الحياة تشرق من بين ضلوع الموت.. بالصور: الأسايطة يحولون المقابر لمساحة من العمل والتجارة.. فسيخ وسعف وطبول ونصبة شاى فى حضرة الأموات.. مواطنون: الفسحة هنا أحسن كتير من الجناين.. وبائعة: ده الموسم بتاعنا

السبت، 02 سبتمبر 2017 05:36 م
الحياة تشرق من بين ضلوع الموت.. بالصور: الأسايطة يحولون المقابر لمساحة من العمل والتجارة.. فسيخ وسعف وطبول ونصبة شاى فى حضرة الأموات.. مواطنون: الفسحة هنا أحسن كتير من الجناين.. وبائعة: ده الموسم بتاعنا مقابر أسيوط تمتلئ بالزوار
أسيوط - هيثم البدرى - تصوير أحمد سالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المقابر عنوان الموت، ما تكاد تضع قدمك فى أى ركن من أركانها حتى تشم رائحته، فى سكونها وتجاور القبور إلى جانب بعضها بانتظام وهيئة مقبضة، أو بسعف النخيل الذى يضعه أهل المتوفين استجلابا للرحمة كما درجت العادة، أو بالصبار الذى ينمو على جوانب القبور وفى الطرقات، أو بألواح الرخام التى تحفظ أسماء من رحلوا، الذين لم يبق منهم إلا هذه الأسماء المنحوتة بخط غير منمق، فى أى بلد وكل مدينة لن تجد المقابر مختلفة عن هذا الوصف، إلا فى أسيوط، فقد تحولت مساحة الموت الأبرز على أيدى الأسايطة إلى مساحة للحياة.

 

جانب من زيارة المقابر
جانب من زيارة المقابر

تشتهر أسيوط بأنها محافظة تجارية الطابع، يحب أهلها العمل ويتفانون فيه طوال الوقت، حتى شاع عنهم أنهم مفتونون بالمال ومأخوذون بالسعى وراء جمعه ومراكمته، ربما لهذا لم يفوت أهل أسيوط الفرصة لاستغلال المقابر وتوظيفها فى خدمة حبهم للعمل، فبينما يزورون أهلهم الموتى ليقرأوا لهم الفاتحة ويرووا الصبار المزروع فى واجهة قبورهم، أو يضعوا قطعة من جريد وسعف استجلابا للاخضرار والرحمة، يوظفون الزيارة فى الاحتفاء بالحياة والانتصار لها، ورفع رايتها حتى فى معاقل الموت.

 

الأطفال والكبار فى زيارة المقابر

الأطفال والكبار فى زيارة المقابر

الحياة فى معقل الموت.. الأسايطة يعملون حتى فى المقابر

لأول وهلة ستتخيل أنك دخلت سوقا تجارية، من كثرة المارة والأطفال الذين يحملون الهدايا والألعاب، وكثرة الباعة المنتشرين على جانبى الطريق، يعرضون منتجاتهم المتنوعة وسلعهم المختلفة، من ألعاب أطفال، وفسيخ، وجريد نخيل، وطبول، وأطعمة وعصائر، وغيرها من السلع والبضائع، فضلا عن وجود أكثر من "نصبة شاى" لاستقبال المترددين على المقابر ومضايفتهم، لكن سرعان ما ستعود لانتباهك وتكتف أنك فى مقابر منطقة "عرب المدابغ" بمدينة أسيوط، التى تعد المدفن الأول لغالبية سكان المدينة.

أحد الأشخاص يضع صدقته من الأطعمة فوق القبر

أحد الأشخاص يضع صدقته من الأطعمة فوق القبر

على مدخل المقابر ينتشر باعة جريد النخل الأخضر، وهو من أكثر السلع المتوفرة فى مقابر "عرب المدابغ" رواجا، إذ يحمله الزوار لوضعه على قبور ذويهم، استجلابا للاخضرار الذى يرمز للرحمة، لهذا ستجد هذا الجريد على أغلب القبور والجبانات، وستجد على امتداد الطريق باعة جالسين به، تتنوع الأشكال والأطوال فيما بينهم، وتختلف الأسعار وفق هذا التنوع.

 

أحد باعة لعب الأطفال بالمقابر
أحد باعة لعب الأطفال بالمقابر

تقول الحاجة حمدية رفاعى، إن "مواسم الأعياد، سواء الفطر أو الأضحى، أهم المواسم لبائعى الجريد، إذ يأتون بكميات كبيرة من جريد النخل الأخضر بالاتفاق مع بعض التجار، ويُعرض هذا الجريد فى طريق المارة الذين يشترونه ليضعوه على قبور موتاهم، أو على بوابات الجبانات، للتخفيف عن موتاهم"، مشيرة إلى أنها تعرض الجريد كل يوم جمعة أيضا، إذ تزيد الزيارات فى أيام الجمع، ولكن تظل الأعياد الموسم الأكبر والأبرز.

وأوضحت الحاجة "حمدية" فى حديثها لـ"اليوم السابع"، أن أسعار الجريد تختلف من جريدة لأخرى، إذ تبدأ من جنيه ونصف الجنيهين، وتصل إلى جنيهين ونصف الجنيه، و"عادة ما نبيع الاثنين بـ5 جنيه"، ويجد جريد النخل الأخضر إقبالا كبيرا من زوار المقابر، ليتقدم كل السلع المعروضة، ويصبح الأكثر رواجا بلا منازع.

بائع جريد بالمقابر
بائع جريد بالمقابر

فسيخ مقابر أسيوط.. زيارة الميت واجب و"الكيلو بـ55 جنيه"

على جانب آخر، يقول عماد خميس "بائع فسيخ"، إن الأسايطة يفضلون زيارة المقابر فى الأعياد، وكل يوم جمعة، لكن الأعداد تزداد بشكل كبير فى عيدى الفطر والأضحى، و"نحن نعتبر العيدين أكبر موسمين لنا، إلى جانب شم النسيم، فالأهالى يأتون بأعداد كبيرة لمقابر عرب المدابغ التى يُدفن فيها موتى مدينة أسيوط، وبعدما يزورون قبور موتاهم ويقرأون لهم الفاتحة، يزورون الباعة لشرب العصير وشراء الفسيخ وألعاب الأطفال"، مشيرا إلى أن أسعار الفسيخ تترواح بين 55 و75 جنيها للكيلو، على حسب الفسيخ ونوعه وحجمه، وعادة ما يُقبل الأسايطة على شراء الأسماك متوسطة الحجم.

 

شخص يحمل جريد النخل لوضعه على القبر
شخص يحمل جريد النخل لوضعه على القبر

ويضيف مجدى عمر "بائع طبول ومزامير"، إن منطقة المقابر تشهد إقبالا كبيرا فى الأعياد، وهو ما يساهم فى رواج بضاعته، إذ يأتى الأطفال بصحبة أهلهم لزيارة الموتى، وبالطبع يمرون عليه ويشترون منه، مشيرا إلى أن هناك أسرا كاملة تأتى لزيارة المقابر، مصطحبة معها الأكل والشرب، وتفتح مدفن العائلة "الحوش" وتقضى يوما كاملا، وخلال هذا اليوم يتردد الأطفال على الباعة ليشتروا الألعاب والطبول والمزامير والأطعمة والعصائر، ولهذا فإنه يجهز كميات كبيرة من بضاعته قبل العيد بأسبوع كامل، يسافر ليشتريها من الوجه البحرى، ليبيعها على المقابر فى أسيوط .

بائع الآيس كريم بالمقابر
بائع الآيس كريم بالمقابر

أهل أسيوط: نأتى لزيارة موتانا.. ونصطحب الأسرة والأطفال عرفانا بذكراهم

إذا تركنا ساحة الباعة واتجهنا للزوار وأهالى أسيوط، فسنجد أن سبب الزيارة واحد لدى الجميع، قراءة الفاتحة للموتى من العائلة، وصمع حالة من الامتداد والتواصل بين الأجيال الجديدة وتاريخها، حتى لو كان مجرد شاهد قبر وصبارة.

شخص يحمل الجريد ويتجه للمقابر
شخص يحمل الجريد ويتجه للمقابر

يقول محمد صلاح، أحد أهالى أسيوط، إنه يأتى كل عيد لزيارة قبر والدته، ويفضل اصطحاب ابنه معه، ولا يفوّت عيدا، سواء الفطر أو الأضحى، وفى زياراته يتصدق على بعض الفقراء بنية الثواب لوالدته، ونظرا لانتشار الباعة فى محيط المقابر فإنه يتشرى العصائر لتخفيف حدة الشمس، ويشترى "الآيس كريم" لابنه، ولا يخلو الأمر من شراء بعض الألعاب المعروضة فى طرقات المقابر، فالزيارة تمثل حلقة وصل مع اهلنا الراحلين، وفسحة للأبناء.

زوار المقابر
زوار المقابر

فى السياق ذاته، تقول شيماء فرغلى، إنها تأتى للمقابر لزيارة جدها وجدتها والمتوفين من العائلة، وتصطحب أسرتها كاملة، إذ يعتبرون هذه الزيارة بمثابة رحلة للتواصل مع الراحلين، وعرفانا بذكراهم وأثرهم، ورسالة تأكيد لأن الجميع ما زالوا يذكرونهم ويجدون راحة نفسية وهم يجلسون معهم، وكأنهم ما زالوا على قيد الحياة يشاركوننا الأعياد ونشاركهم، كما أن الأطفال يحبون هذه الجولة لأنها بمثابة النزهة بالنسبة لهم، إضافة إلى ما يشترونه من أعلام وألعاب وهدايا، مختتمة حديثها بالقول: "أنا وأسرتى بنعتبر العيد فى المقابر أفضل كتير من زيارة الجناين والمتنزهات، وناس كتير كده".

طفل يغسل وجهه بالماء من الحر

طفل يغسل وجهه بالماء من الحر

بائع الطبول
بائع الطبول

الكبار والصغار فى المقابر
الكبار والصغار فى المقابر

الجريد أهم التفاصيل فى المقابر
الجريد أهم التفاصيل فى المقابر

شخص يصطحب طفله معه
شخص يصطحب طفله معه

 زحام بالمقابر
زحام بالمقابر

شراء جريد النخل
شراء جريد النخل

سيدات فى زيارة المقابر
سيدات فى زيارة المقابر

وسائل المواصلات للزوار
وسائل المواصلات للزوار

زحام فى المقابر
زحام فى المقابر

ألعاب الأطفال فى المقابر
ألعاب الأطفال فى المقابر

بائع الفسيخ
بائع الفسيخ

بائع البوظة
بائع البوظة

مطاعم ونصبة شاى بالمقابر
مطاعم ونصبة شاى بالمقابر

جريد النخل
جريد النخل

توافد المواطنين على المقابر
توافد المواطنين على المقابر

شخص يغلق باب المقابر بعد الزيارة
شخص يغلق باب المقابر بعد الزيارة

سيدة تجلس أمام أحد القبور
سيدة تجلس أمام أحد القبور

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة