فى لجنة الامتحان وبينما ينتظر كل الطلاب ورقة الأسئلة بقلق وتوتر تجلس "رضوى" محملة بتوتر مضاعف تدعو الله ألا تتضمن جولة المراقبات على الطالبات تحسس رأسهن بحثًا عن سماعة مخفية تحت الحجاب للغش، لا تقلق "رضوى" لأنها متورطة فى الغش وإنما خوفًا من أن تتعرض مرة أخرى لذلك الموقف المحرج والكثير من الأسئلة بسبب سماعة الأذن المكملة للقوقعة المزروعة برأسها لتتمكن من التواصل مع العالم بعد سنوات من الصمم.
ولكنها واجهت أسوأ كوابيسها فى لجنة امتحان مادة "تاريخ مصر الإسلامية" حيث عنفتها المراقبة واتهمتها بالغش ونزعت سماعتها وفشلت محاولاتها لشرح الموقف لأن المراقبة لم تسمع بهذه الجراحة من قبل.
قصة "رضوى" انتشرت خلال ساعات على مواقع التواصل الاجتماعى مع مطالب بضرورة زيادة الوعى بجراحة زراعة القوقعة، بالإضافة إلى توفير بطاقة باللغة العربية للطلاب من زارعى القوقعة تفيد بإجرائهم الجراحة لتجنبيهم المتاعب المشابهة.
حكاية رضوى
تذكر "رضوى سعيد" الطالبة بالفرقة الثالثة بكلية الآداب جامعة المنوفية وقائع هذا اليوم بالتفصيل، كأنه حدث أمس وتحكى لـ"اليوم السابع": استلمنا ورقة الأسئلة وبدأت جولة المراقبات على الطالبات للتأكد من عدم وجود أية سماعات بلوتوث أو سماعات موبايل تستخدم فى الغش. مرت المراقبة للمرة الأولى ولم تشعر بالسماعة فتنفست الصعداء وحمدت الله أننى لم أضطر لمواجهة هذا الموقف المزعج، ولكنها فى الجولة الثانية شعرت بها فمدت يدها من تحت الحجاب ونزعتها وبدأت توبيخى واتهامى بالغش.
بانفعال تضيف "رضوى": شعرت بالارتباك وبالخوف، كنت خائفة جدًا على السماعة نفسها لأنها آخر مرة تعرض شىء بسيط فيها للتلف واحتاجت 20 ألف جنيه لتصليحها، وكنت أفكر لحظتها لو أنها أصرت على مصادرة السماعة منى أو تعاملت معها بعنف وتلفت كيف سيمكننى أن أعيش دونها؟
بعدما نزعت المراقبة السماعة من أذن رضوى انقطعت صلتها بالعالم وتقول "مابقتش سامعة حاجة لكن بفهم كلام الشفايف حاولت أشرح الموقف لكنها مش فاهمة يعنى إيه زراعة قوقعة وسبب احتياجى لها".
رضوى
تضيف "رضوى": واحدة من زميلاتى فى اللجنة تعرف القصة وتعرف أننى أجريت جراحة لزراعة القوقعة وحاولت أن تشرح هذا للمراقبة لكنها رفضت أن تستمع إليها وكانت مصرة على المغادرة بالسماعة حتى كدت أبكى فأعادتها لى بعد بعض الوقت.
استعادت "رضوى" سماعتها إلا إنها لم تستعد أمانها ولا هدوئها وتقول "أعصابى باظت وماكنتش عارفة أمسك حتى القلم".
لم تكن هذه الصدمة هى الأولى بالنسبة لرضوى التى أجرت جراحة لزرع القوقعة فى عام 2011 وتقول "الموقف نفسه تعرضت له فى الثانوية العامة، كنت أرتدى سماعة عادية قبل إجراء جراحة زراعة القوقعة لأتمكن من السمع لكننى وقتها لم أكن أفهم الكلام بعد ووقتها مرت المراقبة ورأتها واتهمتنى بالغش. شعرت بالصدمة وطلبت منها وقتها أن تضع السماعة على أذنها لتتأكد هل تسمع شيئًا أم لا".
سماعة-أذن
أما بعد إجراء الجراحة وزراعة القوقعة فواجهت "رضوى" التساؤلات نفسها كل مرة فى لجنة الامتحان ولكن دون تعنيف أو اتهام بالغش فتقول: المراقبون كانوا يسألونى عنها طوال السنوات الثلاثة الماضية فى لجنة الامتحان وكنت أوضح أنها سماعة القوقعة وأشرح لماذا أحتاجها فكانوا يتفهموا ذلك.
الاتهام بالغش ليست المشكلة الوحيدة التى تواجه "رضوى" وغيرها من زارعى القوقعة نتيجة غياب الوعى بحالتهم وإنما تقول: من المفترض ألا أمر على البوابة الإلكترونية لأن هذا يعرض السماعة للتلف، وكذلك الجهاز الإلكترونى المستخدم للكشف عن الغش فى لجان الامتحانات لا يجب أن يمر قربى لذلك كنت أحمل ورقة من المستشفى تثبت أننى أجريت عملية زراعة القوقعة وكنت أظهرها للمراقبين الذين يفحصونا بهذا الجهاز، لأن تلف السماعة يكبدنا تكاليف باهظة فضلاً عن أننى أفقد تواصلى مع العالم دونها.
الجهاز-السمعى-للإنسان
"محتاجين يكون فى وعى فى كل حاجة ليها علاقة بزراعة القوقعة" الطلب الأساسى الذى تحدث عنه والد رضوى لـ"اليوم السابع" مضيفًا: حين عرفنا ما حدث لرضوى توترنا جدًا مما حدث وفكرت فى الذهاب للكلية للمطالبة بحق ابنتى ورد اعتبارها ولكننى فكرت أن هذا قد يؤذى الموظفة المراقبة بينما السبب الأساسى فى تعرض ابنتى لهذا الموقف هو غياب الوعى بزراعة القوقعة.
يضيف: لدى 3 أبناء أجروا زراعة القوقعة وليست هذه المشكلة الوحيدة التى يواجهونها فهم يعانوا كثيرًا فى الدراسة والحياة بشكل عام ويتعرضون لمضايقات كثيرة من الناس لغياب الوعى بزراعة القوقعة، فضلاً عن التكاليف الباهظة لقطع غيارها لذا نتمنى لو يتم إعفائها من الجمارك لتقليل تكاليفها فأقل سلك فى السماعة يكلفنا 3 آلاف جنيه.
لجنة-امتحان
من جانبه قال الدكتور أسامة مدنى عميد كلية الآداب جامعة المنوفية: لم يخبرنى أحد على الإطلاق بهذه الواقعة، فلا الكنترول أبلغنى بالواقعة ولا مراقب الدور ولم تصلنى شكوى من الطالبة. وأضاف: لو جاءتنى الطالبة كنت اتخذت إجراء بشأن الواقعة ولكن لم يبلغنى أحد بهذه الواقعة "وأكيد مش عندنا فى الكلية".
فيما تعلق أسرة الطالبة: هى بالفعل لم تشتكى للعميد، امتحانها كان فى الواحدة ظهرًا ويومها عادت فى الثالثة ظهرًا منهارة وحبست نفسها فى غرفتها وبعد إلحاح والدتها حكت الواقعة وهى تبكى، وهذا الموقف لم يحدث معها مرة واحدة وإنما يتكرر منذ كانت فى الفرقة الأولى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة