أرجو أن تكون أعياد الميلاد هذا العام هى فصل النهاية فى إعادة عرض الفتاوى الوقحة لقوى التطرف التى تتحدث عن مشروعية تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، الحقيقة نحن نخطئ بإعادة طرح هذه الفتاوى فى الصحف والمواقع ووسائل الإعلام، الخطأ عندنا، قولًا واحدًا، إذ إننا نمنحهم أكسجين الدعاية، ونسمح للقبح بأن يطل علينا علنًا صحفيًّا وتليفزيونيًّا، اتركوهم سجناء فى بوستات الفيس بوك، وفى أوكار الإنترنت الصغيرة التى لا يرتادها إلا خصوم المحبة وأعداء المواطنة والجهلاء بحقيقة الإسلام.
أتطلع، بمناسبة أعياد الميلاد هذا العام، إلى أن تعلن كل وسائل الإعلام، ونحن منهم، ألا نسمح للفتاوى المتطرفة بهذا الشأن بأن تظهر فى الصحف والتليفزيونات الوطنية، نستطيع أن نضيف هذا البند تحديدًا فى ميثاق الشرف الصحفى، ويستطيع المجلس الأعلى للإعلام أن يفرضه على الجميع، وأثق فى أن كل الزملاء سيختارون هذا النهج طوعًا، يجب أن يتوقف هذا الخطأ، الذى لا نبرئ أنفسنا منه، والذى ننجرف إليه بزعم أننا نواجه هذه الفتاوى ونفضحها، لكننا دون أن ندرى نسمح لها أن تعبر إلى قواعد المجتمع، ونفتح الباب لمناقشتها وكأنها فرضية تستحق البحث أو التدقيق التشريعى، آن الأوان أن نغلق الباب عليها إلى الأبد.
إسلامنا هو يسوع المسيح، كما محمد النبى، صلوات الله عليه، إسلامنا هو موسى عليه السلام، هو يعقوب ويوسف وبنو إسرائيل، إسلامنا هو كل أنبياء الله الذين دعوا للوحدانية ونشروا السلام بين الناس «إن هذه أمتكم أمة واحدة»، هكذا يكلمنا الله بالحق، هكذا يقول الله إننا أمة واحدة، إسلامنا هو عيسى وحواريوه الكرام الذين عبدوا الله عن حق، وواجهوا ظلم القيصر، وبذلوا الدم فداء لصحيح الدين، إسلامنا هو ميلاد يسوع تحت الشجرة، ومعجزاته فى المهد، ومعجزاته فى شفاء الأبرص والأكمه، وعطفه حتى على المخطئين، «فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر»، ما الإسلام الصحيح سوى هذه التعاليم، وكيف يصح إسلامنا دون أن نؤمن بمعجزات الروح القدس حين أسكنت فى رحم مريم العذراء كلمة من الله وروح منه! إسلامنا هو هذه الحقيقة أيضًا.
كيف لا نحتفل بك يا سيدى يسوع المسيح، عليك السلام، كيف لا نحتفل بمعجزاتك وآياتك بين الناس، إسلامنا محبتك وفداؤك، إسلامنا هو الروح القدس ومخاض العذراء، إسلامنا هو أنت يا كلمة الله، إسلامنا هو صحابتك الكرام الذين آمنوا بالله وحده الرب الرحيم الذى يهدى الناس بالمحبة ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويرفع عنهم الظلم ويسرى عنهم، إذ هو أقرب إلينا من حبل الوريد، أنت يا من قالت رسالتك فى إنجيل لوقا: «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة» أنت يا من قال فيك الله فى «آل عمران»: «وجيها فى الدنيا وفى الآخرة من المقربين».
كيف لا نحتفل بك يا سيدى، ميلادًا ورفعًا وقيامةً، كيف لا نحتفل بك وأنت علامة مشرقة فى تاريخ هذا الدين، وفى مجد الأمة الواحدة.
سلام الله عليك يا سيدى المسيح عيسى بن مريم.
وكل عام وكل المؤمنين بك فى الإسلام والمسيحية وفى الإنسانية جميعًا بكل خير.
ادفنوا الفتاوى المتطرفة فى أوكارها العفنة، وصلوا مع مصر فى عيد الميلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة