يا أخى أنت «تستعجب» على حال زايد وأكتوبر، كيف ينفق الناس ملايين الملايين داخل «الكومباوندز» الفاخرة، حدائق وحمامات سباحة ومطاعم ونخيل وأشجار، لكنهم يتركون الشوارع والأرصفة والطرق المؤدية إلى هذه التجمعات السكنية الفاخرة مثل الصحراء الجرداء لا زرع فيها ولا ماء.
زايد وأكتوبر أصبحتا مدينتين مستقلتين بحركة عمران هائلة، أضخم المولات التجارية، مراكز ترفيه وقاعات عرض سينمائية عملاقة، لكن كل صاحب فيلا أو كومباوند أو مول أو سينما يبدو لى أنه لا يهتم مطلقا بالشكل العام لهاتين المدينتين، انظر إلى الأرصفة التى تستقبلك منذ نزولك من المحور أو الطريق الدائرى، حالة تصحر كاملة، أكوام من الرمل والحجارة على جانبى الطريق وفى الجزيرة الوسطى، انظر إلى مداخل ومخارج أغنى التجمعات السكنية هناك «ولن أذكر اسما حتى لا يشعر أى منهم بالحرج أو تتبلور فكرتى فى جوانب شخصية» انظر فقط لأى كومباوند سيصدمك القبح الصحراوى المخيف، أراضى غير ممهدة، مطبات مأساوية، طرقاً مكسرة، لا إضاءة ليلية، وكأن الناس لا يعنيها ما الذى يجرى خارج الكومباوند، أو ما هو الشكل الذى ينبغى أن تكون عليه المدن التى يسكنونها كل ما يعنيهم فناء الحديقة الخلفية.
انظر إلى أكبر المولات التجارية هناك أيضاً، أحدهما تم افتتاحه عام 2017، لقد خطط أصحاب المول لكل شىء فى الداخل، لكنهم تركوا الطرق والأرصفة المجاورة صحراء مقفرة بلا رعاية وبلا تخطيط.
قد يرد أى من هؤلاء الآن زاعماً أن الطرق والإضاءة والبنية التحتية وتعمير الأرض بالحدائق والميادين هو دور أجهزة الحكومة وأنهم لا علاقة لهم بذلك، والمسؤولية يتحملها جهاز مدينة زايد أو أكتوبر، والزعم هنا له ما يسنده قانونا طبعاً، لكن لا سند له من الناحية الواقعية والمجتمعية، نحن نتحدث عن مجتمع مدنى قوى يساند الدولة، نتكلم عن مسؤولية اجتماعية وتعاون ومشاركة واجبة، بل وحتمية، فى إعمار الأرض، أنتم عمرتم المولات والكافيهات والمطاعم وما وراء أسوار الـ«كومباوندز»، وتركتم وراءكم صحراء قبيحة فى الطرق والشوارع والممرات والأرصفة، ثم تعلقون الأمر فى رقبة أجهزة المدينة بإمكانياتها المحدودة وقبة ذات اليد.
أنتم إن تركتم الأمر على هذا النحو، وتواكلتم على دور حكومى فيؤسفنى إبلاغكم أن قيمة عقاراتكم نفسها قد تتراجع إذا استمرت هذه الحالة الصحراوية، وما أدعو إليه هنا أن ينشط المجتمع المدنى فى زايد وأكتوبر ليساند جهازى المدينة فى إعمار وتشجير ورعاية المدينتين وألا يقتصر الأمر على أسوار الـ«كومباوندز»، نحن ما زلنا نذكر أن أهم ميادين أكتوبر هو ميدان چهينة الذى تبرعت به شركة خاصة خلدت اسمها فى التاريخ العمرانى لأكتوبر، فما المانع أن يتحرك المجتمع هناك ليتعاون مع الأجهزة المحلية وتكون لدينا ميادين وشوارع واستراحات وإضاءة وحمامات عمومية بأسماء الشركات المالكة لـ«الكومباوندز»، وبأسماء المولات العملاقة هناك، والجامعات الخاصة المرموقة؟! ولماذا لا يتعاون كل «كومباوند» فى رعاية الطريق المؤدى إلى تجمعاتهم الراقية، ويساهم مع القيادات المحلية والنواب وأجهزة الحكومة فى خروج أكتوبر وزايد من الوضع الصحراوى إلى المدن العامرة بطرقها وشوارعها وإضاءاتها وحدائقها العامرة.
لا تسجنوا أنفسكم فى حدائق الـ«كومباوند» بينما الصحراء والإهمال يحاصركم من الخارج، هذه مدينتكم فارعوها، وأنتم بثقافتكم وبما فتح الله عليكم من الرزق تستطيعون تقديم نموذج مصرى فى المشاركة العمرانية والجمالية، تحمون بها زايد وأكتوبر، وتحمون كذلك استثماراتكم العقارية.
مصر من وراء القصد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة