جمال عبد الناصر يكتب.. ورحلت "الست بثينة" سيدة المسرح فى الفيوم

السبت، 02 سبتمبر 2017 02:48 م
جمال عبد الناصر يكتب.. ورحلت "الست بثينة" سيدة المسرح فى الفيوم الست بثينة رحلت اليوم ولم يشعر بها أحد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رحلت صباح اليوم "الست بثينة" تلك السيدة التى عشقت المسرح وأفنت عمرها فى تقديم عروض للجمهور فى الفيوم فى منزلها وبإمكانيات بسيطة جدا وبالمجان.. رحلت سيدة المسرح الفيومى ولم تكرمها وزارة الثقافة ولم تمنحها حتى مجرد درع من دروعها التى توزعها أحيانا على من لا يستحق.. رحلت المسرحجية القديرة ولم يشعر بها أحد من عظماء المسرح الذين يجلسون فى المقاعد الفاخرة بالمسارح المكيفة وينظرون وهم لم يشاهدوا المسرح الحقيقى الذى تقدمه تلك السيدة.

 

الست بثينة سيدة المسرح في الفيوم رحلت صباح اليوم
الست بثينة سيدة المسرح في الفيوم رحلت صباح اليوم

 

لم أكن أعرف تلك السيدة لكن الناقد المسرحى أحمد خميس كان سبب معرفتى بها فهو كتب عنها مقالا من قبل وأشار لفنها وما تقدمه بعنوان "رحلة عشق وكفاح" وقد منحنى هذا المقال الذى كتبه عنها لأنهل منه المعلومات، خاصة أنه قدم عن حياتها وفنها فيلما سينمائيا أيضا وأخرجه الممثل والمخرج المسرحى الكبير جمال قاسم عن (بثينة) عاشقة المسرح الجسورة فى الفيوم.

 

وأكد الناقد أحمد خميس فى مقاله ــ الذى سمح لى بالنهل منه ــ بأن تلك السيدة المتعددة المواهب قدمت خلال مشوارها الفنى ما يزيد على 120 مسرحية ما بين التمثيل والإخراج، وأنها تستحق بامتياز أن تنتمى للتاريخ الفرعونى الذى نعتز به كثيرا، ولو أننا قارنا بينها وبين أى المطالبين بالمسرح المستقل حتما سترجح كفتها، فهى تقدم المسرح فى بيتها الفقير بحارة (درب الكاشف – الفيوم) للناس دون مقابل وبدعاية بدائية إذ تعلق ورقة كبيرة على باب البيت تكتب فيها اسم المسرحية والممثلين فيها كل باسمة واسم الدور الذى يقوم به إلى جانب القائمين بالموسيقى والديكور والإضاءة، إلى جانب أنها تعقد البروفات فى بيتها وتسمح لفريق العمل بالإضافات الجمالية التى تدعم العرض بحيث يبدو فى صورة تجذب البسطاء من أهل الحى الذى تقطن فيه.

 

يضيف أحمد خميس الذى انبهر مثلى بتلك السيدة: لم تطلب من وزارة الثقافة أن تدعم عروضها بأى شكل من الأشكال، ولا تعرف حتى معنى المسرح المستقل بمفهومة العلمى ولا حتى مصادر دعمه، هى فقط تعتمد على مجهودها الخاص ورصيدها الفنى عبر سنين طويلة مع أهل البلد، وفى ظنى أن الوزارة أيضا تبادلها جهلا بجهل فلم نقابل فى أى وقت أى اهتمام بتلك السيدة أو بعروضها الخاصة، رغم أنها عملت تحت لواء الثقافة الجماهيرية لفترات طويلة وتذكر بالاسم العروض التى قدمتها والأدوار التى قامت بها والمخرجين الذين أثروا فى تجربتها وأذكر منهم (عبد الرحمن الشافعى، وعباس أحمد).

 

مع المخرج جمال قاسم الذي كتب واخرج فيلما عنها
مع المخرج جمال قاسم الذى كتب وأخرج فيلما عنها

 

ونظرا لكونها تعلم أن العمل فى المسرح لن يكفيها كى تفتح بيتها فتجدها قد مرت بتجارب عمل كثيرة فقد عملت كخياطة وكهربائية سيارات وكانت حسب تعبيرها أول امرأة تخرج رخصة قيادة كى تعمل بها سائقة أجرة، فالمسرح بالنسبة لها وسيلة استمتاع وتقديم وجهة نظر جمالية ومرهون بالقضايا التى تفسر اللحظة الراهنة أو التاريخ المختلف عليه.

 

وقد مرت بتجارب قاسية وكافحت بشتى السبل كى تنعم بحياة كريمة ولا تلجأ لوسائل الاستجداء أو جذب التعاطف مع ظروفها الصعبة، هى فقط تحارب الظروف والأمراض بالوعى الفارق لمعنى الفن المسرحى دون أن تقرأ فى نظريات علم الجمال أو علم النفس أو حتى العلوم الاجتماعية.

 

الناقد المسرحي احمد خميس
الناقد المسرحي أحمد خميس

 

يقول الناقد أحمد خميس أيضا: المسرح بالنسبة لها شفاء من كل داء فهى مريضة بالضغط والسكر لكنها تنسى تلك الأمراض حال تحضيرها لعرض ما أو حتى أثناء الشروع فى البروفات، وتقول فى ذلك عن نفسها (فى المسرح ببقى كويسة، بنسى إنى عيانة بالضغط والسكر وببقى ولا بنت عندها 17 سنة) لم ترزق غير بولد وحيد معاق استطاعت أن تزوجه من إحدى قريباتها وهو الابن الذى عمل معها فى عروضها المسرحية حينما كبر فأصبح مسئولا عن الآلات الإيقاعية بالعرض، كما أصبح مسئولا عن الإضاءة، حيث يقوم بعمل خطة إضاءة مناسبة للعمل المقدم وعنده خشبة لا تزيد مساحتها عن 40 سم متر عليها بعض المفاتيح التى يتحكم بها فى إضاءات العرض وعادة ما يقوم بتلوين مصادر تلك الإضاءة بما يناسب اللحظة الدرامية المقدمة وبأوراق السلوفان التى يعتمد عليها فى تلوين المشهد المسرحى، كما أنه وحسب رؤية المخرجة قد يستعين بلمبات الجاز القديمة كى يعطى جوا شاعريا لبعض المواقف ويدعم بعض الأداءات برتم الدف الذى لا يفارقه.

 

هكذا عاشت الست بثينة التى كانت تعانى من أمراض عديدة ولم تجد اهتماما من القائمين على الثقافة الجماهيرية أو المسئولين بوزارة الثقافة فهل ينصفوها بعد موتها بإطلاق اسمها مثلا على قصر ثقافة أو شارع أو مسرح.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة