يحيى فؤاد الشلقانى يكتب: موعد مع الرحيل 5

السبت، 17 نوفمبر 2018 04:00 م
يحيى فؤاد الشلقانى يكتب: موعد مع الرحيل  5 ورقة وقلم أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اتخذت قرارا بأن أتحدث إلى مدير القرية مستر محمد توفيق الذى قابلنى فى القاهرة عند أول إنترفيو فقد كان معجباً بشخصيتى، وهو من طلب منى أن أصبر وقتها وأتقبل هذا العمل مؤقتاً، ووعدنى بأنه سوف ينقلنى بعدها إلى وظيفة أفضل من وظيفة الاستيوارد فى أقرب فرصة تأتى.

 

وبالفعل استقر الرأى بى على أن أقابله لأطلب منه أن ينفذ وعده لى بنقلى للعمل خارج المطبخ على الأقل بالمطعم الرئيسى للقرية، حيث يعمل زملاء غرفة السكن  أو ربما فى أى مكان آخر خارج نطاق المطبخ.. فإن وافق فسوف أستمر بالعمل أما إذا رفض الأمر، فقد قررت عدم الاستمرار فى هذه الوظيفة التى تسببت فى سوء حالتى النفسية.

 

لكن مع الأسف كان سيادته فى إجازة خارج نطاق البحر الأحمر، وهكذا لم ترى عينى النوم لليوم الثالث على التوالى بسبب ما أعانيه من استفزاز قائدى فى العمل فهو دائماً يشعر بزهو حين يسخر من أفكارى ومظهرى المدنى الغريب بالنسبة له كشخص ريفى غير متحضر وغير مرن.. ومما زاد من شعورى بالاكتئاب هو تألم الزملاء بالقرية لحالى لأنى مغلوب على أمرى، وقد لاحظوا هبوط مؤشر الروح المعنوية لدى بعد الحماس والأمل فى بداية عملى.

 

أكتب إليكى أول خطاباتى وأسرد عليكى مأساة فى داخلى من صراع بين البقاء والاستمرار أو خيبة الأمل والرحيل فلمن أفضفض عما أشعر به إلا لسواكى.

 

وهكذا بمرور الأيام بدأت أتقبل الوضع وأنا مسلح بالصبر والصلاة والأمل.. وأتسابق أنا وزميل لى على اللحاق بالصلاة فى وقتها بالمسجد القريب من الفندق.. زميلى هذا اسمه أحمد حسين من حى الزيتون بالقاهرة ويعمل فى وظيفة ويتر أو ساقى فى مطعم القرية، يملك قلباً نقياً ناصع البياض فلا يحمل ضغينة أو حقدا لأحد يرضى بما قسمه الله له.. ونعم الرجال عمره 29 عاماً.. كان يعمل بنفس الوظيفة أيام حرب الخليج فى مطار الظهران بالمملكة العربية السعودية مع الجنود الأمريكان وعاد مع نهاية الأزمة الشريرة.. أما زملينا الآخر بالغرفة فهو سامح قبطى من حى الزيتون أيضاً لكن من عشرتى له اكتشفت أنه ذو خبث ومكر بعض الشىء.. سواء من أفعاله أو طريقة حديثه معنا .

 

لقد اشتقت إليكى حبيبتى وكنت أريد أن أسمع صوتك أكاد أموت غيظاً من عدم استطاعتى سماح صوتك أو حتى همسك أحياناً تمر الأوقات فى العمل فتكون مرحة وكوميدية.. فمثلا عندما أستأذن قائدى محمد الرفاعى للذهاب إلىWC  فيقول فى تلقائية اشتغل الأول وإبقى روحله وهو يجهل أنها دورة المياه فأضحك من قلبى وبعض الزملاء بالمطعم الواقفين صدفة فى هذه اللحظة فيزداد جنوناً فيبتكر لى أعمالا إضافية قاصداً تعذيبى لأنى أضحك عليه.. وهكذا نستمر فى المشاكسة كالقط والفأر طوال النوباتجية فى لقطات إما كوميدية أو استفزازية.

 

لاحقاً قمت بمشاركة فضفضة وسرد قصتنا على زميلى أحمد حسين وتعلقى بكى وأننى أتيت هنا طمعاً فى الوصول إلى مكانة مرموقة لأجلك.. وبعد أن انتهيت منها شعرت بالشفقة فى عينيه ثم استمعت إلى تلك الكلمات التى أعادت لى استخدام عقلى مرة أخرى وأخذت أفكر فى هذا الكلام بجدية فاكتشفت أننى كنت أعيش فى غيبوبة من المشاعر المرتبطة بالقلب وتتجاهل العقل ووجدت أن قصتنا لن تنتهى نهاية سعيدة ككل القصص التى سمعناها أو شاهدناها فى الأفلام و فى الروايات والقصص الرومانسية.

 

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة