صدر حديثًا عن دار المصرية اللبنانية كتاب تحت عنوان "المدخل لدراسة الوساطة فى تسوية المنازعات"، للقاضيين الشابين شريف النجيحى وأحمد حمدان، فى غلاف من تصميم الفنان عمرو الكفراوى.
ويقول الكاتبان لعل أنظمة العدالة فى البلاد العربية لم تتعرض لامتحان بقدر ما تعرضت له خلال السنوات القليلة الماضية، وطوال هذا الامتحان العسير، لم تتوقف الأسئلة عن سبل إصلاح أجهزة التقاضى، والأنظمة القانونية التى صارت تفقد كثيرًا من رصيد الثقة عند المواطنين، لأسباب تفاوتت لدى الباحثين بين كثرة القضايا، وقلة عدد القضاة، ونقص تدريبهم، وتهالك وقدم قاعات المحاكم، وتراجع كفاءة كليات الحقوق، وغيرها الكثير والكثير من الأسباب، وأصبح من المسلم به أنه لا بد من حل سريع لهذه الأزمة التي لا تريد أن تنتهى.
يفتتح المؤلفان تصدير الكتاب بمدخل قدسى: فى البدء كانت الوساطة، ثم إن الأخصام نزلوا عن بعض سلطاتهم، فكان التحكيم، ثم إن الكيان الجديد، المسمى "دولة"، نزع ما بقى من تلك السلطات، فكان القضاء، أو إن شئت فقل: في البدء كان الوسيط، ثم إن الوسيط توسع فى صلاحياته، فصار حكما، ثم إن الحكم تمادى، فأمسى قاضيا".
يرى المؤلفان أن الوساطة كائن حى، ملامحه كملامح الإنسان، له عقل وقلب وجسد، واسم يحدد الهوية! عقل الوساطة، قيمها التى تحكمها، وقلبها أهدافها التى تسعى إلى تحقيقها، وجسدها مراحلها وصورها التي تظهر بها، أما اسمها فهو التعريف الذى تمنحه لها القواميس!
الكاتبان إذا يرون أن الوساطة حل لمشكلة القضاء، انطلاقا من وعيهما بأوجه القصور التي نالت جهاز العدالة الذي قضيا فيه أعواما طويلة، وتأكيدا على إيمانهما بأن ما نجح في رفع كفاءة المحاكم في الولايات المتحدة وأوروبا، من شانه أن ينجح، بصورة أكبر، في المجتمعات العربية، بما لها من تراث طويل من الاعتماد على ثقافة التوسط، وإصلاح ذات البين، والتي، بكل تأكيد، من شأنها ان تكون رافدا قويا، يغذى هذا الوافد الجديد القديم.