل منا مواقف على حسب الظروف التى مر بها، ولكن هناك حقيقة غائبة دائمــاً عننا مرتبطة ارتباط وثيق بالحب، وهى الحب العذرى الذى يعتقد البعض أنه من أنقى وأطهر أنواع الحب .

 

 وهذا من الناحية الشكلية، ولكن لو تعمقنا فى ذلك الحب على مر التاريخ وبحثنا عن قصص الحب العذرى الذى يتسم بالنيران المشتعلة بين الحبيبين والصراع الذى يعيشونه، فنجد أننا مخطئون تماما، وأن الإنسان هو من صنع وهم الحب العذرى، لأنه ببساطة يجد المتعة فى العذاب وزيادة العشق فى البعد.

 

لأننا باختصار لو حدث ما يتمناه الاثنان وتزوجا طبيعيا لأصبحت حياة رتيبة وانطفأ من خلالهـــا نيران العشق التى تروى الأجساد والمتعة الملتهبة التى يشعر بها أصحاب هذا النوع من الحب، قد يختلف معى الكثير ولهم الحق فى ذلك وستجدون تلك الحقيقة الغائبة فى نهايات مقالى.

 

ولعل أشهرها قصصه جميل وبثينة وقصة الحب الذى يتحاكى بها الجميع، ولكن للقصة حقيقة غائبة عن البعض، ألا وهى أن جميل وبثينة، هما من اختارا لنفسهما هذا الطريق، فالعـــادات والتقاليد عند بعض القبائل فى ذلك الوقت تمنع الحبيب من التغزل فى حبيبته، ويكون عقابه عدم زواجه منها، وعلى الرغم من ذلك تمادى جميل فى أشعاره فى بثينة وانجرفت هى معه ووجدت لذة فى ذلك.

 

إن الحقيقة الغائبة أن الحب العذرى هو الــوهم الذى يعيش فيه أصحابه لأنهم وجــــدوا لذتهم فى المعاناة التى يشعرون بها، فتجد العاشق والعاشقة يرغبان فى أن يعيشان تلك الحالة من الحب وأن متعتهــم فى العذاب، فمن يقرأ فى كتب العشاق وقصص قيس وليلى وجميل وبثينة وكذلك عروة وبنت عمه عفراء، فدائما هناك وجه حقيقى لا يريد البعض إظهاره فى سرد حكايات العشق عنهم حتى يكون كنزاً لهــم فى الكتابة وعمــل الأفلام وقصص الغرام، والمؤلفات كثيرة فى هذا الموضوع.

 

إن الحب العذرى ليس حب تضحية من أجل الحبيب، ولكن "حب مرضى" سيطر هذا المرض على صاحبه حيث جعله لا يشعر بالمتعة واللذة إلا فى الشعور بأنه لا يستطيع الارتباط بالحبيبة، ولكن لو تهيــأت له الظروف للارتباط بها فإنه لن يفعل ذلك حتى يظل يشعر بالمتعة دائما وسأثبت لكم بالدليل القاطع من حكايات أشهر قصص المعذبين.

 

ففى حب جميل وبثينة نجد جزءا من هذا المرض الذى سيطر عليهم فكانت متعتهم فى ذلك، والدليل على هذا أن جميل وبثينة كانا يلتقيان فى بيتها لقضاء شهوة العشق والحب، وكأنه حق أصيل لهما، وأن الخطأ ليس عليهما بل على المجتمع والسبب فى ذلك هو أن جميل من قبيلة قوية أنذاك وقبيلة بثينة ضعيفة فكانا يجدان جميل معها ولا يفعلان شيئاً وله أشعار كثيرة فى ذلك ومنها:

لما رأونى طالعا من بثينة  يقولون من هذا وقد عرفونى

فيقولون أهلا وسهلا ومرحبا  ولو ظفروا بى خاليا قتلونى

 

إذا لو أراد جميل أن يتزوج من بثينة ووفقاً لظروف القوة فى تلك الفترة كان يستطيع أن يفعل ذلك ولكنهما وجدوا متعتهم فى ذلك أكثر من متعة الرباط المقدس فهما لا يريدان ذلك.

 وكذلك الحال مع عروة وعفراء فبعد أن تزوجت عفراء من شخص أخر ذهب عروة متخفيا إلى زوجها وقد قابله زوجها ورحب به فى داره وعلمت عفراء بوجوده، ولكن بعد ذلك ذهب عروة ولم يلتقى بعفراء وممارسة الحب معها.

 

وعندما سألوه لماذا لم تفعل ما ذهبت من أجله فكان رده هو أنه أراد ألا يخون من أكرمه، فإذا كان هذا بالفعل فلماذا ذهب من الأساس ويعلم أنه يكذب ويخون، فالمتعة كانت لديه فى المغامرة وأن يشعر دائماً أنه مسير ومغصوب عليه أن يفعل ذلك، فالقلب ليس مخيراً ولكنه مسيراً.

 

إن الحــب الأول والحب العذرى وأى حـب فى أى مرحلــة من مراحل حياة الإنسان ليس الحب الأبدى والحب الأخيــر، ولكن الحب الحقيقى هـــو الحب الذى يكون من خلال الرباط المقدس الذى يهدف إلى التناسل وتكوين أسرة وتربية الأطفال وتأدية دور الإنسان فى الحياة ورسالتــه لاستمرار التناسل والحياة.

 

من يعيش حتى هذه اللحظة على حب قديم أو حب مرحلة من مراحل التعليم ويعيش العذاب والبكاء فأنت مريض نفسياً وتعيش الوهم فعليك من تلك اللحظة أن تقبل على الحياة وسترى أن القلب يدق للحب، وعليك أن تبذل المجهود مع الحب الجديد، وافتح قلبك سوف ترى حباً حقيقياً ومتعة جديدة كنت ستحرم نفسك منها وتعيش على الذكريات والأوهام طيلة عمرك.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة