"المنديل ده من ريحته" جملة استخدمتها الكثير من الأفلام العربى القديمة وتطورت إلى مشهد يتمثل فى شم رائحة ملابس شريك الحياة عندما يفارق الحياة ولا يتبق منه إلا هذه الرائحة التى تظل تشمها البطلة وهى تبكى وكأنها تستعيد وجوده بها، ولكن ما حقيقة ذلك علميًا، هل بالفعل للحبايب رائحة تشدنا لهم وتكون خاصة جدًا بحيث تتعرف عليها حواسنا بمجرد شمها وتنجذب لها شهوتنا الجنسية أحيانًا؟
الحقيقة أن هذا الأمر له تفسير علمى بالفعل يتمثل فيما يسمى بالـ"فرمون"، وهى مركبات كيميائية تتكون من جزيئات عضوية معقدة، وتم اكتشافها فى بادئ الأمر عند الحيوانات، حيث وظيفتها المحددة فى نقل الإشارة من حيوان لآخر، وهى أكثر تخصصًا من الروائح بحيث يستطيع الكائن المستهدف استكشافها بكميات ضئيلة جدًا وهى محمولة بالهواء، وبناء عليها تم إنتاج الكثير من المبيدات الحشرية التى تعمل على جذب الآفات من خلال نشر الفرمونات ثم مكافحتها، وذلك بعد اكتشاف عملها فى الحيوانات والحشرات على زيادة الإنذارات، وجذب الرفاق، وإغراء الفريسة، وتحديد الطعام، والتأثير على سلوك أعضاء آخرين من جنسهم.
ومع ذلك، لم يثبت العلماء بشكل قاطع أن الفيرومونات تؤثر أيضًا على البشر على الرغم من حقيقة وجودها لديهم أيضًا، ووفقا لما ذكره موقع "thought co" العلمى، نقدم لك تفاصيل مهمة عن الفرمونات ومدى حقيقة عملها فى جسم الإنسان.
رائحة الحبايب
فى البداية ما هو الفرمون وكيف كانت بداية اكتشافه؟
بدأ مصطلح "فرمون" في عام 1959، على يد العالمين بيتر كارلسون ومارتن لوشير، وذلك استنادًا إلى الكلمات اليونانية phero "أحمل" وhormone "محفز" أو "دافع".
ففي حين أن الهرمونات هي رسائل كيميائية تعمل داخل الجسم، تعمل الفرمونات على الجانب الآخر للحصول على استجابة في أعضاء الآخرين من نفس الجنس، فعلى سبيل المثال، نجد أنه فى الحشرات والحيوانات، قد تنطلق الجزيئات الخاصة بالفيرمون في العرق، أو الإفرازات التناسلية، أو الزيوت الجسدية، ويكون بعض هذه المركبات لها روائح مميزة، في حين أن البعض الآخر هو شكل من أشكال الاتصال الصامت الرائحة، وتتضمن الاستجابة لهذه الإشارات الكيميائية مجموعة واسعة من السلوكيات، مثلما تطلق عثة الحرير النسائية جزيء يجذب الذكور، وتطلق الفئران الذكور جزيء في البول يسرع من التطور الجنسي في الفئران الإناث.
ولكن ماذا عن الفرمونات البشرية؟
فيما يخص الفرمونات البشرية ومدى تأثيرها بين البشر، تكمن إحدى المشكلات في تحديد جزيئات معينة وتأثيرها على السلوك ودراستها بنفس الطريقة التى تمت دراستها على الحشرات وذلك بسبب الطبيعة المعقدة للاستجابات البشرية.
وهناك مسألة أخرى هى أن الآلية الجزيئية الحيوية المستخدمة فى الفرمون تختلف، وهكذا، فإن وجود فرمون محدد في الفأر أو الخنزير قد يكون موجودًا أيضًا لدى البشر، ومع ذلك قد نفتقر إلى المستقبلات الكيميائية اللازمة للرد عليها، فليس بالضرورة أن يحقق الفيرمون استجابة حتى مع وجوده.
ويعد العثور على الفيرومونات لدى البشر مشكلة ثلاثية الأجزاء، فيجب على الباحثين عزل الجزيئات المشتبه فيها، وتحديد التفاعل الذي يرجع فقط إلى تلك الجزيئات، ومعرفة كيفية اكتشاف الجسم لوجود الفرمون.
فيرمونات الجسم
وهل الفرمونات تلعب دورًا على السلوك البشرى؟
تلعب الفرمونات دورًا في السلوك الاجتماعي للجنس البشري، ولكن يصعب دراستها لأن المواد تحتاج إلى بعض العوامل التى نخفض من التأثيرات الناتجة عن الروائح الأخرى، وقد تمت دراسة ثلاث فئات من الفيرومونات البشرية المحتملة أكثر من غيرها وهى:
- المنشطات الإبطية: يتم إطلاق الستيرويدات الإبطية عند البلوغ من الغدد المفرزة "العرق" والغدد الكظرية والخصى والمبيضين، ويتم إفراز الجزيئات التى تعد بمثابة فرمونات بشرية منها والتى تبين أنها تؤثر على المزاج وزيادة الوعي، بدلاً من العمل كعوامل جذب للطرف الآخر.
- الأحماض المهبلية: التى تشمل جزيئات الفرمونات تفرز إشارة الإباضة والاستعداد للتزاوج فى الحيوانات وتم اكتشاف إن الإناث البشرية تنتج أيضًا هذه المركبات استجابة للإباضة، ومع ذلك، فإنه من غير المعروف ما إذا كانت الجزيئات تخدم غرضًا مختلفًا تمامًا مثل التزاوج والانجذاب.
في البشر كما في الأنواع الأخرى، قد تؤثر الفرومونات على السلوكيات غير الجنسية، فعلى سبيل المثال، الإفرازات من الغدد الموجودة فى حلمات المرأة تستثير استجابة الرضاعة عند الرضع، حتى تلك التي تنتمي إلى أم أخرى.
وخلاصة القول هي أن البشر على الأرجح ينتجون الفرمونات ويتفاعلون معها بطرق مختلفة، ولكن لا يوجد ببساطة وثائق محددة تحدد دور هذه الجزيئات أو الآلية التي تعمل بها.
عطر الفيرمون
ماذا عن فرمون العطور؟
توجد حاليًا بعض العطور التى تدعى وجود فرمونات جاذبة بداخلها للجنس الآخر ولديها مثير للشهوة الجنسية، وذلك من خلال استخلاص بعض الفرمونات البشرية ومزجها معا، ولكن لا توجد دراسات تثبت أن أي منتج فرمون يؤثر على السلوك البشري.
ولعل النقاط الرئيسية التى توصلت لها الدراسات فى هذا الشأن، هى أن الفرمونات بمثابة جزيئات تفرزها كائنات حية تؤثر على سلوك أعضاء آخرين من جنسهم، والسلوكيات التي أثارتها الفيرومونات تشمل جذب الشريك، وإرسال بعض الإشارات، ولكن حتى الآن، تشير الأبحاث العلمية إلى وجود فرمونات بشرية ولكن لم تحدد تأثيراتها بشكل قاطع.
الفرمونات
ما هى النتائج الملموسة فى الاستجابات البشرية؟
وفقا لما ذكره موقع "scientificamerican"، حقق العلماء بعض النجاح في إظهار أن التعرض لرائحة الجسد يمكن أن يثير الاستجابات لدى البشر الآخرين، كما هو الحال في أبحاث القوارض، ويمكن أن يؤثر العرق والإفرازات البشرية على الاستعداد الإنجابي للبشر الآخرين.
وفي عام 2011 أثبتت مجموعة باحثين من جامعة ولاية فلوريدا، أن رائحة النساء خلال التبويض يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال، ولكن لا يوجد دليل على وجود استجابة سلوكية متسقة وقوية لأي جديلة كيميائية ينتجها البشر.
ويقول الكيميائي جورج بريتي "ربما في يوم من الأيام نستطيع أن نتفاعل بشكل أكثر عمقًا مع هذه الفيرمونات"، وقد قادت هذه النتائج الباحثين لاقتراح نوع آخر من الرسائل الكيميائية، والذي يعرف باسم فرمون "المغير" الذي يؤثر على الحالة المزاجية أو الحالة العقلية للمتلقي.
في مثال من هذا النوع، وجد الباحثون في جامعة ستوني بروك في عام 2009 أن استنشاق العرق لأول مرة في القفز بالمظلات يمكن أن يزيد من قدرة الشخص على التمييز بين التعبيرات الانفعالية الغامضة، ومع ذلك، لكي يثبت الباحثون بشكل نهائي أن الفرمونات تعمل، عليهم أن يشيروا إلى الجزيئات المسؤولة، التي لم يفعلوها بعد، فحتى الآن، جمع العلماء أدلة على تأثيرات الفرمون المحتملة ولكنهم لم يحددوا بشكل نهائي فرمونًا بشريًا واحدًا وتأثيره بشكل مباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة