تشهد ألمانيا فى 24 من سبتمبر الجارى انتخابات برلمانية هامة تحسم مصير المستشارة الحالية أنجيلا ميركل، عما إذا كانت سوف تحصل على فترة رابعة لمدة أربع سنوات أخرى، لتواصل حكم ألمانيا الاتحادية منذ عام 2005، غير أن استمرار ميركل، أو من يطلق عليها المرأة الحديدية، فى الحكم لسنوات طويلة ربما يثير التساؤلات بشأن مدى اتساق ذلك مع مبادئ الديمقراطية سواء داخل ألمانيا أو خارجها.
شارك "اليوم السابع" فى جولة صحفية ببرلين، الأسبوع الماضى، للتعرف عن قرب عن الديمقراطية الألمانية والنظام الانتخابى الذى يحكم البرلمان الألمانى "البوندستاج"، ويمكن سرد تلك القواعد والمبادئ فى نقاط توضح هذا النظام وخريطة الأحزاب السياسية داخل البرلمان والمرشحين الحاليين لمنصب المستشار الألمانى.
ما عدد مقاعد البرلمان الألمانى "البوندستاج" ؟
على غرار الانتخابات الأمريكية فإن انتخاب الحكومة الألمانية أمر أكثر تعقيدًا من غيره فى العديد من الديمقراطيات البرلمانية، حيث يقوم الناخبين فى 299 منطقة فى أنحاء ألمانيا بالتصويت المزدوج يوم الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس النواب فى البرلمان "البوندستاج"، ويكون التصويت الأول لانتخاب الممثل المحلى والثانى للحزب.
يبلغ العدد الحالى لمقاعد البرلمان الألمانى 630 مقعدا، غير أن العدد قابل للزيادة والنقصان ويعود هذا إلى النظام الانتخابى المعقد الذى يعتمد على إدلاء الناخب بصوتين، وأوضحت أولريكة روكمان، مديرة الانتخابات الإقليمية فى برلين، أن الصوت الأول يقرر الناخب من خلاله السياسيين المرشحين عن دائرته الانتخابية ممن يمثلوه فى البوندستاج، وهذه المقاعد المباشرة تعادل نصف عدد أعضاء البوندستاج.
النصف الآخر يتم انتخابه من خلال لوائح الأحزاب فى الولايات، حيث تقوم هذه الأحزاب بتسمية مرشحيها عن كل من الولايات الاتحادية، والصوت الثانى للناخب يكون من حصة أحد الأحزاب، ويتمتع الصوت الثانى بثقل أكبر، حيث يحدد توزيع القوى بين الأحزاب فى البرلمان، إذا أنه يحدد عدد مقاعد كل من هذه الأحزاب وفقًا للنسبة التى حصلوا عليها فى البرلمان.
وعندما تكون حصة أحد الأحزاب على سبيل المثال من خلال الصوت الثانى 100 مقعد، إلا أن 110 من مرشحيه فازوا بالعضوية المباشرة من خلال الصوت الأول، فإنه من حق هؤلاء المرشحين العشرة الإضافيين دخول البرلمان، ولتحقيق التوازن يتم منح تفويضات إضافية تحصل عليها الأحزاب الأخرى.
استمارة التصويت على انتخابات البوندستاج 2013
استمارة تصويت للمكفوفين
ما هى الأحزاب السياسية الرئيسية فى ألمانيا؟
يشارك فى انتخابات البوندستاج هذا العام عدد من الأحزاب لم يسبق له مثيل منذ عودة الوحدة الألمانية، فمن بين 42 حزبا مشاركا، هناك 16 حزبا تشارك للمرة الأولى.
يأتى الاتحاد المسيحى الديمقراطى CDU، والذى يشكل مع الاتحاد المسيحى الاجتماعى CSU كتلة موحدة لا تتنافس فى الإنتخابات، على رأس الأحزاب السياسية فى ألمانيا، وتنتمى له المستشارة الحالية، ويترأس استطلاعات الرأى بنسبة 37%.
يليه فى الاستطلاعات الحزب الاشتراكى الديمقراطى SPD، الذى يرشح مارتن شولتز لمنصب المستشار أمام ميركل، ويحظى بنسبة تتراوح بين 22 و24%.
حزب الخضر والذى رغم شعبيته فى المدن الكبيرة، إلا أنه نصيبه فى استطلاعات الرأى لا يتجاوز 8%، حيث يسبقه حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المناهض للمهاجرين، الذى يحظى بنتيجة تترواح بين 9-10%، وربما يدخل البرلمان هذا العام كأول حزب يمينى منذ عام 1950، والنسبة ذاتها التى يحظى بها حزب اليسار، وهناك أيضًا الحزب الديمقراطى الحر FDP، الذى يحظى بنتيجة تتراوح بين 8-9%، وهو غير ممثل فى البرلمان الحالى لأنه لم يتجاوز بنسبة الـ5% فى الانتخابات الماضية عام 2013.
كيف يمكن لميركل الاستمرار فى الحكم ؟
يسمح النظام الانتخابى فى ألمانيا بإعادة انتخاب نفس الشخص لمرات مفتوحة، ولا يتم انتخاب رئيس الحكومة من قبل الشعب مباشرة، وإنما من خلال أعضاء البوندستاج، رئيس الجمهورية الألمانية الاتحادية يقترح اسم المستشار أو المستشارة، وهو عادة مرشح الحزب الذى يحظى بالغالبية فى البوندستاج، بينما من المتوقع أن يحصل الاتحاد المسيحى الديمقراطى CDU، الذى تنتمى له المستشارة الحالية أنجيلا ميركل، على الأغلبية وهو ما تشير له إستطلاعات الرأى، ومن ثم فإنه سوف يشكل الحكومة الجديدة بالائتلاف مع أحد الأحزاب الأخرى برئاسة ميركل.
بحسب فاجنة فولكر، مدير العلاقات العامة للبرلمان الألمانى، فإن ميركل تعتبر أيضًا عضوة برلمانية، وهو ما يكون له إيجابيات وسلبيات فالشئ الإيجابى أن هناك قرب بين البرلمانيين والحكومة، ودائمًا ما تكون المعلومات متاحة بشكل مباشر، لكن فى الوقت نفسه يتم معاملة ميركل، التى عادة ما تجلس فى مقاعد الكتلة البرلمانية للحزب المسيحى كعضوة برلمانية عادية، باحترام كبير كرئيس الحكومة، وفى هذه الحالة تعتبر من السلبيات إذ أن رأيها يكون له تأثير أكثر رغم أن البعض يرى أنه أمرا إيجابيا لأن الحوار يكون أقرب وأعمق.
من هو مارتن شولتز منافس ميركل ؟
هو مرشح الحزب الديمقراطى الاجتماعى SPD، البالغ من العمر 62 عاما، وقد انتخب فى مارس من العام الحالى رئيسًا للحزب بإجماع 100% من الأصوات، يتمتع بخبرة واسعة على الصعيد الأوروبى، حيث تولى رئاسة البرلمان الأوروبى بين عامى 2012 و2017، كما مارس قبلا لعبة كرة القدم كلاعب خط دفاع غير أن إصابة حرمته من استكمال مسيرته الرياضية، تسبقه المستشارة الحالية فى استطلاعات الرأى بفارق واسع إلا أن حزبه من المتوقع أن يشكل الحكومة مع الحزب المسيحى الديمقراطى.
لافتة دعائية لمارتن شولتز منافس ميركل
ما نسبة تمثيل المرأة فى البوندستاج ؟
بحسب مدير العلاقات العامة فى البرلمان، والذى التقينا به خلال الزيارة، فإنه يختلف تمثيل المرأة من حزب لآخر، فالأحزاب اليسارية إيجابية بشكل كبير تجاه المرأة، فحزبى الخضر واليسار دائمًا يحرصون على التساوى بين الرجل والمرأة فى قوائمهم الإنتخابية وفى تشكيل الحزب، وهذه هى مشكلة المحافظين مثل حزب ميركل، حيث الفرق فى عدد أعضاء النساء والرجال كبير.
يتمتع حزب الخضر بالنسبة الأعلى من المشاركة النسائية بين الأحزاب المتمثلة حاليا فى البوندستاج، حيث تصل نسبة النساء المرشحات عنه إلى 46.9 %، يليه حزبSPD 40.7%، ثم CDU 36.1%، ثم اليسار 35.8 %، ثم CSU بنسبة 22.2%.
ومن بين 61.5 مليون مواطن ألمانى يحق لهم التصويت، فإن 31.5 مليون منهم من النساء، و30 مليون من الرجال.
ما هى الائتلافات الحكومية المتوقعة هذا العام؟
نظرا لقوة الأحزاب السياسية فى ألمانيا، فإنه لا توجد قوى يمكنها تحقيق نسبة الـ50% لتشكيل الحكومة بمفردها، ومن ثم هناك سيناريوهات متعددة للائتلافات الحاكمة المختلفة، مثل احتمال ائتلاف يجمع الاتحاد المسيحى الديمقراطى CDU والحزب الاشتراكى الديمقراطى، أو الـCDU والحزب الليبرالى أو الـCDU والخضر، وفى حالة تشكيل الحزب الاشتراكى الديمقراطى الحكومة، فإنه قد يشكل ائتلاف مع أحزاب أخرى مثل حزب اليسار وهو ما يطلق عليه الائتلاف الأحمر الأحمر أو حزب الخضر.
ويعد حزب البديل اليمينى المتطرف هو الحزب الوحيد الذى لا توجد توقعات بشأن تحالف أى من الأحزاب معه لتشكيل الحكومة.
كيف يتم اختيار رئيس البرلمان الألمانى؟
يتم اختيار رئيس البوندستاج باقتراح من أكبر كتلة برلمانية، ثم يتم الاختيار عبر تصويت داخلى، وهو تقليد متبع لا يوجد قانون بشأنه، ويجب أن يكون الشخص المقترح عضو منتخب، وقد تم انتخاب لامرت، رئيس البرلمان الحالى، بشكل سرى بنسبة 95% من الأصوات، ويكون عمل رئيس البرلمان مستقل لا يتبع أى حزب ويعمل بنزاهة لصالح الجميع، ولرئيس البرلمان نائب عن كل كتلة برلمانية.
لمن الكراسى الثلاثة التى تتواجد على المنصة الرئيسية ؟
هناك 3 طرق لإصدار قانون أو تشريع داخل البوندستاج، الأول أن يقترح البرلمان مشروع القانون أو أن يأتى الإقتراح من الحكومة أو بشكل لا مركزى من قبل الولايات الألمانية الـ16، ويوجد لكل ولاية برلمان وحكومة مصغرة، والولايات الـ16 كلها ممثلة فى مجلس الولايات البوندزرات، ومن ثم يكون لرئيس مجلس الولايات المقعد الأيمن من الثلاثة داخل البوندستاج، وعلى الجهة اليسرى تجلس المستشارة وهى رئيسة الحكومة الاتحادية، والكرسى الأكبر فى المنتصف هو مقعد رئيس البرلمان.
صورة 6 البرلمان الألمانى ومنصة بـ3 كراسى
كيف يتم محاسبة الأعضاء المتجاوزين؟
عادة لا تقع تجاوزات كبيرة من أعضاء البرلمان الألمانى، نظرا للقوانين الصارمة التى تحكم العلاقة بين النواب، فلم يشهد البوندستاج واقعة عراك سوى مرة واحدة عام 1950، غير أن التجاوزات اللفظية وهى محدودة للغاية، يعقبها اعتذار، ويقوم رئيس البرلمان بإصدار عقوبة تأديبية تجاه المتجاوزين وتبلغ 1000 يورو غرامة، وإذا أعاد النائب نفس التجاوز يدفع 2000 يورو، وفى حالة التكرار يتم حرمانه من المشاركة فى جلسات البرلمان أو الدخول إلى مقر البرلمان لمدة 30 يوما.
هل جلسات البرلمان علانية ؟
من حق أى صحفى أو مواطن أن يحضر جلسات البرلمان الألمانى، فجميعها تكون علانية، وقد تم تصميم مبنى البرلمان من الزجاج كإشارة على الشفافية، لكن يجب أن التفريق بين أمرين فهناك الاجتماع العام وجلساته دائما تكون علنية، لكن اجتماعات اللجان البرلمانية لا تكون علنية، فموضوع مثل الدفاع هو شئ حساس بالنسبة للجنة الشئون الدفاعية، ومن ثم لا يحق لغير الأعضاء بالحضور، والصالة التى يجتمعون فيها محصنة من الاختراقات أو التنصت، لكن نتائج المناقشات يتم إعلانها.
هل يتقاضى النواب الألمان رواتب؟
كل برلمانى يحصل على راتب بشكل متساوى، إلا إذا كان أحد البرلمانيين يشغل منصب وزير، ففى هذه الحالة يتم منحه الراتب الأعلى.