"لا أخشى على اللغة العربية الفصحى إلا من أزجال بيرم التونسى"، هكذا قال عميد الأدب العربى طه حسين، على الأشعار الذى يقدمها شاعر العامية الراحل بيرم التونسى.
وعرف عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، الذى تمر اليوم ذكرى رحيله الـ45، إذ رحل فى 28 أكتوبر من عام 1973، بأنه أحد أكثر مفكرى القرن العشرين، التزامًا للأدب، والكتابة باللغة العربية الفصحى السليمة، وقد مثلت أفكاره منهجًا معينًا فى التفكير، وكان أكثر المعارضين للدعوات الدعاية لإلغاء علامات الإعراب، والكتابة بالعامية، وما يترك سؤالاً دائمًا هل كان عميد الأدب العربى، "يكره العامية، وهل يعد صاحب "دعاء الكروان" عدوًا لها؟.
بحسب كتاب "ما موقع اللغة العربية من الإعراب؟" للمؤلف الدكتور كمال الاخناوى، والذى نقل حوارًا دار بين الأديب الكبير يوسف السباعى، وبين الدكتور طه حسين، حيث كان يلوم الأخير الأول لأنه يكتب أحيانًا بالعامية، حتى أن الأمر بحسب وصف "السباعى" وصل إلى حد التبادل التهم السياسية بين مستخدمى اللغتين.
وحول رأى عميد الأدب كما سأله صاحب "رد قلبى" فى هذه المناقشات، قال عميد الأدب العربى: لا تخف يا سيدى فلا يستطيع أحد أن يتهمك بالشيوعية، لا أنت ولا إخواننا الذين يكتبون بالعامية الصرف وأحيانًا بمزيج من العامية والفصحى الخالصة، وإنما تكتب بمزاج من اللغتين فى أكثر الكتب، وما زالت إلى الآن من أنصار الفصحى ومن خصوم العامية، وليس معنى هذا الخصومة، أنى لا أحب أن تدخل جملة أو بعض جمل قليلة فى كتاب من الكتب باللغة العامية، وإنما الذى أكرهه هو أن تكون الكتابة كلها باللغة العامية، وأن تنبذ اللغة الفصحى نبذا تاما.
ويوضح كتاب "سارق النار: طه حسين، 1889-1973" للدكتور محمود السمرة، أنه عندما اشتدت الدعوة إلى العامية فى منتصف الخمسينيات، ورافقتها الدعوة إلى "الأدب الملتزم" تصدى طه حسين لهذه الدعوة، ورد على من ادعوا بأن اللغة الفصحى لغة ميتة، بأنها لغة كانت دومًا فى حالة تطور ونماء.
كما رد على من دعوا إلى إلغاء علامات الإعراب، قائلاً: إن هذه الدعوة ضارة بجهودنا الهادفة إلى وحدة العرب، وضارة من ناحية دينية، إذ أن الأخذ بهذه الدعوة سيجعل القرآن يقرأ دون أن يفهم، وأن خير علاج هو تبسيط الفصحى، فهذا هو الطريق الوسط الذى يحل المشكلة القائمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة