بعد وتيرة متصاعدة للاحتجاجات التى تشهدها عدة مدن تونسية بجانب أعمال العنف والشغب التى اندلعت على مدار اليومين الماضيين فى مواجهات بين الأمن ومتظاهرين ضد ارتفاع الأسعار، بدأ الجيش التونسى اليوم الخميس انتشاره فى بعض الولايات مع تمركزات فى المحاور والميادين الرئيسية.
التصعيد الأخير جاء بعد تصريحات قال فيها رئيس الوزراء التونسى يوسف الشاهد، إن الدولة "صامدة"، وستكشف: "كل من حرض وخرب"، مشيرًا خلال تفقده منطقة "البطان" فى ولاية منوب مساء أمس إلى أنه تم فتح تحقيقات رسميًا للوقوف على المتورطين فى أعمال الشغب.
جانب من أعمال العنف والشغب فى تونس
وبحسب بيانات رسمية، اعتقلت الشرطة التونسية 330 متظاهرًا بتهم التورط فى أعمال شغب وتخريب الليلة الماضية فى ثالث أيام الاحتجاجات.
وانتشرت الاحتجاجات العنيفة فى أرجاء البلاد منذ يوم الاثنين، ضد قرارات حكومية بفرض ضرائب جديدة ورفع الأسعار ضمن ميزانية 2018 لخفض العجز فى الميزانية من أجل تدشين إصلاحات اقتصادية تأخرت كثيرا.
وشملت احتجاجات الليلة الماضية عددًا من المدن، منها باجة وسوسة وسليانة والعاصمة والمهدية ونابل والقصرين، وكانت الاحتجاجات عنيفة شهدت عمليات تخريب ونهب وحرق.
الاحتجاجات تتوالى داخل تونس
وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز ولاحقت المحتجين، وانتشر الجيش فى سوسة وقبلى أيضًا، سعيا لحماية المبانى الحكومية التى أصبحت هدفا للمتظاهرين فى عدة مدن.
وقال خليفة الشيبانى المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، إن القوات الأمنية اعتقلت حوالى 330 شخصا متورطين فى أعمال تخريب وسلب الليلة الماضية، ليرتفع عدد المعتقلين منذ بدء الاحتجاجات العنيفة يوم الاثنين إلى حوالى 600 شخص.
وأثارت الاحتجاجات التى دخلت يومها الثالث مخاوف لدى المجتمع الدولى من مستقبل النظام السياسى فى تونس، وهو ما عكسته صحيفة "نيويورك تايمز" التى قالت فى تقرير لها إن الاحتجاجات الواسعة التى تشهدها ذلك البلد منذ إقرار الميزانية الجديدة فى الأول من يناير، أحيت المخاوف بشأن الوضع السياسى الهش فى البلد العربى الذى كان من بين الدول التى زارتها "رياح الربيع العربى".
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الاحتجاجات فى تونس تأتى ضد زيادة الضرائب المفروضة على البنزين وكروت شحن الهواتف والإنترنت وحجرات الفنادق والخضار والفاكهة، والمظاهرات تأتى بالتزامن مع الذكرى السابعة لوفاة بائع الخضر محمد البوعزيزى الذى أشعل النار فى نفسه مفجرًا الثورة التونسية.
ومع الشرارة الأولى للاحتجاجات، قال رئيس الوزراء التونسى يوسف شاهد، أمس الأول الثلاثاء: "إن الشعب يجب أن يفهم أن الوضع غير عادى وأن بلادهم تواجه صعوبات ولكننا نعتقد أن عام 2018 سيكون العام الأخير الصعب بالنسبة للتونسيين"، مؤكدًا اعتقاده بأن زيادة الضرائب، رغم آثارها الصعبة على المواطن، لكن من شأنها أن تساعد على استقرار الاقتصاد.
وأضاف شاهد أن أعمال الشغب "خارجة عن القانون" وحذر من أن السلطات ستعتقل من يحرضون على العنف، متابعا: "أننا فى ديمقراطية، والذين يريدون الاحتجاج يمكنهم القيام بذلك خلال النهار وليس فى الليل".
السبسى ورئيس وزراءه يوسف الشاهد
وفى الوقت الذى وافق فيه صندوق النقد الدولى فى 2016 على تمديد قرض قيمته 2.9 مليار دولار لتونس لمدة أربع سنوات، فإنه حث الحكومة على كبح حجم القوى العاملة فى القطاع العام، التى تمثل نصف إجمالى الإنفاق الحكومى، وفى آخر ميزانية لها، وافقت الحكومة على زيادة الضرائب والحد من نمو الأجور، وقد تم تجميد التوظيف فى القطاع العام إلى حد كبير، فى حين تبلغ نسبة البطالة نحو 12 %.
ولا تعد الاحتجاجات بسبب الوضع الاقتصادى جديدة داخل تونس، ففى نوفمبر الماضى، توفيت أم لخمسة أطفال فى بلدة سجنان، بعد إشعال النار فى نفسها احتجاجًا على محنتها الاقتصادية، غير أن الغضب العام قد تجدد بسبب ارتفاع الأسعار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة