تتوالى فضائح دولة قطر - فى دعم وتمويل الإرهاب ومحاولات زعزعة حكم واستقرار أشقائها العرب - الفضيحة تلو الأخرى، فلم تمر سوى ساعات قليلة على فضيحة تسريب مكالمات هاتفية بين رئيس وزراء قطر السابق، حمد بن جاسم، وعلى سلمان، أحد قادة جمعية الوفاق البحرينية المنحلة، لقلب نظام الحكم فى البحرين، حتى أسدل الستار عن محاولة خسيسة أخرى لقلب نظام الحكم فى دولة الإمارات الشقيقة.
ألاعيب قطر الملتوية لا تنتهى وكل يوم يتكشف للعيان أن كل فضيحة ليست الأولى أو الوحيدة فى الملف الإجرامى لإمارة الإرهاب، بل إنها قضية ضمن قائمة طويلة فى "بئر الخيانة" الموصوم به نظام الدوحة تجاه الدول العربية، والذى لم يستثنى منه حتى الدول الأقرب إليه وهى دول الخليج العربى، التى تجمعها حدود متاخمة، لكنها كانت ضمن أكثر الدول تضررًا من شر تلك الدولة.
وفى هذا الصدد، كشف تقرير وثائقى جديد، فى لقاء مع "عيسى خليفة السويدى"، أحد الأعضاء السابقين فى تنظيم الإخوان الإرهابى، وعضو ما يسمى "مجلس شورى " الجماعة، كشاهد عيان على دعم الدوحة للإرهاب، وأوضح التقرير الذى بثته قناة "أبو ظبى"، ونقلته وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، اعترافات "عيسى السويدى"، التى تكشف تحول الدوحة إلى "مركز تدريب " على العبث بأمن واستقرار الإمارات، وذلك ضمن ملف جديد من " ملفات قطر فى دعم الإرهاب ".
وأورد التقرير المتلفز- الذى امتد لنحو نصف ساعة - اعترافات عيسى خليفة السويدى، الذى كشف تبنى الدوحة لـ"منظمات مشبوهة " لها ارتباطات مباشرة وغير مباشرة بأخرى دولية تعمل على تدريب الشباب - ومنهم إماراتيون - على زعزعة استقرار وأمن دولهم وإتاحتها لأعضاء " التنظيم السرى " الهاربين حضور دورات وملتقيات.
عضو التنظيم السرى السابق، تحدث عن علاقة الدوحة بالمنظمات المشبوهة والتحريضية، قائلًا، "من المعلوم أن قطر تحتضن كثيرا من منظمات المجتمع المدنى وأغلبها لها ارتباطات مباشرة وغير مباشرة، ومنها منظمات دولية عالمية غربية"، وأضاف أن "من أكثر أهداف هذه المنظمات تأهيل وتدريب الشباب فى ما يسمى عمليات التغيير فى دولهم، حيث استغل أعضاء من "التنظيم الإخوانى" بما فيه المجموعة الهاربة إلى قطر فى حضور هذه الدورات والتفاعل معها من أجل التدريب على كيفية ما يسمونه بـ"التغيير"، لكنه فى واقع الحال عملية بلبلة وإثارة للشارع فى دول هؤلاء الأفراد.
وقال: "بالطبع، هذا ملتقى ليس صغيرا حضره أناس من الإمارات ومن الخارج وكلهم من الشباب"، مشيرا إلى أن استهداف هذه الفئة تحديدا يؤكد أن هناك أهدافا أهمها ما يسمونه " تغييرات " الذى يعنى ببساطة البلبلة والإثارة وعدم الاستقرار".
وأضاف: "لم يقتصر دخول هذه الدورات على الذكور من الشباب خاصة من شباب الإخوان، حيث شهدنا حضور فتيات ومنهم المدعوة آلاء صديق التى تحدثث عن أمور تتعلق بشأن التغيير داخل الإمارات وتدعو إلى تغيير النظام فيها، ما يؤكد حجم التفاعل مع مثل هذه الدورات".
فيما بث التقرير مداخلة - بالصوت والصورة - لإحدى عضوات " التنظيم السري" وهى هاربة من الإمارات خلال إحدى هذه الدورات وهى تحرض على دولة الإمارات العربية المتحدة ورموزها، داعية إلى دعم ما أسمته تغيير النظام فى الإمارات أو إسقاطه.
وتحت عنوان "قطر بوابة الهروب"، واصل "السويدى"، حديثه: "عدت من قطر إلى الإمارات قبل التوقيف بنحو 3 أشهر، فيما غادر بعض قيادات، وأعضاء التنظيم السرى، مع بدء عمليات التوقيف، ومنهم من هرب إلى قطر، وبعضهم هرب إلى الدوحة ثم إلى دول أخرى".
وعلق على ذلك "لم يكن ذلك أمرا عشوائيا، بل جزءا من خطة للطوارئ موضوعه مسبقا، لأن تنظيما محكما مثل "الإخوان"، لديه بدائل وخيارات فى حالة توقيف قياداته، ومنها تشكيل قيادة جديدة داخلية أو خارجية حسب تقديره للأمر"، مضيفا "هى مسألة منظمة وليست عشوائية"، وبالفعل غادروا إلى قطر، وهناك تلقوا الكثير من الدعم المادى والمعنوى، بما فى ذلك الحصول على المرور الآمن إلى دول أخرى، رغم أن جوازات سفرهم منتهية، ما يؤكد الدعم الذى تلقوه فى هذه المسألة، إذ من الصعب لشخص أن يخرج من أى دولة أو مطار أو منفذ دون أن يكون جوازه سارى المفعول".
وأكد أن البعض من هؤلاء لا يزال فى قطر، فيما نال آخرون فرصة العبور منها إلى دول أخرى ومنها تركيا وبريطانيا وغيرهما.
كما أورد التقرير تفاصيل الدعم القطرى لـ"الإخوان"، حيث قال السويدى، "بعد هروب الإخوان من الإمارات إلى قطر، وفر التنظيم القطرى أشكالا عديدة من الدعم لهم ماديا ومعنويا، وذلك لاستقراراهم فى تلك الفترة بقطر، وفيما كلف المدعو محمود الجيدة، بجلب مبالغ مالية من الإمارات إلى هناك لتقديمها إلى أعضاء التنظيم الهاربين".
وتعرض العضو السابق فى التنظيم الإرهابى – فى اعترافاته - إلى المدعو محمود عبد الرحمن الجيدة - أحد عناصر تنظيم الإخوان القطرى الإرهابى، أحد أذرع قطر لتوفير الدعم المادى والمعنوى لأعضاء التنظيم الهاربين، وهو قطرى الجنسية - مفندا ادعاءاته بتعرضه للتعذيب خلال قضائه فترة عقوبته، وأكد أنه كان يتلقى خدمات ممتازة ويتواصل مع أهله.
وقال السويدى،: "قضى (الجيدة) معنا فترة نحو سنة ونصف أو سنتين، وكان قريبا منى فى السجن، وكان يتلقى نفس الخدمات التى نتلقاها، وما رأينا فى لحظة أنه تم تمييزنا، بالعكس كانت تقدم له كل الخدمات التى تقدم له من نظافة وزيارات واتصالات هاتفية وغيرها"، مضيفا "بل كان يتميز علينا باستقباله السفير القطرى لدى الدولة الذى كان يزوره فى محبسه"، معربا عن اعتقاده بأن هذا يفند كل الادعات التى قيلت بأن هناك معاملات سيئة له أو لغيره.
وفى هذا الصدد، أورد التقرير تصريحات للمدعو الجيدة عبر تلفزيون قطر، زعم خلالها تعرضه لمضايقات وتعذيب.
يشار إلى أن المدعو " الجيدة "، كان أدين فى قضية " التنظيم السرى " وحكم عليه بالسجن 7 سنوات والإبعاد عن الدولة بعد قضاء فترة العقوبة، وصدر قرار بالعفو عنه وإبعاده، غير أنه زعم – عقب وصوله إلى الدوحة - أنه تعرض لمضايقات وحرم من زيارة أقاربه.
وتحدث السويدى - المدان بالسجن 10 سنوات فى قضية التنظيم السرى – عن رحلة انضمامه للتنظيم الإرهابى و"بداية الغرق " فى عام 1989، حيث أدى "البيعة" وتدرج فى رحلة السقوط حتى نال عضوية ما يسمى " مجلس شورى التنظيم"، موضحا أن عمل " الجماعة " مبنى على السرية والكتمان ويتفرع إلى لجان تربوية واجتماعية وإعلامية والنساء والشباب.
وكشف عن الميزانية التى كانت مرصودة للتنظيم الإرهابى والممولة من اشتراكات أعضائه والتبرعات والهبات وأقاربهم ومعارفهم، إضافة إلى تبرعات وهبات يتم جمعها من أفراد الجماعة، وكذلك بعض الاستثمارات على هيئة عقارات أو مشاركة فى شركات وأسهم بعضها مسجل بأسماء أفراد من أعضاء التنظيم، لأن التنظيم غير مرخص، موضحًا أن أكبر واجهة للتنظيم فى دولة الإمارات كان "جمعية الإصلاح "- المنحلة بحكم القانون- وفروعها، حيث لها أكثر من فرع.
وقال السويدى، "هذه كانت الواجهات الرئيسية لتنظيم الإخوان الذى يطلق عليه أيضا "دعوة الإصلاح"، لكنه يحمل فكر "الإخوان الإرهابى" العالمى والمتعارف عليه.
وكشف السويدى - الذى عمل فى قطاع التعليم بقطر منذ العام 2009 – عن أحد ملامح المكر فى استقطاب " التنظيم الإرهابى" لأعضائه، موضحا أنه - وإن كان يعمل على استقطاب أفراد المجتمع بكافة المستويات- إلا أن هناك ما يسمى بـ "الاستقطاب النوعى" الذى يركز على خصوصية بعض الفئات، ومنها أبناء المسئولين والتجار ووجهاء القبائل الذين يلقون عناية خاصة فى استقطابهم وتربيتهم، الأمر الذى وصفه بأنه "استقطاب له ثقل أكثر داخل التنظيم"، مضيفا أن هناك عناية خاصة فى عملية الاستقطاب وعملية التربية.
وتحدث العضو السابق فى الجماعة الإرهابية، عن فلسفة "التنظيم الإرهابى"، فى تركيزه على العمل بقطاع التعليم بهدف التأثير على النشء ومن ثم استقطابهم لـ "الجماعة الإرهابية"، وعلق على ذلك بقوله: "معلوم فى قطر اهتمام الإخوان، بقطاع التعليم، حيث كان هناك عدد لا بأس به من أعضاء التنظيم يعملون به، وهذا واضح من فلسفة "الإخوان" التربوية، التى أنها تهتم بالنشء الذين تعد المدارس والجامعات أكبر حاضنة لهم"، عازيا هذا الاهتمام إلى نشر الفكرة والتأثير على النشء ومن ثم استقطابهم لـ"الجماعة" عندما يصلون إلى السن المطلوب.
وفى إشارة إلى مآرب النظام القطرى من ذلك كله، قال "قبل سنوات، وتقريبا 20 سنة، بدأت علاقات الدوحة بإسرائيل، فيما زار رئيس الوزراء الإسرائيلى - حينذاك – قطر، وزار "مدرسة الجزيرة"، التى كانت مملوكة لرئيس الوزراء، وزير الخارجية القطرى، فى تلك الفترة، ما يبين متانة العلاقة بين الطرفين".
وكشف السويدى، عن أن مسكنه فى قطر تم استغلاله من قبل "التنظيم الإرهابى القطرى"، فى عقد اجتماع تنظيمى مع "التنظيم السرى" بالإمارات، تحت مظلة ما يسمى بـ "التنسيق الخليجى"، مضيفًا "فى فترة وجودى فى قطر، اتصل بى أحد المدانين فى "التنظيم السرى"، طالبا استخدام شقتى الخاصة وأعطيته المفتاح لاستخدامها، لأكتشف بعدها أن سبب الطلب هو عقد لقاء تنظيمى بين الإخوان فى الإمارات، وتنظيم الإخوان فى قطر.
وقال: "صراحة، لا أستغرب عقد مثل هذا اللقاء، لأن العلاقة موجودة بين التنظيمين وقديمة وحتى من خلال مؤسسة أكبر وهى "التنسيق الخليجى، فالتنظيمات هذه كلها موجودة فى هذه المؤسسة والعلاقة بينهم قريبة وهناك الكثير من اللقاءات"، متابعا "تأكد لى - بعد اكتشافى الأمر - أنهم استغلوا وجودى فى قطر لخدمة أغراض تنظيمية مثل اجتماعات وغيرها".
وأوضح "عيسى خليفة السويدى"، أن عمل الجماعة الإرهابية أو تنظيم الإخوان الإرهابى، فى الإمارات - مثله مثل باقى التنظيمات المتعلقة بـ"الإخوان" فى العالم كله - مبنى على السرية والكتمان والانضباط الإدارى والهيكلى والتراتبية فى العمل.
ونوه إلى أنه "كان هناك مكتب تنفيذى ومجلس شورى ولجان واجتماعات كلها سرية، وتتخذ قرارات فيما يتعلق بسير عمل الجماعة ولجانها"، فيما كانت اللجان متعددة، فهناك لجان تربوية واجتماعية وإعلامية وهناك جزء مختص بالنساء والشباب وميزانية تدعم هذا النشاط.
ونوه العضو السابق فى التنظيم الإرهابى، إلى أنه استمر مع الجماعة حتى تم توقيفه وإحالته إلى المحاكمة، موضحا أن الجماعة وقبل عملية التوقيف وتزامنا مع ما يسمى "ثورات الربيع العربى"، تحركت مع الموجة التى حدثت فى بعض دول العالم العربى، فيما أصبح هناك جرأة فى الحديث أو الخطاب خصوصا مع دخول التواصل الاجتماعى كأداة لذلك، حيث أصبح الكل يكتب ويغرد ويعقب دون انضباط.
وفيما يتعلق بالمساس بالرموز، أكد أن كثيرا منهم – أى الإخوان - تكلم كلاما غير مقبول يمس الدولة ورموزها وكان ذلك جزءا كبيرا من هذا المخطط أعدته لجان تشرف على هذا العمل الإلكترونى والعمل الإعلامى، الأمر الذى صاحبه حديث مع منظمات الحقوقية فى العالم بمساعدة أشخاص من خارج الدولة، ما يعنى أن الدخول فى المسألة المحلية البحتة.
وأضاف "السويدى"، أن الدعم المادى والمعنوى الذى تلقاه أعضاء التنظيم السرى الهاربون إلى قطر، كان الدعم الإعلامى، حيث فتحت لهم قناة الجزيرة شاشاتها للظهور.
وقال "هذا يعنى فى رأيى الشخصى التأجيج الكبير جدا، لأن من المعروف عن هذه القناة قيامها بالعمليات التحريضية من خلال استضافة مشبوهين مطلوبين إرهابيين"، مضيفا "هذه كانت أداة كبيرة قدمت لهم وخدمة لهم .. يخرجوا على منبر إعلامى".
وفى هذا الإطار، أورد التقرير الوثائقى تصريحات للمدعو "القرضاوى"، هاجم فيها صراحة قيادة ورموز الإمارات، متعهدا بأن يعاود الهجوم فى حلقات قادمة أو فى خطبة الجمعة.
وقال "صدر على حكم- مثل أغلب أعضاء التنظيم - بالسجن لمدة 10 سنوات، وأمضيت الآن تقريبا 5 سنوات، ووضعى الآن طبيعى عكس ما يثار كثيرا فى وسائل إعلام من أن هناك معاملة سيئة للمسجونين وتعذيب وضرب وإيذاء.
وفى هذا الإطار، أعرب عن استغرابه لكل هذه الأمور وتداولها، جازما بأنها غير حقيقية، منوها إلى أنه يتلقى العلاج داخل سجنه، وسبق وأن تم تحويله إلى مستشفى مختص خارج السجن - مثل باقى المواطنين - وكان المراجعون مواطنين وفى المكان نفسه، مضيفا "كما أن الطعام الموجود فى السجن أفضل مما توقعت من حيث الجودة والتنوع والكمية والنظافة، ولا أدرى من أين يأتى الكلام عن سوء خدمات".
كما أشار إلى لقاءاته الدورية والمتواصلة بأهله عبر زيارات واتصالات هاتفية، جازما بأن الحديث عن تعذيب أو شئ من هذا القبيل هو محض كذب، مضيفا " لى 5 سنوات هنا، ما رأيت شيئا من هذا أبدا".
وفى السياق ذاته، أورد التقرير، اعترافات المدعو حمد على محمد الحمادى، ضابط المخابرات القطرى، التى أكد خلالها أن الإدارة الرقمية فى المخابرات القطرية هى من أنشأت حسابى "بوعسكور" و"قناص الشمال"، وغيرهما من الحسابات التى تسيئ لدولة الإمارات ومهاجمة رموزها وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد.
وعلق عضو التنظيم السرى السابق، فى هذا الصدد، وقال "لم أكن أتخيل أن هناك جهة حكومية فى دولة صديقة تتحدث بهذا الشكل عن الشيخ زايد، حتى سمعت ورأيت اعترافات ضابط الأمن القطرى وما ذكره"، معربا عن أمله فى أن تكف الدوحة عن مثل هذه الأمور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة