"بحر الصين الجنوبى"، قضية الصين الأولى مع المجتمع الدولى، وأصبحت تمثل واحدة من أكثر القضايا الإقليمية والعالمية تعقيدا، وذلك بسبب تضارب المصالح بين أطرافها، وتدخل قوى عظمى كالولايات المتحدة وأستراليا واليابان فى الأزمة لفرض السيطرة والتضييق على الصين.
وذلك هو الأمر الذى ترفضه بكين وترى أنه بمثابة تهديد للأمن والسلم بالمنطقة، فى وقت ينظر فيه مراقبون إلى الأزمة باعتبارها أرض اختبار رئيسية للمنافسة الصينية الأمريكية من الدرجة الأولى، حيث تتصاعد القوة العسكرية للصين، خاصة قوتها البحرية، وتحاول الولايات المتحدة تقليم تلك القوة للحفاظ على تفوقها الإقليمى والعالمى.
وظهرت الأزمة على السطح مرة أخرى بعد استنكار كل من الولايات المتحدة وأستراليا واليابان اليوم بناء بكين للجزر وعسكرتها لبحر الصين الجنوبى، خلافا لرد دول جنوب شرق آسيا الفاتر على القضية وموافقتها على التفاوض بشروط الصين.
وأعلنت الصين أحقيتها بنحو نصف البحر الجنوبى، الذى يشكل ممرا لـــ5 ترليونات دولار من التجارة البحرية العالمية السنوية حيث يعتقد أيضا أنه غنى باحتياطى النفط والغاز.
وتصطدم مطالباتها بمطالبة كل من فيتنام والفيليبين وماليزيا وبروناى بحصص فى المنطقة وهى جميعها أعضاء فى رابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة بأسم "آسيان".
وأحرزت بكين نقطة لصالحها عندما أصدر وزراء "آسيان" بيانا مخففا عن النزاع يتضمن موافقة على شروط الصين للتفاوض خلال منتدى أمنى عقدته الرابطة فى مانيلا أمس.
وتصر الصين على أن مدونة قواعد سلوك تأخرت مرارا بينها وبين أعضاء "آسيان" بخصوص البحر المتنازع عليه يجب ألا تكون ملزمة قانونيا، وهو مطلب يبدو أن دول جنوب شرق آسيا وافقت عليه، ولكن فى بيان مشترك عقب لقاء أجراه وزراء خارجيتهم على هامش المنتدى، أصدرت الولايات المتحدة واليابان واستراليا توبيخا أكثر صرامة لبكين.
وانتقدت الدول الثلاث استمرار الصين فى عمليات "ردم وبناء مواقع لها، وعسكرة البحر المتنازع عليه"، مصرة على أن أى مدونة قواعد سلوك يجب أن تكون "ملزمة قانونيا وذات معنى وفعالية وهو مطلب غاب عن بيان "آسيان".
ودعت الدول الثلاث الصين والفيليبين إلى احترام قرار محكمة التحكيم الدائمة فى لاهاى الصادر العام الماضى والذى اعتبر أن معظم ادعاءات بكين فى البحر غير مشروعة، وكانت الفيلبين من أشد الدول معارضة للصين حيث رفعت القضية أمام المحكمة التابعة للأمم المتحدة.
ولكن بعد انتخاب الرئيس الفيليبينى رودريغو دوتيرتى، تغاضت مانيلا عن الحكم حيث فضلت تحسين علاقاتها مع بكين، فى خطوة أكسبتها عروضا لاستثمارات بمليارات الدولارات إلى جانب مساعدات من الصين.
واتهمت الصين بأنها دأبت على تقسيم "آسيان" التى تعمل على أساس التوافق، من خلال استخدام الترهيب و"دبلوماسية دفتر الشيكات"، وهو ما دفع الدول الأصغر فى التكتل مثل كامبوديا ولاوس إلى دعمها.
وأما فيتنام، التى حثت الرابطة على تبنى لهجة أكثر صرامة ضد الصين خلال منتدى مانيلا، فبقيت وحيدة فى موقفها منذ التقارب بين حكومة دوتيرتى والصين.
وتعارض الولايات المتحدة واستراليا واليابان بناء بكين لجزر اصطناعية ضخمة يمكن أن تستخدم كقواعد عسكرية، خوفا من أنها قد تؤسس لسيطرتها الفعلية على المنطقة البحرية، وتصر الصين على أن الدول الثلاث يجب أن تبقى خارج النزاعات الثنائية مع جيرانها.
وفى السياق نفسه حذر وزير الخارجية الصينية وانج يى، من أن أى تدخل من قبل "جهات خارجية" قد يقوض المفاوضات المتعلقة بمدونة قواعد السلوك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة