مازالت لبنان تتقلب على صفيح ساخن ، فها هى فى انتظار تشكيل الحكومة الجديدة فى غضون بضعة أيام ، حسبما أكد رئيس حكومتها المكلف سعد الحريرى، فمنذ الانتخابات التشريعية التي جرت فى مايو الماضى، تتنافس الأحزاب الرئيسة على الحقائب الوزارية فى لبنان، بينما يبدى المسؤولون والمانحون الدوليون القلق من أن التأخير سيزيد من حدة المشاكل الاقتصادية بها، حيث يواجه لبنان ارتفاعا كبيرا فى معدلات الدين العام، فى الوقت الذى تتنافس فيه القوى السياسية على تشكيل الحكومة، بينما تستمر الحكومة الحالية في تصريف الأعمال.
الحريرى
ففى الوقت الذى وجه فيه التيار الوطني الحر اتهامات لرئيس حزب القوات سمير جعجع بتعطيل تأليف الحكومة، خوفا على طموحاته في المعارك التي سيخوضها مع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل مستقبلاً، وجه سعد الحريرى رسالة للأحزاب محذرا أى شخص يسعى إلى تعطيل المسار الإصلاحى فى لبنان، منوها بأن الوضع الداخلى لن يتحمل أى خلافات تنشب بين الأحزاب السياسية ، فى الوقت نفسه بشر الحريرى أن الحكومة اللبنانية المنتظرة والتى وضع لها حدا أقصى 10 أيام لتكوينها سنشكل حكومة ترضى اللبنانيين مؤكدا أن البلد اقتصاديا لم يعد يحتمل التأخير فى تشكيل الحكومة.
كما أشار سعد الحريري إلى ما أثير مؤخرا زيارته إلى سوريا، مؤكدا أنها ليست ضمن خططه، وأكد أنه لن يزور سويا ، وأنه ليس هو الطرف الوحيد فى المشكلة بل إن سوريا تعد مشكلة إقليمية ودولية، وعلينا الانتظار للحكم على الأمور، معلياً مصلحة لبنان فوق أى مصلحة أخرى، حيث قال " أنا أعمل لكل لبنان على عكس بعض الأحزاب، وتيار المستقبل مبني على أسس عابرة للطوائف وسيظل على هذه الأسس، فأنا أعتمد سياسة النأي بالنفس وأنا أؤمن بها".
ومن جهة أخرى أكد أنه ليس من الحكمة التهجم على دول الخليج لتي يعمل فيها حوالي 400 ألف لبناني.
وضع اقتصادى دقيق
وبالنسبة للوضع الاقتصادى بلبنان أكد أنه بلا شك دقيق للغاية ، قائلا "أنا أدق ناقوس الخطر لأن الوضع الاقتصادى صعب". وعلي اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم ، ويجب أن نشخص المرض، لنعرف الحل في الموضوع الاقتصادي".
سمير جعجع
ومن جانبه أكد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى لبنان الدكتور حمد الشامسى أن رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى يمثل لبنان والشرعية ومؤسسات الدولة أفضل تمثيل لدولة مثل لبنان تضم 18 طائفة.
وأشار إلى أن سعد الحريرى يقدم أيضا أفضل تمثيل للبنان أمام دول العالم أجمع ، وهو الرجل المناسب فى المكان المناسب ، لافتا إلى أن المشروعات التنموية التى تقدمها الإمارات يتم تنسيقها مع رئيس الوزراء.
عون
وأعرب سفير الإمارات عن تطلعه أن يتم إنجاز تشكيل الحكومة اللبنانية فى القريب العاجل لتعطى للبنان الشرعية والمصداقية أمام دول العالم ، وبما يعود بالخير على الاقتصاد اللبنانى والمجتمع بأكمله.
توقعات بتحرك فرنسى
وقد كشفت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية عن وجود مشروع لدى فرنسا للتحرك إزاء حل أزمة لبنان المتمثلة فى عدم تشكيل الحكومة حتى الآن، فى ظل خلافات وتباينات سياسية شديدة بين القوى والتيارات والأحزاب السياسية اللبنانية، خاصة وأن فرنسا تبدى اهتماما شديدا بلبنان فى هذه المرحلة التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أن هناك 3 أفكار رئيسية مطروحة أمام الرئيس الفرنسى ماكرون، الذى أرجأ زيارة كانت مرتقبة للبنان بسبب مواقف لبنانية لا تلتزم بسياسة "النأى بالنفس" عن الخلافات والصراعات العربية والإقليمية، وهى السياسة التى حصل التفاهم عليها بين فرنسا ولبنان أثناء زيارة الرئيس اللبنانى ميشال عون إلى باريس.
وأوضحت الصحيفة أن الأفكار الفرنسية تتلخص فى إطار دعوة باريس للأطراف طرافا اللبنانية إلى لقاء حوارى على طريقة مؤتمر (سان كلو) الذى انعقد منذ سنوات، أو أن توفد فرنسا مسئولا فرنسيا رفيع المستوى (على مستوى وزارى أو موفد رئاسي) إلى لبنان للاطلاع على الأوضاع فيها وإجراء مشاورات مع مختلف القيادات بلا استثناء لحضها على إخراج لبنان من أزمته الحالية وتشكيل الحكومة، حتى يستطيع المشاركة فى مؤتمرات ستعقد فى الخارج وسيطرح فيها مصير المنطقة.
أما الفكرة الأخرى فهى تتمثل فى زيارة "ماكرون" إلى لبنان، لعلها تشكل "صدمة إيجابية" للخروج من العقد ومن ثم تشكيل الحكومة اللبنانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفكرتين الأولى والثالثة، تلقيان معارضة، إذ أن الإدارة الفرنسية، وتحديدا وزارتى الخارجية والدفاع، لا تعتقدان باستعداد الأطراف اللبنانية للتجاوب، سواء مع دعوة فرنسا إلى الحوار، أو فى أن ضغط ماكرون خلال زيارته للبنان سيلقى تأثيرات مناسبة، ومن ثم فإن الاتصالات تركز على الفكرة الثانية المتمثلة فى أن يقوم موفد فرنسى رفيع المستوى بزيارة إلى لبنان.
وأكدت الصحيفة أن هذا التحرك الفرنسى المرتقب، توصلت إليه باريس بعدما رأت أن النزاع الروسى – الأمريكى فى سوريا، بدأ يأخذ أبعادا أكثر مما يفترض، وتوقف فرنسا عند تحرك روسيا فى اتجاه لبنان، مشيرة إلى أن التوجه الفرنسى لا يزال محل نقاش ولم يتم اتخاذ قرار نهائى فى شأنه حتى الآن.
لماذا تأخر تشكيل الحكومة
ومن جانبه دعا سمير جعجع جميع رئيس حزب "القوات اللبنانية" جميع الفرقاء ليكونوا متعاونين لولادة الحكومة، قائلا "لا اريد ذكر أسماء المعرقلين وسنعمل كل يوم لتوسيع مروحة التحالفات اللبنانية، ونعم صار بدا حكومة ولكن ليس حكومة عوجاء.
وعن أسباب تأخر تشكيل الحكومة يرى المراقبون السياسيون أن هناك مشكلة داخلية حقيقية تتعلق بالأحجام والأوزان والصلاحيات. الفريق الذي ربح في الانتخابات، تحديدا التيار الوطني الحر، يعتبر أن هذه اللحظة مناسبة لوضع قيود وشروط على رئيس الحكومة والمطالبة بعدد من الوزراء أكثر مما يحق له".
أما الطرف الثاني الذي خسر نسبيا الانتخابات (ويمثله الحريري) يستفيد من الضغط الممارسة عليه ليقول للشارع عنده إنه لا يزال متمسكا بالصلاحيات التي أقرها اتفاق الطائف لرئيس الوزراء، وبالتالي يعود لاستعادة شعبية خسرها في الانتخابات".
وكانت نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو أسفرت عن تقدم لحزب الله وحلفائه السياسيين ومن بينهم التيار الوطني الحر وحركة أمل. وبالمقابل كان تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري أبرز الخاسرين وحقق حزب القوات اللبنانية المناهض لحزب الله انتصارا كبيرا بمضاعفة عدد مقاعده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة