القومية العربية مصطلح طالما يتم استخدامه من أجل حلم وطن عربى، مشترك فى الثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، وهو جدير بأن يكون وطنا واحدا قويا، وفى المنطقة العربية خرج الكثير من القادة والزعماء، من أجل المناداة بهذا الحلم، ولعل من أبرزهم الراحل جمال عبد الناصر.
لكن ربما يكون أول من حلم بذلك، وعمل من أجله، كان إبراهيم باشا نجل محمد على باشا، والى مصر العثمانى، ومؤسس حكم الأسرة العلوية فى البلاد، حيث تحل اليوم ذكرى إبراهيم باشا الـ170، إذ رحل فى 10 نوفمبر عام 1848، عن عمر ناهز حينها 59 عاما.
وبحسب كتاب "القومية و الديمقراطية والثورة" للكاتب عبد الكريم الحسنى، إننا نجد أول إرهاصات القومية العربية كانت فى بلاد الشام، بعد الحملة التى قام بها محمد على باشا، حينما تحدى الخلافة العثمانية، بقيادة نجله إبراهيم، والذى كادت تؤدى به إلى خلافة العرب جميعهم، لولا التدخل الأوروبى الذى تبع ذلك، ومن محمد على من تحقيق أهدافه.
ويوضح كتاب "دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربى" للدكتور أحمد سعيد نوفل، فإن المصادر التاريخية تصدر أن إبراهيم باشا خلال وجوده بالشام، كان يجاهرعلنا بأنه ينوى إحياء القومية العربية وإعطاء العرب حقوقهم، وأنه من خلال مخاطبتهم لجنوده، كان يذكرهم بمآثر الأمتين العربية والإسلامية ومجدهم القديم، رغم أنه من أصول ألبانية، وهذا ما يفسر سهولة فتح سوريا من قبل حملة إبراهيم باشا المصرية، وترحيب الأهالى بهم لاعتقادهم بأن الفتح المصرى سيؤدى إلى تحرير العرب.
ويذكر كتاب "عصر محمد على" لعبد الرحمن الرفاعى، ما نقله عن البارون لبو الكونت، بعدما تلقى عام 1823 إبراهيم باشا فى طرسوس بالأناضول، حيث قال عن هذا اللقاء: كان إبراهيم باشا يجاهر علنا بأنه ينوى إحياء القومية العربية، وإعطاء العرب حقوقهم وإسناد المناصب إليهم سواء فى الإدارة أو الجيش، وأن يجعل منهم شعبا مستقلا ويشركهم فى إدارة الشئون المالية، ويعودهم سلطة الحكم كما يحتملون تكاليف.
وأكد الرفاعى أن هذه الأفكار كانت تتجلى فى منشوراته ومخاطباته لجنوده فى الحرب فى سوريا، فإنه كان يذكرهم بمفاخر الأمة العربية ومجدها القديم، ويتصل بهذا المعنى مجاهرته بأن كل البلدان العربية يجب أن تنضم تحت لواء أبيه، مشيرا إلى أنه فى صلاته مع أهل البلاد كان يستخدم اللغة العربية، ويعد نفسه عربيا.