نقلا عن اليومى..
- القناة استعانت ببلطجية فى ثورة 25 يناير لحماية طاقمها وإثارة المتظاهرين.. ومراسلو القناة كانوا يتحركون تحت حماية الإخوان
- بلطجية احتجزونا فى الإسكندرية 16 ساعة وفوجئنا بمدير القناة يقول لنا: لا تخافوا إذا تطور الأمر سنرسل قوات أجنبية لإنقاذكم
يواصل محمد فوزى، المصور السابق لقناة الجزيرة رواية تفاصيل ما رآه طيلة 11 عامًا قضاها داخل أروقة القناة القطرية، ووصل إلى الوقت الذى تم تعيين شخص أمريكى يدعى كلايتون سويشر، بالقناة، وهو حاليا يتولى إدارة وحدة التحقيقات بشبكة الجزيرة الإعلامية، ويقول فوزى، إنه حينما تم تعيين كلايتون كان صحفيا مبتدئا قدم نفسه كمارينز سابق، واستطاع خلال فترة وجيزة الوصول لأعلى المسؤولين، ونجح فى عقد لقاءات بين الإدارة الأمريكية ووضاح خنفر، والوصول إلى صيغة مرضية لواشنطن بما فيها التعاون الأمنى والإبلاغ عن أى معلومة عن متطرفين وتسليم الأشرطة لقاعدة العيديد قبل بثها، وغيرها من التسهيلات التى تم التوصل إليها.
يضيف محمد فوزى: «هذا الشخص الأمريكى مع بداية التوتر بالشرق الأوسط قدم نفسه أنه أصبح سلفيا وأطلق بعض اللحية وأشاع أنه أسلم، إلى أن عملت معه فى أفغانستان بعد ذلك واكتشفت كذبه».
مما رصده فوزى خلال متابعته لكلايتون سويشر أنه كان حلقة الوصل بين واشنطن ووضاح خنفر المعروف بأنه عراب الاتفاق بين الإدارة الأمريكية وقناة الجزيرة، وهو الاتفاق الذى كشفته وثيقة مسربة على موقع ويكليكس، وهذه الوثيقة تحمل رقم 05DOHA1765 وتاريخها: 20/10/2005، وأشارت إلى تعاون وثيق بين خنفر والسلطات الأمريكية حيث تضمن التعاون إزالة مواد تضر بصورة الجيش الأمريكى فى العراق، وهذه البرقية أشارت إلى أن مسؤولة الشؤون العامة فى وزارة الدفاع الأمريكية التقت فى 19 أكتوبر 2005 بوضاح خنفر لمناقشة أحدث تقارير وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية بشأن قناة الجزيرة، والمحتوى المزعج الذى ينشره موقع «الجزيرة نت»، حينها أشار خنفر إلى أنه يقوم فى غضون ذلك بإعداد ردّ مكتوب على النقاط التى وردت فى هذا التقرير الخاص بأشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر، والذى ينبغى أن يكون جاهزًا خلال الأسبوع التالى آنذاك، وقال خنفر إن أحدث الموضوعات التى نُشِرت على الموقع، وأثارت استياء الحكومة الأمريكية قد تم التخفيف من حدّتها، وإنه سيزيلها من على الموقع خلال اليومين أو الأيام الثلاثة التالية، ومنحته المسؤولة الأمريكية نسخة من قصاصات وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية غير السرّية للأشهر الثلاثة.
وجاء فى البرقية أيضًا أن خنفر استقبل أخيرًا نسخًا من مقتطفات خاصة بشهرى يوليو وأغسطس عبر وزارة الخارجية، وأنه كان يعدّ ردًا مكتوبًا عليها، وأكد أنه سيدرج النقاط الخاصة بشهر سبتمبر فى التقرير، وسيمرره إلى المسؤولة الأمريكية خلال الأسبوع التالى، وطلب منها خنفر كذلك ترتيب الطريقة التى يستقبل من خلالها تلك التقارير، حيث أشار إلى أنه وجد أحدها على آلة الفاكس.
خلال الفترة التى تولى فيها خنفر إدارة الجزيرة كانت العلاقة قوية بين القناة والمخابرات المركزية الأمريكية، حيث تم استخدام القناة فى الترويج أولًا لجماعات الإسلام السياسى، والتنظيمات الإرهابية، وبعدها تقوم القناة بتسليم كل ما لديها من معلومات عن هذه الجماعات والتنظيمات للمخابرات الأمريكية، ويكفى أن نشير هنا إلى أنه خلال إدارة خنفر للجزيرة، كانت القناة هى الشاشة الوحيدة التى يبث من خلالها تنظيم القاعدة كل رسائله المصورة، سواء لزعيمه الراحل أسامة بن لادن أو لبقية قيادات التنظيم، بل أجرت القناة لقاءات حصرية مع قيادات القاعدة وعلى رأسهم بن لادن نفسه، وهنا نعود إلى ما تسرب من معلومات حول العلاقة التى كانت تربط عددا من مذيعى ومقدمى البرامج فى القناة بأجهزة أمنية ومخابراتية غربية، وكيف سلم يسرى فودة تفاصيل لقاءاته مع خالد الشيخ ورمزى بن الشيبة، المتورطين فى أحداث 11 سبتمبر، للمخابرات الأمريكية، وكذلك ما أثارته وسائل الإعلام الغربية بأن إدارة «الجزيرة» تورطت فى تسليم واشنطن صورًا تليفزيونية صوّرها فريق القناة الذى رافق الملا داد الله، واستخدمتها القوات الأمريكية فى تحديد مكان إقامة القائد الطالبانى فى ولاية هلمند، مما أدى إلى اغتياله عام 2007.
بالعودة إلى الصحفى الأمريكى كلايتون الذى كان له وضع خاص فى «الجزيرة»، فهو كان ولا يزال عين المخابرات الأمريكية على القناة، وفى نفس الوقت المؤتمن من جانب القطريين على أدق الأسرار والتفاصيل، ومنها على سبيل المثال اللقاء السرى الذى لم يرد أحد فى القناة أو الدوحة لأحد أن يعلم عنه شيئا، ففى 14 إبريل 2008 كانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك تسيبى ليفنى ضيفة على العاصمة القطرية، الدوحة، وقبل أن تصل ليفنى الدوحة كانت قد تواصلت مع الديوان الأميرى القطرى، وطلبت عقد لقاء مع قيادات وإدارة قناة الجزيرة للاتفاق على آلية العمل المستقبلية بين القناة وتل أبيب، وبالفعل رتب الديوان الأميرى اللقاء، الذى تم فى فندق شيراتون الدوحة، حيث حضره كبار مذيعى ومحررى قناة الجزيرة، ويقول محمد فوزى إن الصحفى الأمريكى كلايتون سويشر استدعاه وطلب منه التوجه على فندق «شيراتون الدوحة» لتصوير لقاء تسيبى ليفنى مع قيادات الجزيرة، وبالفعل ذهب فوزى مع كلايتون، وهناك فؤجى وضاح خنفر بفوزى، فبدى الانزعاج على وجهه وفورًا طلب من فوزى أن يغادر الفندق.
اللقاء الذى أشار إليه فوزى انتهى إلى اتفاق خنفر وبقية قيادات الجزيرة مع تسيبى ليفنى على فتح قناة الحوار لإنهاء المقاطعة الجزئية التى تفرضها الخارجية الإسرائيلية على الجزيرة بسبب ما وصفته بالتغطية غير المتوازنة للأوضاع فى الأراضى الفلسطينية، وانتهى الاجتماع إلى موافقة الوزيرة الإسرائيلية على إرسال وفد رفيع من الخارجية الإسرائيلية إلى الدوحة للاجتماع بمحررى القناة الفضائية لبحث الشكوى الإسرائيلية حول عدم توازن الجزيرة وانحيازها خلال تغطية الأحداث.
اللقاء سبقه اجتماع لليفنى مع الأمير السابق لقطر، حمد بن خليفة آل ثانى، ورئيس وزرائه حمد بن جاسم بن جبر، والذى شهد ترتيبات سياسية وأمنية واقتصادية بين الدوحة وتل أبيب، والأهم من ذلك أن أمير قطر كلف رئيس وزرائه بإبلاغ مسؤولى الجزيرة بتنفيذ كل ما تطلبه ليفنى خلال اجتماعها معهم.
ينطلق محمد فوزى بنا إلى مرحلة أخرى من العمل فى الجزيرة، وهى مرحلة أحداث الربيع العربى فى المنطقة بداية 2011، ويقول عنها: «مع بداية الأحداث انكشف الوجه الحقيقى للجزيرة، الوجه المتطرف الدموى، وكانت أفكار التغطية كلها تصب فى اتجاه دعم المتطرفين على الأرض، وكان مكتب القاهرة هو خير دليل، حيث تم الدفع بعدد كبير من الصحفيين والفنيين وأجهزه البث بعضها وصل عن طريق المطار، والبعض الآخر عن طريق أنفاق غزة، وأصبح لكل فريق تصوير حماية خاصة من البلطجية المسلحين الذين يعملون ويقبضون من الجزيرة بحجة الحماية، لكنهم فى الأصل كانوا يُستخدمون لتسخين المظاهرات».
ويكمل فوزى بقوله: «لا أنسى يوم جمعة الغضب، 28 يناير 2011، وقتها كنت بالإسكندرية، وشاهدت المظاهرات وكيف كان يقودها أشخاص مدربون تماما على التعامل مع قنابل الشرطة، هذا المشهد لم أره إلا فى قطاع غزة، وشاهدت كيف تم تشتيت الشرطة وحرق المدينة وهو مشهد ذكرنى فورا باحتلال بغداد، وفى هذه اللحظة أدركت أن وطنى مصر على شفا الاحتلال من جماعات متطرفة، وكانت كل الطلبات تأتى إلينا من الدوحة بضرورة استمرار البث المباشر للعنف والمظاهرات، وكان مراسلو القناة فى القاهرة وبقية المدن المصرية يتحركون تحت حماية جماعة الإخوان».
ويروى محمد فوزى واقعة حدثت معه أثناء تغطية أحداث يناير 2011، وهى واقعة توحى بالكثير لمن يريد أن يقف على خفايا عمل القناة القطرية فى مصر فى هذه الفترة، ويقول فوزى: «عند تغطيتى للأحداث فى الإسكندرية تمت محاصرتنا بأحد المنازل القريبة من محطة مصر عن طريق بلطجية مسلحين، وظللنا مختبئين لمدة 16 ساعة إلى أن تحدث معنا هاتفيًا صلاح نجم، رئيس تحرير قناة الجزيرة، لطمأنتنا، وقال: لا تخافوا إذا تطور الأمر سنرسل قوات أجنبية لإنقاذكم، هنا أخذت قرارى بعدم استكمال العمل والعودة للقاهرة».
وصلاح نجم، هو إعلامى تعاقدت معه الجزيرة فى نوفمبر 2009 ليرأس قناة «الجزيرة» الناطقة بالإنجليزية، بعدما تقدم باستقالته من رئاسة قناة «بى بى سى» العربية، وسبق لنجم أن أسس من قبل قناة «الجزيرة الإخبارية» وتولى رئاسة تحريرها، كما شارك فى تأسيس قناة «العربية» الفضائية وتولى رئاسة غرفة الأخبار فيها، وقام بتأسيس تليفزيون «بى بى سى» العربى الذى انطلق من العاصمة البريطانية قبل أن يقدم استقالته.
ويضيف محمد فوزى: «نفس تسلسل الأحداث الذى شهدته مصر تم فى ليبيا لاحقا، حيث كانت للجزيرة الأفضلية مع المقاتلين المتطرفين، حيث توجهت لأول مرة بعد سقوط مصر فى الفوضى وعند الحدود لم أتخيل ألا أرى جنودا ليبيين كالسابق لكن أفرادا لا يوصفون غير بالمجرمين، وتم الترحيب بِنَا باعتبارنا وفد الجزيرة، ولَم يكن هناك تأمين وكان علينا الوصول إلى بنغازى، حيث يوجد مبنى بساحة الشهداء تم تحديده كمقر للقناة، ويتولى حراسته ميليشيا، وأمام المبنى كانت توجد ساحة ضخمة تقام بها المظاهرات والجنائز والخطب، وتم رفع علم قطر على المبنى وبالساحة، وكالعادة كانت الأبواب تفتح أمام الجزيرة من جانب المقاتلين، وكنت اذهب يوميًا إلى خطوط القتال بأجدابيا، ورأيت المقاتلين المصريين وغيرهم من الجنسيات العربية المنخرطين فى صفوف جماعات الإرهاب، وكانوا دائما يخفون وجههم عن الكاميرات، وخلال وجودنا فى ليبيا كان التنسيق على أعلى مستوى بين المقاتلين ومكتب الجزيرة العربى ومباشر وأيضًا القناة الناطقة بالإنجليزية، ووقتها كانت المجموعات المسيطرة على مكتب الإعلام الليبى من الإخوان المصريين».
من ليبيا انتقل فوزى إلى سوريا، ويقول: «كان الوضع فى سوريا أصعب حيث سيطر الإخوان على مصر وليبيا وتونس، والمطلوب الآن هو سوريا، فقامت الجزيرة بفتح مكاتب لها بتركيا وتحديدًا فى المناطق الحدودية مع سوريا، وتم تعيين مديرين للمكاتب، مثل تيسير علونى وأحمد إبراهيم العبده، وهم سوريون وكل منهم له اتصالات بالمتطرفين بالداخل السورى وأسهموا فى دعم حركات أحرار الشام وجبهة النصره بالمال والسلاح، بل كانوا محطة استقبال للمقاتلين القادمين من أوروبا إلى سوريا، وكنت شاهد عيان بالصدفة على استقبال ابن تيسير لمقاتلين قبل دخولهم لسوريا»، ويكمل محمد فوزى شهادته: «نفس الوضع تكرر بمالى حيث تم احتلال شمال مالى من قبل جماعات الإرهاب والتطرف، ولاحظت المعامله الممتازة لفريق عمل قناة الجزيرة، وكذلك لمراسلهم بالنيجر».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة