مأزق جديد ـ لا يحسد عليه ـ يواجهه الرئيس الإيرانى حسن روحانى الذى تقف شرعيته السياسية على الحافة، بعد أن أقرت الولايات المتحدة الأمريكية حزمة عقوبات جديدة تستهدف إيران بسبب برنامجها الصاروخى البالستى، خاصة أن الرئيس المعتدل يعانى من أزمات داخلية لا حصر لها، لاسيما مشاكله المتصاعدة مع المؤسسة الأمنية الحاكمة فى البلاد والمتمثلة فى الحرس الثورى (الباسداران).
وتتمثل خطورة الموقف على وضع روحانى سياسيا فى أنه اكتسب شرعية الصندوق مرتين من خلال نجاح إدارته فى التوصل إلى إبرام صفقة إيران التاريخية مع العالم، فى نهار الرابع عشر من يوليو بالعام 2015م، بمدينة جنيف السويسرية؛ ما أعطى أملا للإيرانيين فى الانفتاح على الغرب وانخراط بلادهم فى النظام المالى العالمى وبالتالى تحسن الوضع الاقتصادى للأفراد.
إيران انتهكت روح الاتفاق
وعلمت "اليوم السابع" أن الخارجية الأمريكية قالت إن واشنطن وقعت حزمة عقوبات جديدة على إيران، لانتهاكها روح خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووى"، بالرغم من التزامها ببنود الخطة.
وأعلنت الإدارة الأمريكية، يوم أمس الثلاثاء، فرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران، بسبب استمرار طهران فى برنامج الصواريخ البالستية وزعزعة الاستقرار فى المنطقة، وفرضت واشنطن عقوبات على 18 فردا وجماعة إيرانية، بسبب برنامج إيران الصاروخى وأنشطة أخرى غير نووية.
وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت أن الإدارة الأمريكية أرسلت ملاحظات إلى الكونجرس تثبت أن إيران تمتثل لخطة العمل الشاملة المشتركة، غير أن الولايات المتحدة تعتقد اعتقادا راسخا أن إيران تنتهك روح الاتفاق فى ما يتعلق بجزء مهم من الخطة.
وأدانت إيران العقوبات الأمريكية الجديدة بحق برنامجها للصواريخ البالستية، وأعلنت لجوئها إلى القيام بإجراءات انتقامية، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وجاء فى بيان أوردته الوكالة الرسمية الإيرانية "أن وزارة الخارجية الإيرانية، مع تنديدها بالبادرة التى لا قيمة لها للولايات المتحدة بفرض عقوبات لا شرعية ضد أشخاص جدد (على صلة ببرنامج الصواريخ البالستية الإيرانى)، سترد بمعاقبة أفراد وكيانات أميركية جديدة عملت ضد الشعب الإيرانى وباقى الشعوب المسلمة فى المنطقة".
إيران تقوض السلم الدولى
ورأت نويرت فى حديثها مع مجموعة من المحررين الدبلوماسيين وحصلت "اليوم السابع" على النص الكامل للحديث، أن الخطة تشير فى جزء منها إلى أنه يفترض بإيران المساهمة فى السلام والأمن الإقليمى والدولى، معتقدة أن "بعض الإجراءات التى شاركت فيها الحكومة الإيرانية تقوض الهدف المعلن للسلم والأمن الإقليمى والدولى".
وأضافت أن إيران لا تزال تمثل أحد أخطر التهديدات التى تواجه الولايات المتحدة، وهذا الخطر ليس على مصالح الولايات المحتدة الأمريكية بل فى مختلف أنحاء العالم وتحديدا على الاستقرار الإقليمى.
من جانبها أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، أن العقوبات الأمريكية الجديدة على شخصيات وشركات إيرانية أمر سخيف وبدون قيمة، مؤكدة لأنه سيتم الرد عليها بعقوبات مماثلة، وقالت الخارجية الإيرانية، فى بيان مساء أمس الثلاثاء، إن ما أقدمت عليه أمريكا يعتبر أمراً سخيفاً وغير ذا قيمة.
وتابعت نويرت، التى عملت فيما مضى مذيعة بشبكة فوكس نيوز، قولها: "لدى قائمة كاملة من المواضيع التى يمكننا التطرق إليها هنا وإيران مسؤولة عنها، وتتجاوز أنشطتها الكاملة نطاق التهديد النووى، وأظن أننا ندرك جميعاً ما يلى بشكل تام: تطوير الصواريخ البالستية وانتشارها، ودعم الإرهاب والميليشيات، والتواطؤ فى فظائع نظام الأسد ضد شعبه، والعداء المتواصل لإسرائيل منذ فترة طويلة، والتهديد المستمر لحرية الملاحة، ولا سيما فى الخليج، والهجمات الإلكترونية على الولايات المتحدة، وما إلى هنالك".
واختتمت نويرت حديثها حول هذه النقطة بقولها: "هذه ليست بمفاجأة، وتريد هذه الإدارة أن تحاول دفع إيران إلى التقيد بروح الاتفاق، أى بالسلام والأمن الإقليمى والدولى".
روحانى ومأزق الشرعية
أما الرئيس حسن روحانى فرأى من جانبه أن سلوك الولایات المتحدة الأمريكیة غیر صحیح حیال الالتزامات الدولیة، مضيفا فى خلال كلمته أمام مجلس الوزراء الإيرانى صباح اليوم الأربعاء: "مكانة الدول السیاسیة فی العالم الراهن تتعلق بالثقة واحترامها للتعهدات والالتزامات التی أبرمتها".
وأوضح روحانی فى نص كلمته التى نشرها الموقع الرسمى لمؤسسة الرئاسة الإيرانية واطلعت "اليوم السابع" عليها، أن الأمريکیین ینتهكون معظم تعهداتهم وأنهم نقضوا اتفاقية باریس للمناخ والمعاهدة مع کوبا وکثیرا من التعهدات مع أمريكا الشمالیة، مضيفا أن الولایات المتحدة المنتهكة للعهود لا تستطیع أن تدعی الاستقرار والأمن وحقوق الإنسان والالتزام بالقانون، وفقا لقوله.
ويتضح من الرؤية الشاملة للموقف أن الرئيس حسن روحانى يستشعر الحرج البالغ على الأقل فى مواجهة خصومه الداخليين الذين لا يواجههم إلا بانتصاراته الدبلوماسية، فى إشارة إلى الاتفاق النووى، لكن العقوبات على هذا النحو التى تطال البرنامج الصاروخى الذى أقر هو زيادة فى الإنفاق على تطويره، تضعه فى موقف بالغ الضعف أمام ناخبيه وأمام منافسيه المتشددين الذين كانوا يرون ألا جدوى فى اتفاق إيران مع العالم، مستهدفين من وراء ذلك مواصلة الاستئثار بمفاصل الاقتصاد فى بلاد تملك ثانى أكبر ثروة نفطية فى كوكب الأرض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة