لا تزال تداعيات الحديث عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى تلقى بظلالها على كافة القطاعات فى المملكة المتحدة، فتارة يتأثر الاقتصاد، وتارة أخرى تتأثر قطاعات فكرية لطالما كان التميز فيها للندن.
واهتمت صحيفة "الأوبزرفر" بتسليط الضوء على تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى على صناعة الموسيقى البريطانية، وقالت إن هذا القطاع سجل العام الماضي مبيعات قياسية حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 10.6٪ ، ونما قطاع الإبداع الذي بلغت تكلفته 92 مليار جنيه أى بما يساوى ضعف معدل الاقتصاد الوطني ، وأصبح ايد شيران، الذى كان ينام فى الشارع، نجم البوب الأكثر مبيعاً في العالم.
ومع ذلك ،يهيمن الخوف على هذه الصناعة بشأن تأثرها بالخروج من الاتحاد الأوروبى، حيث يخشى البعض أن يؤدي "البريكست" إلى تحطيم هذا النجاح وإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالنفوذ والإنتاج الثقافي البريطاني.
و في رسالة مفتوحة إلى رئيسة الوزراء، تيريزا ماى يوم الأحد ، والتي أشرف على كتابتها بوب جيلدوف ودعمها عشرات من كبار فنانى البوب والروك والفنانين الكلاسيكيين ،طالب العاملون فى هذا القطاع بإعادة التفكير بشكل طارئ فيما يمكن أن يحدثه البريكست.
وحذر الخطاب ""نحن على وشك ارتكاب خطأ فادح فيما يتعلق بصناعتنا العملاقة لاسيما مع وجود كم هائل من العبقرية غير المكتشفة التي تعيش في هذه الجزيرة الصغيرة". وتوقع الفنانون أن يتم "إسكات" صوت الموسيقى الهائل ومدى وصول الموسيقى البريطانية في "سجن ثقافي مبني ذاتيًا".
وقال أحد الموقعين ، المذيع والملحن الحائز على جائزة موسيقى الكورال هوارد غودال ، إنه يعتقد أن الوقت قد حان لوضع الجانب الدبلوماسي جانبا.
ومن ناحية أخرى ، وصف أحد كبار العلماء البريطانيين الحكومة بأنها "فوضوية تماما" لاسيما وإنه سيفقد مكانه كرئيس لمشاريع أوروبية كبرى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.
ويترأس البروفيسور بيتر كوفني ثلاثة مشاريع للاتحاد الأوروبي بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 15 مليون جنيه استرليني ، ويقول إن الأعمال المشابهة لعمله سوف تتعرض للخطر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خروج قبل مارس.
وقالت صحيفة "الإندبندنت" إن أبحاثه التى تهدف إلى إنشاء "نظام التنبؤ" الذي يمكنه التنبؤ بالأمراض ، يضم علماء يعملون في جميع أنحاء أوروبا ولكن يرأسهم أشخاص من جامعة كوليدج لندن.
في حين قالت الحكومة إنها ستمول العلماء البريطانيين المشاركين في المشاريع الأوروبية إذا خسروا الأموال بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، فإنها لم تعد بدعم مشاريع كاملة مع علماء بريطانيين.
ويمنح الاتحاد الأوروبي حالياً لمديري المشاريع البريطانيين ملايين اليوروهات لتوزيعها بين شركائهم ، ولكنه لن يفعل ذلك إذا خرجت المملكة المتحدة من التكتل الأوروبي.
وقال البروفسور كوفيني: "الشيء المهم غير الواضح هو أنه لا يوجد اتفاق من الحكومة هنا على مواصلة دعم المشاريع التي تقودها المملكة المتحدة". وأضاف: "وبالتالي فإن قيادة المشاريع - الكبيرة منها ذات النفوذ - ستكون في حالة من الفوضى".
توقعات بالتوصل لاتفاق "بريكست" قبل نهاية العام
ومن ناحية أخرى، قال رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك إنه من المتوقع أن يصل الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة إلى اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى (بريكست) قبل نهاية العام.
وأضاف توسك -وفق ما نقلته مجلة "بوليتيكو" فى نسختها الأوروبية- "لدى أمل، يقترب من اليقين، أنه فى النهاية سنتمكن من التوصل إلى اتفاق خروج وإعلان حول العلاقات المستقبلية التى ستكون أفضل ما يمكن".
ومع توقع عقد قمة خاصة ببريكست يومى 17 و18 أكتوبر الجارى، قال توسك إنه يتوقع أن يمضى الجانبان قدما نحو اتفاق هذا الشهر "ما لم يتم
إنجازه بالفعل"، موضحا أنه "إذا ما اقتضت الحاجة، فسأدعو فى نوفمبر إلى جلسة للمجلس مخصصة لهذا الموضوع، واعتقد أنه قبل نهاية العام ستكون هناك فرصة للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق".
وتابع رئيس المجلس الأوروبى أيضا أن اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيسعى لضمان "أن تكون الخسائر فى كلا الجانبين محدودة".
وتعليقا على انتقاده بشأن سعيه لمعاقبة المملكة المتحدة من خلال محادثات بريكست، قال توسك: "ربما أكون من أكثر السياسيين المؤيدين للبريطانيين فى الاتحاد الأوروبى وسنفعل كل شىء من أجل أن يتم الأمر بطريقة منظمة لتجنب الفوضى".
لكنه أوضح أن هناك فرصة ضئيلة للتخلي عن بريكست، قائلا: "عقب عدة أشهر بعد الاستفتاء في بريطانيا العظمى، اعتقدت أنه من الممكن عكس هذا القرار. وبالطبع ليس هذا دوري، بل هو في أيدي الشعب البريطاني، لكن يبدو أن القرار لا رجعة فيه الآن".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة