فى الساعات الأولى التي دخلت فيها العقوبات الأمريكية المشددة على إيران حيز التنفيذ في إطار استراتيجية الرئيس الأمريكي المشددة حيال طهران لتقويض سلوكها في المنطقة وعرقلة تطوير برنامجها الصاروخي الباليستية، وتقليص دعمها لوكلائها وأزرعتها في المنطقة، تعمد قادة طهران تحدي الإدارة الامريكية، وأكد الرئيس الإيرانى حسن روحانى، علي أن "بلاده ستبيع النفط وستخرق العقوبات التى فرضت على قطاعى الطاقة والمصارف الإيرانيين، مشددا علي مواصلة بيع الذهب الاسود"، وبات السؤال هو: كيف ستحافظ إيران علي مستوى صادراتها النفطية الذي بلغ الاشهر الماضية اكثر من ٢ مليون برميل يوميا، في ظل عقوبات خانقة تستهدف تصفير عائد بيع النفط؟
رئیسجمهور #روحانی در نشست با مدیران و معاونین #وزارت_اقتصاد: در زمان #جنگ هم جلسات ما ساعت نمیشناخت، اکنون که در شرایط #جنگ_اقتصادی هستیم نیز شرایط همین است. pic.twitter.com/e9dL4ChaK6
— گِرا (@GeraaMedia) November 5, 2018
مناعة إيرانية ضد العقوبات
للإجابة علي السؤال ينبغي الرجوع للخلف قليلا، فعندما كانت طهران ترزح تحت وطأة عقوبات أممية ودولية بين اعوام ٢٠٠٦-٢٠١٥ جراء برنامجها النووى المثير للجدل، اكتسبت خبرة كبيرة في الالتفاف علي العقوبات عبر حيل وطرق عديدة، بعبارة أخرى أصبح لدى صانع القرار الإيرانى علي مدار هذه السنوات مناعة ضد العقوبات، وبرعت طهران في أساليب بيع نفطها، فليس سهلا علي اقتصاد يعتمد بشكل اساسي علي عائدات النفط، والغاز، وموازنة عامة مكونها الرئيسي ايرادات مبيعات الذهب الاسود (٥٠٪ الي ٦٠٪) ، أن تصل صادراتها منه صفرا لبلد يمتلك رابع أكبر احتياطيات للنفط في العالم وثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعى، وتعد ثالث أكبر منتج للنفط فى "أوبك" وينتج نحو 3.8 مليون برميل يوميا.
طرق إيران للالتفاف علي العقوبات
وتشير تقارير إلى عدم جدواها فى الالتفاف على العقوبات، ويرى مسؤولون أوروبيون، بأن هناك عقبات عدة، تحول دون تنفيذ الآلية الأوروبية الجديدة للتجارة مع إيران، للالتفاف على العقوبات، الأمر الذى قد تستغله طهران لممارسة مزيدا من الضغوط على شركاء الاتفاق النووى من الأوروبيين (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي والصين).
وتشكك طهران أيضافي جدوى هذه الآلية، وتسائلت صحيفة "افتاب يزد" في عددها الصادر أمس الأحد، حول إذا ما كانت الآلية الأوروبية ستساند إيران أمام العقوبات الأمريكية؟، وفى الاجابة نقلت الصحيفة عن سيد جلال ستاداتيان المحلل السياسى الدولى والدبلوماسى الإيرانى الأسبق، الذى استبعد امكانية تأثير هذه الآلية على العقوبات الأمريكية.. معتبرا أن الحل المؤثر هو حذف الدولار من التعاملات التجارية فى حال رغب الأوروبيين التصدى للعقوبات الأمريكية ومساعدة إيران، مشيرا إلى أن حذف الدولار سيشكل ضغطا حقيقا على الولايات المتحدة، وسيكون بمثابة هزيمة حقيقة لها.
بيع النفط في بورصة الطاقة
لجأت طهران إلى شركات القطاع الخاص، ذكر موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية أن إيران بدأت بيع النفط الخام لشركات خاصة من أجل تصديره في إطار استراتيجية لمواجهة العقوبات الأمريكية، وقال مسؤولون إن شركات تكرير النفط الخاصة لم يكن يسمح لها في وقت سابق بشراء النفط الخام إلا من أجل تصدير المنتجات النفطية، وقال موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية (شانا) بأن من بين 1 مليون برميل طرحت في بورصة الطاقة بيع 280 ألف برميل بسعر 74.85 دولار للبرميل.
ليست المرة الأولى التى تبيع فيها إيران نفطها عبر البورصة، فحسب صحيفة "ستاره صبح" الاصلاحية فى عددها يوم الإثنين 29 أكتوبر، فقد استخدمت هذه الطريقة فى عام 2011 وقالت انها تجربة إيجابية لم تكتمل لأسباب مختلفة، ومجددا قامت وزارة النفط الإيرانية بعرض مليون برميل نفط خام للمرة الأولى فى بورصة الطاقة، وتم بيع البرميل الواحد بـ 74 دولار و85 سنت، تم ايداع أمواله فى حساب شركة "الإيداع المركزية"، وفى نهاية اليوم، تم بيع نحو 280 ألف برميل نفط.
تخفيض سعر الخام لتشجيع المشتريين والمقايضة
ومن أجل بيع نفطها ستلجأ إيران لتشجيع المشترين على استيراد نفطها عبر تخفيض سعره، لإغراء المشترين، ووسائل أخرى من بينها المقايضة والتهريب وبيع النفط عبر وسطاء يقومون بشراءه محلياً ومن ثم يعيدون بيعه في الأسواق العالمية تحت ستار أنهم من القطاع الخاص الإيرانى وليسوا تابعين للحكومة، من بين خطط إيران التى قد تعتمد عليها إيران للحفاظ على مستوى إنتاجها.
التهريب.. آخر أوراق طهران
وبرزت حيلة جديدة، سوف تعتمد عليها طهران، هى "طاقية الاخفاء" أى تخفى طهران ناقلات النفط في البحار، عبر اطفاء أجهزة الإرسال لإخفاء مسارها والنقطة الأخيرة لتسليم النفط ويغدو من الصعب تحديد موقعها، الأمر نفسه أيده صحيفة "أوراسيا ديلى" التى قالت إن إيران تحول أسطولها من ناقلات النفط إلى "ناقلات شبح" فى محاولة لتخليص مستوردى "الذهب الأسود" الإيراني من الضغط والعقوبات الأمريكية، وتقوم سفن شركة ناقلات النفط الوطنية بإطفاء المرسلات لإخفاء مسارها والنقطة الأخيرة لتسليم النفط.
احلال الاقتصاد المقاوم محل الاقتصاد النفطي
أكد المرشد الأعلى الإيرانى المتربع فوق قمة هرم السلطة فى إيران، على إيجاد بدائل وطرق جديدة لإجهاض تأثير هذه الحزمة من العقوبات المؤلمة بالنسبة لطهران، وأصدر تعليمات ضمنية بالإبتعاد عن الاقتصاد النفطى واللجوء للاقتصاد المقاوم المعتمد على مبيعات النفط، فى كلمة له فى 18 اكتوبر الماضى، الأمر الذى نظر إليه داخل طهران لإحياء نظرية أو خطة الاقتصاد المقاوم، التى طرحها المرشد قبل 4 أعوام فى عام 2014، واستخدامها كسلاح فى مواجهة العقوبات بغض النظر عن مدى فعاليتها فى مواجهة العقوبات المشددة الأمريكية والضغوط الاقتصادية.
وتقوم خطة الاقتصاد المقاوم على عدة أسس وهى: تحريك الإنتاج المحلي، من أجل خلق فرص العمل، والإمتناع عن الاستيراد من الخارج وادخال سلع للبلاد تضعف من قدرة الانتاج الداخلى، وتقليل الاعتماد على دخل النفط فى الميزانية، وبالتوازى رفع الصادرات غير النفطية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة