تعيش إيران حالة عصيبة فقبل نحو أقل من أسبوعين من بدء سريان العقوبات الأمريكية التى تستهدف قطاع النفط والغاز دخلت إيران فى أزمات، بعد أن ضرب حكومة الرئيس حسن روحانى طاعون الاستقالات، حيث قدم وزيرى الطرق والصناعة استقالاتهما، بالإضافة إلى حديث تتناقله أوساط صحفية وسياسية عن تقديم نائب الرئيس الأول اسحاق جهانجيرى استقالة لم يوافق عليها روحانى اعتراضا على تقليص صلاحياته فى ولاية الرئيس الثانية واعتماد روحانى على حلقة مقربة ومنحها صلاحيات واسعة فى اتخاذ القرارات الاقتصادية، مثلث يشمل محمود واعظى مدير مكتبه ومحمد نهاونديان مساعده للشئون الاقتصادية ومحمد باقر نوبخت متحدثه، المسئولين الرئيسيين عن تردى الوضاع الاقتصادى، الأمر الذى ينظر إليه باعتباره خلافات وصراع طفت على السطح مؤخرا داخل حكومة روحانى نفسها.
نائب روحانى
وبخلاف الصراعات داخل "باستور" (مقر الرئاسة الإيرانية)، فقد تأخر روحانى الذى مثل أمام البرلمان للمسائلة فى الـ 28 من اغسطس كثيرا فى القيام بتغيرات فى حكومته لإمتصاص غضب الشارع وانتقادات البرلمانيين بسبب التدهور الاقتصادى وانخفاض قيمة العملة الإيرانية التومان أمام الدولار الأمريكى الأسابيع الماضية وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية لـ 50%، كما تعانى طهران من ارتفاع التضخم والبطالة إضافة إلى تفشى الفساد الحكومى.
ورحل 4 وزراء من حكومة روحانى حتى الآن أغلبهم من رجاله المقربين جراء الضغوط الشعبية، اثنان منهما أقصاهم البرلمان فى شهراً واحد، بعد جلسات استجواب فشلا فى أن ينتزعوا ثقة البرلمان مجددا وهم وزير الاقتصاد والمالية مسعود كرباسيان ووزير التعاون والعمل والشئون الاجتماعية علي ربيعي بالترتيب فى الـ 8 و26 أغسطس الماضى، وقدم أثنان أخريين وزيرى الطرق ووزير الصناعة استقالاتهما أمس.
ورغم تقليل روحانى من تأثير العقوبات إلا أن تقارير تؤكد أنه يواجه معضلات أبرزها اخفاقه فى تحسين الوضع الاقتصادى، وستكون الأمر أصعب فى ظل التصعيد الأمريكى الإيرانى، حيث استبقت الولايات المتحدة عقوبات نوفمبر، بعقوبات جديدة على على قوات الباسيج وعلى "شبكة مالية واسعة" تدعمها، غير أن عقوبات الشهر المقبل ستضع طهران التى تعتمد على مبيعات النفط بشكل أساسى فى أزمة حقيقية جراء مساعى الإدارة الأمريكية تصفير صادرات النفط لبلد يمتلك رابع أكبر احتياطيات للنفط في العالم وثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعى.
وفي محاولة لتهدئة التوتر مع البرلمان والشارع الإيرانى، قدم روحانى 4 وزراء جدد ينتظر أن يناقش البرلمان يوم السبت المقبل ويمنحهم الثقة، واختار فرهاد دج بسند وزيرا جديدا للاقتصاد والمالية، ومحمد إسلامي وزيرا للطرق وإعمار المدن ورضا رحماني وزيرا للصناعة والمناجم والتجارة، ورشح روحاني محمد شريعت مدارى، الذي كان يشغل منصب وزير الصناعة، وزيرا للتعاون والعمل والضمان الاجتماعى.
روحانى وواعظى
الاستقالات تصدرت مانشيتات الصحف الإيرانية، الصادروم أمس الاثنين، والتى اعتبرتها هروب لتفادى الاستجواب فى البرلمان، على نحو ما جاء مانشيت صيحفة "أبرار اقتصادى "الاقتصادية ،التى كتبت انسحاب رجال الاقتصاد فى حكومة ورحانى لتفادى الإستجواب، وقالت أن الاستقالات تبعتها انتقادات فى البرلمان، ورأت أن من بين أسباب استقالة وزير الاقتصاد هو معارضته لتدخل الحكومة فى سوق العملة وتحديد سعر العملة، الأمر الذى أدى إلى اختلاف الأراء، مشيرة أن الوزير كان سيتم استجوابه أصلا بسبب ارتفاع اسعار السكن والإيجار.
لكن هناك توقعات بألا يصادق البرلمان على التعيينات الجديدة، وبحسب على بختيار عضور لجنة الطاقة فى البرلمان فهناك مخاوف من عدم منح البرلمان الثقة لوزراء روحانى الجدد لأسباب منها التعامل المزدوج وعدم تشاور روحانى مع البرلمان والتحاوار مع نوابه فى اختبار اعضاء الحكومة، معتبرة أن هذا الأمر الذى يشعر الإيرانيين بأن البرلمان والحكومة فى مواجهة.
استياء شعبى يتخلله الأمل.. وخامنئى يدعوا للمكاشفة
وكشف صحيفة "آرمان" الاصلاحية فى مانشيتها اليوم، عن استياء شعبى من الوضع الاقتصادى المتردى وتحت عنوان "استياء شعبى لكنهم مازالوا متفائلين" اجرت تحقيق ميدانى فى العاصمة طهران، أظهر سخط على أداء الحكومة، وبحسب التقرير قال سائق تاكسي يدعى جهانبخش(40 عاما)"من الصباح وحتى المساء يشتكى الركاب معى من الأوضاع فى البلاد.. من المنظور الاقتصادي فان الدخل والانفاق غير متوائمين أنا حيران".
وبحسب الصحيفة تلتقط مريم 35 عاما أطراف الحديث وترى أنه يجب ادخال اصلاحات فى وضع السياسيات، المسئولين هم داخل الميدان ويرون الوضع أكثر مننا، وإذا كان من المقرر أن تتقدم البلاد بهذه السياسات فلماذا لا يزال الاقتصاد فى حالة غير جيدة بعد مرور 40 عاما.
واشتكي أخر من البطالة وصراع التيارات السياسية وعدم اتحادهم، وقال أنهم بدلا من أن يلبوا احتياجات الناس يتعاركون، مطالبا ألا يجعلوا الشعب ضحية لصراع التيارات، قائلا لدينا بلد غنى لكن المشكلة فى إدارة هذه الموارد، المسئولين يسعون وراء مصالحهم الحزبية أكثر من مساعيهم لخدمة الشعب.وفى التقرير، آخرون آخر من انخفاض الأجور، وارتفاع الأسعار وانخفاض قدرة الشراء بين الإيرانيين.
المرشد الأعلى على خامنئى
من جانبه دعا المرشد الأعلى أمس، الاثنين، المسؤولين في البلاد للتحلي بالمزيد من الشفافية تجاه الإيرانيين وعدم التكتم على الامور ما عدا القضايا العسكرية والامنية التي تقتضي السرية، وتأتى تصريحات المرشد فى اعقاب دعوته ل"للتخطيط لتحول الاقتصاد المعتمد على النفط الى اقتصاد مستقل ومبني على المعرفة والاقتصاد المقاوم".
وفى غضون ذلك يسعى مسئولى طهران لتحدى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وقال وزير النفط عن بيجن زنجنه اليوم الاثنين إن إنتاج بلاده من الخام لا يمكن أن يعوضه منتجو النفط الآخرون في حالة تأثر طهران بالعقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني.ونصح زنغنه ترامب "بالتخلي عن فرض عقوبات على صادرات إيران النفطية"، قائلا إن المنتجين من خارج أوبك غير قادرين على تعويض النقص في السوق.
من جانبهم يسعى الأوروبيين لإنقاذ شركاتهم من العقوبات الأمريكية، وبالأمس زار سناتور فرنسي، طهران، ليوصل رسالة مفادها إن الأوروبيين يبذلون قصارى جهدهم "لكي يبقى مصرف إيراني واحد على الأقل متّصلاً" بالنظام المصرفي العالمي، بعد بدء تطبيق العقوبات
وقال السناتور الفرنسي، فيليب بونكارير الذى يرأس مجموعة الصداقة الإيرانية الفرنسية، "علينا أن نقول بصراحة" إنّ سعي الأوروبيين لتمكين الإيرانيين من الاستفادة من المزايا الاقتصادية للاتفاق النووي رغم العقوبات الأميركية "أمر صعب ولكنّه ممكن"وأضاف أنّ أحد الاقتراحات التي طرحها الأوروبيون "أن يظلّ هناك بنك إيراني واحد على الأقل متّصلاً بالنظام المصرفي العالمي من خلال سويفت (نظام الدفع بين البنوك) لإتاحة استمرار العلاقات التجارية المتعلّقة بالبضائع وبالخدمات التي لا تخضع للعقوبات".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة