آثر الابتعاد خلال الفترة الأخيرة عن وسائل الإعلام، وظل موجودا لفترة طويلة فى لندن فى رحلة علاج، إلا أنه ما زال متابعًا بشكل دقيق، لما تشهده جماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسى من أزمات، وهو ما دفعه خلال الفترة الأخيرة إلى إعداد كتاب يتضمن كل النصائح، التى وجهها للجماعة خلال فترة عضويته فى التنظيم، التى استمرت لعقود، ولكنه استقال منه منذ 5 سنوات بسبب انحراف الجماعة عن الطريق.
لم يبخل الدكتور كمال الهلباوى، القيادى السابق بجماعة الإخوان، فى حواره مع «اليوم السابع» بشرح وكشف المعلومات عن طريقة تفكير الجماعة وتاريخها منذ عهد الملك فاروق حتى الآن، حيث كشف علاقاتها بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكذلك طبيعة عمل التنظيم الدولى، وكيف خانت الجماعة دعوة حسن البنا، ووضع التيار السلفى فى مصر فى التوقيت الحالى وموقف أمريكا من التنظيم، وغيرها من الكثير من القضايا فى الحوار التالى، وإليكم نص الحوار:
فيما يتعلق بالإدارة الأمريكية البعض رأى أنه بمجرد وصول ترامب للحكم سيتغير الموقف الأمريكى تجاه الإخوان ثم أغلق هذا الملف تمامًا.. كيف ترى ذلك؟
- هذا الملف لم ولن يغلق، فأمريكا لا تغلق ملفات، فأمريكا أخذت تحاور إيران عدة سنوات فى عهد أوباما، وحلوا مشكلة البرنامج النووى بالحوار ولم تقم حرب، فإسرائيل كانت تريد أن تضرب أمريكا إيران، وأن يضرب العرب السنة إيران والعرب الشيعة، فأمريكا لا تغلق ملفات، ولكن أمريكا لديها سياسة معينة اسمها «سياسة البدائل»، فيكون لها فى كل بلد ركنين أو ثلاثة، ولكنها لا تغلق ملفًا، وهى تطبق هذه السياسة مع الإخوان، فممكن الآن لا تتهمهم بالإرهاب ولكن ممكن بعد سنة تتهمهم بالإرهاب، إذا رأت أن مصلحتها هى أن تدرج الإخوان ضمن المنظمات الإرهابية ستفعل.
أى أن أمريكا ليست من مصلحتها الآن إدراج الإخوان جماعة إرهابية؟
- نعم وإلا كانت أدرجتها فى الوقت الحالى.
وما هى مصلحتها فى ذلك؟
- أمريكا لديها سياسة البدائل، فوزير الدفاع الأمريكى، وكذلك الخارجية الأمريكية، قالوا إنهم لا يمكن أن يدرجوا الإخوان جماعة إرهابية لأن هناك معاملات مع الإخوان فى بلدان أخرى، فهى تستخدم سياسة البدائل مع الجميع، وهناك مثال على ذلك، فأفغانستان كان بها حرب، وهناك جهاد استمر عدة سنوات ومات فيه 2 مليون شخص، فمن حكم أفغانستان؟ لا حكمتيار، ولا سياف ولا برهان، الذى مكث سنتين ثم غادر، فهم أتوا بشخص آخر اسمه «كرزاى»، أمريكا لديها «كرزايات» كثيرة فى كثير من البلدان.
البعض فسر عدم إدراج أمريكا الإخوان جماعة إرهابية بأن الإخوان لديها قوة فى واشنطن؟
- لا.. إذا كانت للإخوان قوة فى أمريكا فأمريكا ستكسر رقبتهم، فهم ليس لديهم قوة داخل أمريكا، ولكنهم قوة موجودة داخل المجتمع رغم أنهم انتهوا كإخوان، وهناك فريق من الإخوان «داعشيين» وأنا أول من استخدم هذا المصطلح، فكل من يستخدم العنف فهو داعشى أو قاعدى.
وأين ذهبت دعوة حسن البنا؟
- نائمة، فالإخوان أتوا عليها، فمشلكتهم ليست مع الشعب فقط ولكن أيضا مع حسن البنا.
أنت كنت عضوا فى التنظيم الدولى للإخوان ومكثت كثيرا فى لندن قل لنا ما هى طبيعة اجتماعات التنظيم الدولى للإخوان وهل هم قوة كبيرة؟
- التنظيم الدولى هو تنظيم للتنسيق فلا يوجد تنظيم دولى، ولكن هو تنظيم للتنسيق، فمن الإخوان من يأخذ بتوصياته ومنهم من لا يأخذ بتوصياته، وكنا نتكلم عن التربية والقيم والمشاركة السياسة العامة، وندين العنف، وكان هناك اهتمام بتربية الفرد، فربينا إخوان فى إندونيسيا وهم شاركوا فى الحكم هناك، بعد ثورة الطلاب، فبعض وزراء إندونيسيا الآن من تلامذتى، كنا نقوم بعمل دورات لهم فى الفقه ودورات فى التدريب، ودورات شرعية فى التاريخ الإسلامى، ودورات فى مفاهيم حسن البنا وعن الإسلام السياسى وعن الجمعيات المشبوهة، وعن الأعداء بما فيهم إسرائيل والهيمنة الغربية، ونرسل لهم أناس يدرسون له هناك أو يأتى هنا لتلقى تلك الدورات، وكان هناك إنفاق على ذلك وكان هناك تركيز على الإنسان، ولكنهم الآن انصرفوا عن ذلك.
أنت قلت أن هناك من تدربوا فى دورات التنظيم الدولى سابقا أصبحوا وزراء وسفراء وكوادر فى إندونيسيا وبعض دول العالم لماذا لم نجد هذا فى مصر؟
- لابد أن نذهب إلى أخطاء الإخوان التى تحدثت عنها منها تقريب أهل الثقة واستبعاد أهل الكفاءة، فنحن تعلمنا أن من ولى أحد ولاية لقرابة أو لصلة فقد خان المسلمين أو المواطنين ومن هو أولى منه فقد خان الله ورسوله، فلما تأتى بواحد مثل عصام الحداد وتجعله مساعدا لرئيس الجمهورية مع أنه ليس لديه خبرة فى هذا المجال، فهذا خطأ.
من كان يمول أنشطة التنظيم الدولى للإخوان؟
- فى أيام ما كنت فى التنظيم جيوبنا هى من كانت تمول، فعندما تحسب الإخوان فى مصر ستجدهم 500 ألف أو 600 يدفع الواحد منهم 10% من دخله غير الهبات أو الصدقات.
الهبات والصدقات من أين كانت تأتى؟
- كان حسن البنا يطلب من الإخوانى أن يتبرع بجزء من ماله وممتلكاته عند الوفاة، فشخص لديه منزلان أو ثلاثة يتبرع بواحد، والناس كانت تقدم على ذلك.
هل أنت راضٍ الآن عن أداء التنظيم الدولى بقيادة إبراهيم منير؟
- لم يعد هناك إخوان، ففى مصر لم يعد هناك إخوان، فلا يوجد داعية يدعو إلى دعوة الإخوان.
وهل بالفعل كان جمال عبدالناصر من الإخوان؟
- طبعا.. فعبدالناصر ظل فى الإخوان 10 سنوات من 1942 إلى 1952، كان بيدرب النظام الخاص.
هل قابلت جمال عبدالناصر أثناء وجودك فى الإخوان؟
- لا لم يجلس معى، أنا كنت ما زالت شابا، كنت أتدرب فى شبين الكوم فى الحرس الوطنى الخاص بالثورة، الإخوان هم من قاموا بالثورة عام 1952، والضباط الأحرار معظمهم من الإخوان حتى خالد محيى الدين.
قيل من بعض قيادات الإخوان أن فؤاد سراج الدين كان من الإخوان؟
- لا لم يدخل الإخوان.. ففؤاد سراج الدين كان باشا، ممكن يكون قد مضى اشتراك العضوية ثم تراجع.
أنت استقلت من الإخوان من 5 سنوات.. فلماذا؟
- أنا تركت القيادة فى الإخوان فى التسعينيات ثم استقلت نهائيا فى 2012 لأسباب أعلنتها فى هذا التوقيت، وكان بسبب إعلان الإخوان المشاركة فى انتخابات الرئاسة بعد أن وعدت الشعب المصرى بعدم الدفع بمرشح رئاسى، فى نفس اليوم أعلنت استقالتى لأننى لم أكن أوافق أن يشارك الإخوان فى انتخابات الرئاسة.
هل قمت بالاتصال بقيادات إخوانية للحديث معهم حول هذا الأمر؟
- نصحتهم كثيرا.
من هم يا دكتور كمال من نصحتهم؟
- لا يمكن أن أذكر أسماء فهم الآن فى السجون، ولا يمكن أن نضغط أكثر من ذلك، وأنا أجهز كتابا كاملا عن هذا الموضوع وكل النصائح، التى وجهتها للجماعة بشأن هذا الأمر اسمه «نصائح الهلباوى للإخوان»، اسرد فيه كل ما قلته للإخوان.
هل لديك أى اتصال بشخصيات من التنظيم الدولى للإخوان؟
- هناك أناس يزوروننى منهم ويقولون لى لماذا استقلت
حتى يومنا هذا يقومون بزيارتك؟
- نعم حتى الآن، وعندما أسافر سواء للندن أو غير لندن، وعندما أحضر ندوات يقابلنى بعضهم يقولون لى لماذا استقلت، فأقول لهم أنا استقلت لأن الناس انحرفت عن الطريق.
هل حدث لقاء قريب بينك وبين إبراهيم منير؟
- لا.. لا يمكن أن يحدث، لأننا انتهينا، فالإخوان فى مصر انتهوا.
ولكن البعض يقول: أن التنظيم يقاد من لندن؟
وهل هناك تنظيم يقاد من الخارج؟، الإخوان انتهت خلاص، ودعوة الإخوان غير موجودة، فالموجود الآن سياسة أو عنف.
وهل ترى أن الأوضاع الحالية للإخوان تؤكد أن الوضع يؤسس لحدوث انشطار داخل الإخوان؟
- نعم.. فالآن يوجد جماعتان مركزيتان داخل الإخوان مجموعة محمد كمال، ومجموعة محمود عزت وإبراهيم منير، وداخل كل مجموعة يوجد انشقاقات، وداخل كل مجموعة يوجد آراء مختلفة.
ذكرت منذ قليل اسم محمود عزت.. لكنه منذ فض اعتصام رابعة العدوية اختفى تماما عن المشهد ولم يظهر فهل تتوقع أنه داخل مصر أم خارجه؟
- كان لدينا شخص فى بلدنا اسمها ميت خاقان كان اسمه فرج النجار ظل مختفيا 25 عاما عام 1954، ومحمود عزت مختبئ أيضا فى مصر أو خارج مصر، ولا أظن أنه سافر أو غادر البلاد.
ولكن كيف يكون قائد التنظيم الآن مختفيا.. فمن يتواصل معه ومن يأخذ منه المعلومات؟
- هو صعب بالفعل ولكن كل شىء ممكن، فالإخوان اعتادوا أن يعملوا فى السر، وهذه «بلوة»، أن الدعوة الإسلامية يكون بها عمل سرى.
وكيف ترى مستقبل الجماعة وسط من يدعون بالمصالحة لمهم؟
- فى مصر من الممكن أن يعودوا من الناحية السياسية، ولكن كدعوة انتهت.
هل من الممكن أنت ومجموعة من المنشقين عن الإخوان أن تقوموا بمراجعات مع شباب الإخوان أو تحثوهم على إجراء مراجعات؟
- عقلية التنظيم بعد أن انقلب إلى سرى لا تقبل بالمراجعات من خارجهم، وهناك نماذج لمن رصدوا أخطاء الإخوان، فيوسف القرضاوى عندما كان وسطيا فى السبعينيات تحدث عن الخلل فى الإخوان، كما تحدثت أنا عن أخطاء الإخوان تحت عنوان «الهلباوى وأخطاء الإخوان»، وجمال حشمت القيادى الإخوان سرد أيضا أخطاء الإخوان، وعندما كتب حشمت عن أخطاء الإخوان أطاحوا به من القيادة وركنوه، ولكنه لم يستقل من الإخوان.
أى أن جمال حشمت ليس له قرار داخل الإخوان؟
- ليس له ولن يكون له، طالما قال أن هناك أخطاء داخل الإخوان، ومنذ أن قال عن هذه الأخطاء وهو انتهى داخل الإخوان، فعقلية الإخوان لا تقبل بالمراجعات.
أنت قلت أن يوسف القرضاوى كان وسطيا فى السبعينيات فما الذى تغير الآن؟
- كان وسطيا فى السبعينيات والثمانينيات والتسيعنيات حتى 2003 حتى غزو العراق، ولكن الآن أدخل السياسة فى الدعوة، والسياسة تحتاج مستشارين وأناس يعملون فى العلن ويكون لها وضع وتدعو إلى السلمية، ولكن الدخول فى معترك سياسى ودولى ودخول القرضاوى فى موضوع ليبيا وسوريا وقطر والسعودية ومصر،، ودخوله فى منزلق السنة والشيعة عوامل جعلته يحيعن الطريق، فالقرضاوى قديما كان يدعو لوحدة الأمة والتقريب ولكن الآن هو يعتبر الشيعة منحرفين، وهو أخطأ فى ذلك، فالله تعالى قال «إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ»، فهل سنكون مثل السلفيين الذين يكفرون الشيعة.
البعض كان يرى أن التيار السلفى سيحل محل الإخوان فهل هذا صحيح؟
- الشعب المصرى لا يقبل إلا من كان وسطيا بفطرته.
وهل التيار السلفى تنظيم قوى؟
- لا.. هو مجرد تجمع، فلم يستطع أحد أن يشكل تنظيما قويا سوى الشيوعيين والإخوان.
ولكن البعض كان يقول إنهم مثل قوة الإخوان فما رأيك؟
- أين هو المشروع الإسلامى للسلفيين.. لا يوجد، فما هو مشروعهم وأركانه.
يقولون أن مشروعهم هو تحكيم الشريعة الإسلامية؟
- ما هى الشريعة الإسلامية لديهم؟، وأى فقه لديهم، فهل السلفيون يؤمنون بالأئمة الأربعة.. لا.
هل قابلت أحدا من السلفيين مثل ياسر برهامى أو غيره؟
- «والتقى ببرهامى اعمل بيه أيه».. برهامى الذى أنكر اتصاله بشفيق ثم خرج وقال اتصلت به هاتفيا..
بعد انتصار الجيش العراقى فى الموصل هل ترى أن «داعش» إلى زوال؟
- لا.. داعش لم تنته، وسيظهر تنظيم آخر غير «داعش»، فالقاعدة كانت تنظيم فى البداية، ثم داعش، سيظهر شىء آخر غير داعش أكثر تطورا وتمويلا من أعداء الأمة، فداعش مستخدمة كى تشغل الأمة بنفسها فقط.
ماذا تقول لقيادات الإخوان؟
- أقول لهم عملتم كارثة لم تحدث فى التاريخ، وإلا الآن لا تفقهون الواقع فى مصر، وبالتحديد واقع الشعب، ودخلتم فى صراع كله تكسير عظام لا فائدة منه.
البعض يقول من الإخوان أنفسهم أن الجماعة تسعى للتسوية ولكن قيادات السجون هى من ترفض كيف ترى ذلك؟
- الإخوان رفضوا كل المبادرات رغم أن كل المبادرات كانت فى صالحهم ورغم ذلك رفضوها، ولا أظن أن يكون هناك مصالحة، فمصالحة مع ماذا؟ ومع من فى الإخوان؟ هل مع مجموعة محمد كمال أم مع مجموعة الشباب المنتظر و«زهق» من الوضع داخل الإخوان.
بالحديث عن شباب الإخوان أثير فى الفترة الأخيرة أن بعض شباب الجماعة اتجه للإلحاد وإلى شرب المخدرات كيف ترى هذا الأمر؟
- حتى إذا لم نتحدث عن السجائر والمخدرات، التى يشربونها يكفى قلة الأدب التى تصدر منهم الآن فهل هذه أخلاق إخوان؟ هناك قلة أدب سواء من البنين أو البنات داخل الإخوان.
عصام تليمة قال أن الإلحاد تغلغل عند لدى شباب الإخوان هل تتوقع ذلك؟
- أتوقع أن الضغوط عندما تزداد تقود الناس إلى الهلاك سواء الإلحاد أو غير الإلحاد، فما قيل فى رابعة خرافات لا يمكن للإخوان أن تؤمن بهذا وفى ذلك الحين قلت لهم ذلك وكتبت عن ذلك.
كيف ترى ما وصلت له أزمة قطر مع الدول العربية؟
- أرى أن العرب إذا انتهوا من أزمة قطر سيقعون فى أزمة أخرى، فليس هناك استراتيجية لحل المشكلات، ولكن الجميع ينتظر التعليمات من ترامب أو من غير ترامب.
ليس عندى كل المعلومات كى أحكم ولكن أرى أن هذا خطأ، وكان يجب أن يكون هناك طريقة لحل المشكلات غير التى اتبعت، وأنا لست مع حصار أى أحد، وعندما نجعل قطر عدوًا فإسرائيل ماذا تكون؟!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة