فى ظل استمرار استنزاف احتياطها النقدى جراء مقاطعة دول الرباعى العربى لها تجاريا ودبلوماسيا، لجأت قطر إلى منظمة التجارة العالمية لتشكو الدول العربية التى تطالبها بنبذ الإرهاب والتوقف عن دعم وتمويل الجماعات الإرهابية فى المنطقة.
قطر، التى تعيش حالة من التخبط والعناد، تحاول أن تثنى جيرانها فى الخليج عن مقاطعتها من خلال شكاوى للمنظمة الدولية بهدف إرغام الدول العربية على التعاون معها مجددا، إذ تقدمت بشكاوى ضد السعودية والإمارات والبحرين قائلة إن هناك محاولات من قبل الدول المقاطعة لفرض "عزلة اقتصادية" عليها، وحرمانها من التجارة فى "السلع والخدمات وحقوق الملكية الفكرية"، زاعمة أن الدول الثلاثة تنهك قوانين التجارة العالمية.
غير أن اللافت فى شكوى قطر هو اعترافها بأن المقاطعة العربية لها قد تسببت لها فى آلام، ذلك بعد أسابيع من المكابرة ومحاولة الظهور بمظهر القوى، وبحسب وكالة الأسوشيتدبرس، الأمريكية، فإن الشكوى تزامنت مع زيارة الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثانى، وزير الاقتصاد القطرى، لجينيف التقى خلالها رئيس منظمة التجارة العالمية ومحامين متخصصين فى النزاعات التجارية.
وتشير إلى أن بيان الحكومة القطرية دعا إلى بدء مشاورات رسمية مع الدول المقاطعة، ويقر بأن المقاطعة ألمت الدوحة، إذ قال إنها لم تؤلم قطر وحدها، بل أيضا شركائها التجاريين. وهذا الاعتراف يتناقض مع تصريحات سابقة للحكومة القطرية التى نفت تأثر اقتصادها بما تعانيه من عزلة ناتجة عن سياساتها الخارجية المعادية لجيرانها إذ طالما قامت بدعم جماعات إرهابية مثل حركة طالبان، التى اتخذت من الدوحة مقرا لها وتمويل عناصر جماعة الإخوان وعناصر تنظيم القاعدة فى سوريا والجماعات الإرهابية التى تعيث فى ليبيا خرابا وفوضى.
ففى تصريحات أدلى بها مسئولون قطريون لشبكة بلومبرج، الأمريكية، هذا الأسبوع، ومن بينهم حسن الذوادى، الأمين العام للجنة العليا المعنية بتنظيم كأس العالم 2022 فى قطر، زعموا أن بلادهم لم تتأثر جراء المقاطعة والتى لن تؤثر أيضا على استعدادات كأس العالم لكرة القدم. هذا على الرغم من اعتراف الذوادى بأن بلاده تتكبد تكلفة عالية نتيجة لاتجاها إلى مصادر أخرى للحصول على احتياجاتها من مواد البناء والخامات المستخدمة.
وتقول الأسوشيتدبرس إن بينما تصر قطر على عدم الرضوخ لمطالب جيرانها من التوقف عن دعم الإرهاب والتقارب مع إيران، فإنها الإقتصاد القطرى تكبد تكلفة عالية نتيجة للمقاطعة. وقد إضطرت الخطوط الجوية القطرية إلى إعادة توجيه رحلاتها على طرق أكثر تكلفة بسبب غلق المجال الجوى من قبل الدول الأربعة أمهامها، كما تم حرمانها من الطيران إلى مطارات إقليمية رئيسية مثل دبى.
وأضافت أن المقاطعة أدت إلى زيادة كبيرة فى تكاليف إستيراد الأغذية والأدوية ومواد البناء، التى تحتاجها قطر فى مشاريع البنية التحتية الواسعة. وتعتبر الوكالة الأمريكية أن الشكوى قد تفتح طريقا جديدا للمفاوضات بين الازمة.
وبحسب البيانات الرسمية للبنك المركزى القطر فإن صافى الإحتياطى النقدى تراجع بنسبة 30٪ فى يونيو ليبلغ (24 مليار دولار). وأظهرت البيانات الصادرة، الأسبوع الماضى، أن الودائع الأجنبية فى البنوك القطرية انخفضت لأقل نقطة لها منذ أكثر من عامين تقريبا، الشهر الماضى، حيث سحب العملاء أموالهم مما تسبب فى ضغط على السيولة المتاحة محليا للشركات والحكومة.
وكانت أليسون وود، الخبير بشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة تقييم المخاطر الإستراتيجية "كونترول" قد قالت فى تصريحات لبلومبرج "إن النقص الأولى فى مواد بناء معينة قد تراجع فى الغالب، لكن هناك مخاوف لدى المقاولين بشأن عدم الدفع والدفع المتأخر، الذى سبق المقاطعة".
وأضافت أن "شراء السلع من سلاسل التوريد الجديدة غالبا أكثر تكلفة، والكثير من المقاولين يعملون بالفعل على هوامش منخفضة جدا، وبالتالى فإن زيادة تكاليف المواد سيتجاوز الخط المفترض". وأشارت إلى أنه ليس هناك شك فى أن المقاطعة ستضع حملا إضافيا على ما كان يعتبر بالفعل كأس عالم مكلف للغاية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة