سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 11 أغسطس 1952.. الحكومة و«النواب» يخلعان العاهل الأردنى طلال لمرضه النفسى والعصبى

الجمعة، 11 أغسطس 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 11 أغسطس 1952.. الحكومة و«النواب» يخلعان العاهل الأردنى طلال لمرضه النفسى والعصبى العاهل الأردنى طلال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعا توفيق أبوالهدى، رئيس وزراء الأردن، إلى اجتماع عاجل، وحضره الجنرال جلوب «إنجليزى الجنسية» رئيس أركان حرب الجيش الأردنى، وعبدالرحمن خليفة، رئيس الديوان الملكى، والدكتور شوكت الساطى، الطبيب الخاص للملك، وجميع الوزراء، وثلاثة من كبار ضباط الجيش، هم مدير الأمن العام، وقائد قوات البادية، والمقدم صبحى طوقان، وحسب مذكرات «الملك طلال» إعداد ممدوح رضا، عن «دار الزهراء للإعلام العربى- القاهرة»: «عندما أخذ» أبوالهدى «مكانه، فتح الملف الضخم الذى كان يحمله وهو يدخل إلى القاعة، وبدأ يتحدث».
 
قال: «إن البلاد وصلت إلى حالة سيئة لم تشهد مثيلا لها وسبب ذلك هو الملك طلال»، وأضاف: «الملك فى حالة صحية سيئة، وهذه الحالة الصحية تؤثر على أعصابه، وهذا ما يفسر تصرفاته الشاذة التى يتحدث عنها الجميع كركوب الخيل فى الشوارع، والإسراف فى شرب الخمر، والاتصال بالعناصر الخطرة، وتحريض الضباط على القيام بانقلابات عسكرية، ومحاولة قتل نجله الأمير محمد فى باريس، وعدم الاعتراف بأبوة كريمته الأميرة بسمة، وأخرج رئيس الوزراء ورقة صغيرة من الملف الكبير وقال: «هذا الخطاب تلقيته اليوم من الملكة زين «زوجة طلال»، تطالب فيه بضرورة تنحية زوجها عن العرش والمناداة بنجله الأمير حسين ملكا على الأردن، والتفت رئيس الوزراء إلى الطبيب الخاص للملك، وطلب إليه قراءة التقارير التى يحتفظ بها عن حالة الملك طلال الصحية»، كان «طلال» ملكا على الأردن خلفا لوالده الملك عبدالله الذى اغتيل يوم 20 يوليو سنة 1951، وقبلها كان يعانى من أمراض عصبية ونفسية وذهب إلى سويسرا للعلاج.
 
جاء الدور فى الكلام أثناء الاجتماع على الدكتور شوكت الساطى، ووفقا لمذكرات طلال، كان «أقرب المقربين لطلال» وقال: «الملك، أصبح فى حالة لا تؤهله لتحمل أعباء الحكم، نظرا لسوء حالته الصحية، وضعف قواه العقلية»، ثم قرأ وزير الصحة جميل التوتونجى تقريرا مماثلا، وعاد «أبوالهدى» إلى الحديث فقال: «لهذه الأسباب مجتمعة سأعرض على مجلس الأمة، قرارا وافق عليه مجلس الوزراء بالإجماع، ويقضى بمطالبة المجلس بالموافقة على تنحية الملك طلال عن العرش لعدم صلاحيته للقيام بسلطاته الدستورية ورفضه التعاون مع الحكومة»، وحسب المذكرات: «سكت رئيس الوزراء، وعاد الطبيب الخاص يتكلم: «إن الملك طلال أصبح لا يستطيع التحكم فى قواه العقلية بسبب الكميات الضخمة التى يتناولها من الخمر ويعتدى كل يوم اعتداءات وحشية على أفراد حاشيته، ويهدد الملكة زين وأولاده بالقتل، وهذا هو سبب وجودهم فى الخارج فى معظم شهور السنة، الأمر الذى لا يمكن استمراره، ثم اتجه بحديثه نحو الضباط الثلاثة الذين شهدوا هذا الاجتماع، وقال: «وقع الاختيار عليكم، لترافقوا الملك بصفة دائمة وتعملوا على عدم تسرب الخمور إلى القصر، ومنع اتصال الملك بأى شخص إلا بأمر كتابى من رياسة أركان حرب الجيش، وبتوقيع من الجنرال جلوب شخصيا، ثم طلب إليهم الإقامة بصفة دائمة فى القصر، وأمرهم بمغادرة الاجتماع والتوجه لمقر عملهم الجديد»، وتضيف المذكرات: «نظر الضباط الثلاثة إلى رئيس الوزراء ليعرفوا مدى موافقته على هذا الكلام، ففوجئوا به يقول: «نعم، نعم هذه هى التعليمات، فتوجهوا إلى قصر بسمان، حيث كان يقيم الملك طلال، وهناك فوجئوا بمدرعات تحاصر القصر».
 
مضت أيام قليلة على هذا الاجتماع، ثم عقد مجلس الأمة اجتماعه وعرض عليه قرار مجلس الوزراء، فوافق عليه يوم 11 أغسطس «مثل هذا اليوم» من عام 1952، ورفضه اثنان فقط هما الشيخ سليمان التاجى الفاروقى، والمحامى أبو الشعر وكان مصيرهما الاعتقال، ونادى بالأمير حسين ملكا على الأردن تحت وصاية عمه الأمير نايف، لأن حسين كان عمره وقتئذ 16 عاما «مواليد 14 نوفمبر 1935».
 
ينقل المقدم صبحى طوقان أحد الضباط الثلاثة الذين قاموا بحراسة طلال ثم أصبح سكرتيرا خاصا له فيما بعد، الحالة التى بدا عليها الملك المخلوع حين تم إبلاغه بقرار خلعه، قائلا فى المذكرات: «بعد أن تلقى الملك طلال قرار عزله الذى قام بإبلاغه إليه الجنرال أحمد صدقى الجندى، والعقيد راضى عناب، استدعانى، وطلب إلى عدم السماح لأى شخص بالدخول إليه، أو الاتصال به تليفونيا، كان الملك طلال فى حالة نفسية سيئة للغاية، وكانت علامات الانهيار بادية على وجهه»، ويضيف طوقان: «فوجئت به يسرع إلى إحدى غرف النوم المخصصة، لإحدى رجال حاشيته ويعتكف فيها، وعندما لاحظ استغرابى قال لى: «لن أدخل غرف نوم الملك، لم أعد ملكا، ثم طلب بإنزال العلم من فوق سيارة القصر».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة